نساء اليمن يشعلن ثورة الخدمات في عدن
ليس بمستغرب تطور موجة الاحتجاجات الشعبية في اليمن بتوالي انهيار الخدمات العامة في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية وفي مقدمها الكهرباء،
إلا أن الغريب والمفاجئ هذه المرة مبادرة النساء بالاحتجاج حصراً ليشاركن بالتعبير عن رفضهن واقع بلادهن الصعب بفعل 10 أعوام من الصراع الذي سببه الانقلاب الحوثي المدعوم من النظام الإيراني.
وتحت شعار "ثورة النسوان" شهدت ساحة العروض بالعاصمة الموقتة عدن (جنوب)، مساء اليوم السبت، تظاهرة نسائية تعبيراً عن الغضب المجتمعي جراء استمرار أزمة انقطاع التيار الكهربائي في عدن وتأثيرها في حياة السكان اليومية في ظل ارتفاع درجة الحرارة قبيل حلول الصيف والرطوبة العالية.
وعلى مدى الأيام الماضية دعت المنظمات جميع النساء في عدن إلى المشاركة الفاعلة في هذه التظاهرة لإيصال صوتهن والمطالبة بحقهن في الحصول على خدمة كهرباء مستقرة.
وقالت منظمة الفعالية صبرين جلال، إن فكرة "ثورة النسوان" جاءت من ضرورة ومعاناة يومية تكابدها النساء والرجال والأطفال على السواء جراء انقطاع التيار الكهربائي عن عدن.
وأكدت أن التظاهرة حق أصيل لكل النساء ليقلن كلمتهن ويسمعن صوتهن للسلطة الشرعية بعد أعوام من المحاولات والتظاهرات التي بذلها الرجال بلا جدوى.
نكمل ما بدأوه
عن المختلف في أمر التظاهر بين الجنسين وحصرها هذه المرة في النساء، أوضحت صبرين أن "صوت المرأة ثورة وليس عورة كما يدعي البعض ومن حقنا أن نقول كلمتنا وربما ننجح أفضل من إخوتنا الرجال الذين لم نقلل من دورهم وجهدهم على مدى الفترة الماضية، ونحن الآن في موقع المساند والمكمل لجهدهم".
وأبدت الناشطة جلال تفاؤلها بنتائج "الثورة النسائية" التي قالت إنها "ولدت من جلسة نسائية تم بلورتها في مجموعة واتساب نسائي بعدما اقترحت إحداهن أن أتولى التصدي للمهمة والإعلان عنها والحشد لها وها نحن نقول كلمتنا".
وتعاني عدن وعدد من المحافظات اليمنية الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً من انهيار شبه تام لخدمة الكهرباء بسبب العجر في توفير الوقود بعد منع الحوثيين الحكومة تصدير النفط والغاز من ميناءي التصدير في شبوة وحضرموت.
وتسبب هذا الانهيار باشتعال موجات احتجاج شعبية غاضبة شهدتها على فترات متقطعة عدن وعدد من المحافظات في حين تبدو المساعي الحكومية عاجزة عن فرض حلول ملموسة لهذا القطاع الحيوي قبيل حلول الصيف.
رفض تسييس
وتتوقع جلال أن ينتج من غضبتهن اليوم شيء من الحلول والمعالجات "وإذ لم يحدث فمن المؤكد أننا سنصعد من احتجاجنا ورفع أصواتنا حتى تستجيب الحكومة وتقوم بواجباتها تجاه شعبها".
ومع عجز الدولة عن الإيفاء بتلك الواجبات تقول، إن هذا يتطلب مكاشفة جماهيرية وليس صمت مطبق مع غياب تام للحلول "فالدولة التي تصارح شعبها تحمله شيئاً من المسؤولية، ولكن الصمت فشل وفساد".
ومع ما سبق الفعالية من توجس أبدته بعض القوى السياسية في عدن ممثلة بالمجلس الانتقالي الجنوبي الذي يشارك في الحكومة الشرعية ويتبنى خيار "مشروع استعادة الدولة الجنوبية" التي توحدت مع الشمال اليمني 1990،
تشير إلى أن الفعالية "خالية من النزعات السياسية، ولن نسمح لأي طرف أن يأخذ لقطة هذه الثورة لمصلحته".
واليوم عاد محافظ عدن أحمد حامد لملس إلى المدينة الساحلية قادماً من دولة الإمارات، وذلك قبيل ساعات من انطلاق فعاليات حراك نسوي واسع النطاق، أطلقت عليه ناشطات اسم "ثورة النسوان" في عدن.
وترجع الحكومة اليمنية كل تلك التبعات الصعبة لتكبدها خسائر اقتصادية تقدر بنحو ملياري دولار جراء توقف تصدير النفط الخام عقب استهداف جماعة الحوثي موانئ نفطية جنوب وشرق البلاد أواخر عام 2022.
وعقب سلسلة مشاورات أممية للسماح بالتصدير، اشترطت الميليشيات المدعومة من إيران حصولها على نصيب الأسد من عائدات النفط، وهو ما رفضته الحكومة مما يحول دون إعادة التصدير، ومن ثم حرمان اليمنيين من دخلهم القومي الرئيس،
إضافة إلى تكبد الحكومة شراء المشتقات النفطية الخاصة بالتشغيل التي يستهلك منها مئات الملايين من الدولارات شهرياً في ظل عجزها المالي، كما يوجد في البلاد بنكان مركزيان متنافسان أحدهما خاضع للحكومة المعترف بها في عدن والآخر لجماعة الحوثي في صنعاء.
ويرى متخصصون اقتصاديون أن الحلول الممكنة لمعالجة مشكلات الكهرباء إلى سلسلة من المعالجات منها تصدير النفط والغاز وتنمية الموارد المحلية وضبط عملية الإنفاق وتقليص المدفوعات الخارجية،
إضافة إلى ضرورة تفعيل أدوات السياسة النقدية للبنك المركزي والسيطرة على سوق الصرف.
توفيق الشنواح
صحافي يمني
