
تصعيد حوثي ضد قيادات حزب "المؤتمر" في صنعاء
يبدو أن حزب "المؤتمر الشعبي - جناح صنعاء" يتعرض لمضايقات متزايدة من الحوثيين الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء، على رغم أن الظاهر للمراقبين أنهما شريكا حكم سياسي، فإن الأحداث المتوالية تكشف عن خلافات خامدة بين الجماعة والحزب.
ومساء أمس الأربعاء اعتقلت جماعة الحوثي 12 قيادياً من حزب "المؤتمر الشعبي - جناح صنعاء" من بينهم الأمين العام غازي الأحول واقتادتهم إلى أماكن احتجاز لم تكشف عنها، ونقلت عدداً منهم إلى مقر الاستخبارات الحوثية بصنعاء.
وفرض الحوثيون حصاراً على منزل رئيس الحزب صادق أبو راس بعد يوم واحد من إصدار بيان أعلن فيه الحزب إلغاء أية فعاليات للاحتفال بالذكرى الـ43 لتأسيس الحزب الذي أنشئ في الـ24 من أغسطس (آب) 1982.
نيات اجتثاث جديدة
ومطلع أغسطس الجاري أرسلت السلطة الحوثية حملة أمنية استهدفت اجتماعاً للأمانة العامة للحزب في معهد الميثاق، وأصدرت محكمة عسكرية تابعة للجماعة حكماً بالإعدام في حق أحمد علي عبدالله صالح الذي يشغل النائب الثاني لزعيم حزب المؤتمر في صنعاء، على رغم أنه يقيم خارج اليمن.
يبرز الخطاب الحوثي المعادي لمن بقي من شركائه في الحزب وقادته من خلال شن حملات إعلامية موجهة ضده مع تكرار اتهامه بـ"الخيانة وتنفيذ المؤامرات الصهيونية" منها ما عبر عنه الإعلامي الحوثي يحيى الحطوري بقوله "تستحقون سيف الحجاج لا عفو علي"، في إشارة إلى انتهاج قوة شبيهة بما فعلته الجماعة بشركائها من قبل.
في ديسمبر (كانون الأول) 2017 انتفض ضد الرئيس السابق علي عبدالله صالح مؤسس وزعيم الحزب ضد الجماعة، فباشروا بالهجوم عليه وقتله هو والأمين العام للحزب عارف الزوكا وعشرات القادة من حزب "المؤتمر"،
وعلى رغم ذلك رضخت قيادات من الحزب للبقاء في صنعاء والعمل بصورة يراها مراقبون "شكلية" تحت سلطة الجماعة التي تتحكم بكل مفاصل الدولة.
إضافة إلى ما قاله عضو المكتب السياسي للحوثيين عبدالله النعيمي إن "لدى استخبارات صنعاء معلومات عن مؤامرة أميركية لتحريك الشارع بصنعاء في ذكرى تأسيس ’المؤتمر‘ في الـ24 من أغسطس،
وفي ذكرى ثورة الـ26 من سبتمبر (أيلول) 1962 ضد حكم الأئمة الزيدية".
تهديد مباشر
وعلى رغم أن الحزب ألغى احتفالات ذكرى تأسيسه، تحت مبرر التضامن مع غزة، يرى مراقبون أن القرار جاء تحت تهديد مباشر من الحوثيين تزامناً مع فرض الجماعة قيوداً أمنية مشددة ضد قادة التيار السياسي الذي حكم اليمن نحو 30 عاماً،
فيما اعتبرها آخرون بمثابة إعلان حرب ضد الحزب في كل مناطق سيطرة الحوثيين وتبديد ما تبقى من شراكة سياسية.
واعتبر المراقبون الإجراء الحوثي تصعيداً جديداً ربما يعيد تحريك كرة ثلج الخلافات بين الطرفين بعدما دفعتها الخلافات نحو اصطدام وشيك في مسعى حوثي جديد إلى التفرد تماماً بمقاليد السلطة في العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها،
وهو ما جرت قراءته في سياق محاولات الجماعة اجتثاث ما بقي من شركائهم في "المؤتمر" وفض عرى "زواج المصلحة" الذي جمع الطرفين عام 2014.
وشكل الحوثيون وحزب "المؤتمر" كياناً تشاركياً أطلق عليه "حكومة الإنقاذ الوطني"، ضد الرئيس الجنوبي السابق عبدربه منصور هادي في الثاني من أكتوبر (تشرين الأول) 2016، وشمل عدداً من الوزراء المنتمين للحزب بلا صلاحيات حقيقية،
وكانوا بحسب مراقبين، واجهة شكلية لـ"الشراكة الوطنية" في مسعى إلى إضفاء شرعية على السياسات الحوثية المستمدة من النظام الإيراني.
وركزت "حكومة الإنقاذ الوطني" الصلاحيات المدنية والعسكرية كافة في قبضة قادة الحوثيين المرتبطين مباشرة بزعيم الجماعة عبدالملك الحوثي وفي طليعتها مؤسستا الرئاسة والمجلس السياسي (أعلى هيئة إدارية تشاركية)، إضافة إلى الجيش والاستخبارات.
وعزز من هواجس السعي الحوثي إلى اجتثاث "المؤتمر" عقب اختطاف الأحول، ما روجت له الجماعة حول فكرة "حل الأحزاب السياسية" والاستفراد بمرجعية زعيمها في حكم المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثي.
و"المؤتمر الشعبي" هو أحد أكبر الأحزاب اليمنية، أُسس بقيادة علي عبدالله صالح وعبدالله بن حسين الأحمر خلال الـ24 من أغسطس 1982 وسيطر على الحياة السياسية اليمنية رسمياً حتى عام 2011،
إذ كان يفوز في جميع الانتخابات ويشكل زعيمه صالح الحكومة ويضم خليطاً من التيارات القبلية والعسكرية والتجارية وذوي النفوذ، بينما كان يفتقد أيديولوجيا وبرنامجاً سياسياً واضحاً.
استنكار حكومي
من جانبها، استنكرت الحكومة الشرعية، المعترف بها دولياً التي تتخذ من عدن مقراً لها، على لسان وزير الإعلام معمر الإرياني ما وصفه "الفعل الإجرامي القبيح الذي قامت به ميليشيات الحوثي الإرهابية في صنعاء من خلال اختطاف أمين عام ’المؤتمر‘ ومرافقيه واقتيادهم إلى جهة مجهولة بمن فيهم 12 قيادياً آخرين لم تُعرف أسماؤهم بعد وحصار منزل الشيخ صادق أمين أبو راس".
وقال الإرياني في منشور له على حسابه الرسمي على منصة "إكس" إن ما يجري يأتي في سياق "حملة استهداف متصاعدة لقيادات ’المؤتمر الشعبي العام‘ على رغم ما أبداه الحزب في صنعاء من حرص على تجنب الصدام وإبداء المرونة،
حتى وصل الأمر إلى إلغاء فعاليات الاحتفاء بذكرى التأسيس حتى عبر وسائل الإعلام".
وأضاف الإرياني أن "هذا التصرف يؤكد أن المطلوب بالنسبة إلى الميليشيات لم يعد مجرد تحجيم المؤتمر أو الحد من جماهيريته، بل محوه من المشهد السياسي بالكامل".
واستطرد مسؤول الحكومة الشرعية "إن ما يجري اليوم يوجه رسالة واضحة، أنه لا شراكة ولا تعايش مع ميليشيات الحوثي، لا لحلفائها ولا لخصومها، إنها رسالة تهديد إلى كل القوى السياسية والاجتماعية في مناطق سيطرتها".
توفيق الشنواح
صحافي يمني