حوار مع صديقي الصحفي (19)
.. وزارة الدكاكين ..
قال صديقي الصحفي والإعلامي المتميز.. مالي اراك مهموما حزينا ؟ قلت له يا صديقي العزيز.. من منا ليس مهموما وحزينا هذه الأيام فقد بدأ العام الدراسي الجديد وانت تعرف التزاماته الكبيرة من الرسوم الدراسية وقيمة الكتب والزي المدرسي والمستلزمات المدرسية في ظل وضع صعب على المواطن المسكين والمغلوب على أمره ولاشك أن هذا الأمر يشكل هما كبيرا وخاصة في المدارس الخاصة ؟ ..
قال صديقي الصحفي والإعلامي المتميز.. وانت لماذا لاتسجل ابناءك في مدارس حكومية من أجل تخفيف الالتزامات ؟ ..
قلت له يا صديقي العزيز.. المدارس الحكومية انهارت وأصبح التعليم فيها سيئا إلى درجة لايمكن تصورها
إضافة إلى أنها مكتضة بالطلاب ولم نعد نشهد اي توسع في انشاء مدارس جديدة والتعليم صفر والمباني تحت الصفر
وأصبحت المدارس الخاصة هي الحل في هذا الجانب رغم رسومها الباهضة التي تثقل كاهل أولياء الأمور وتجعلهم يعجزون عن توفيرها حيث تحولت الرسوم فيها كالفنادق بحسب النجوم فمنها خمسة نجوم واربعة نجوم وثلاثة نجوم أما بعضها فهو عشرة نجوم وهذه فقط مخصصة لاولاد المسئولين والتجار والمشرفين القادرين على دفع رسومها
كما ان المدارس الخاصة تعبث كيفما تشاء بقرارات وزارة التربية والتعليم وتتحداها ولاتلتزم بها سواء من حيث الرسوم أو قيمة الكتب المدرسية أو غيرها لأن هناك سر خفي وراء ذلك التحدي يعلمه الراسخون في الكذب والفساد والقربعة ..
قال صديقي الصحفي والإعلامي المتميز.. التعليم في بلادنا فعلا يمثل كارثة بل ام الكوارث فالتعليم يعاني أشد المعاناة وللأسف فإن الكل يصم أذنيه ويغلق عينيه عما يجري فهل الأمر مقصود لاستمرار مسلسل التدمير أم أن الوضع التعليمي خارج نطاق السيطرة وفي ايدي لوبيات فساد تعبث به كيفما تشاء؟..
قلت له يا صديقي العزيز.. كلام صحيح وفي محله والكل فعلا يهرب من الواقع إلى الكذب على الناس فالمدارس والجامعات والمعاهد العليا أصبحت مجرد دكاكين للبيع والشراء ولاتتوفر فيها أبسط المعايير من كافة النواحي
ولو أن ذلك الجيش العرمرمي من المسئولين الذين شاهدناهم في زيارات تدشين العام الدراسي الجديد سواء في العاصمة صنعاء أو في مختلف المحافظات لديهم ذرة من خجل أو احساس أو مسئولية تجاه المواطن المسكين والمغلوب على أمره والبلد لكانوا تسابقوا على تطوير وتحسين التعليم لكنهم فعلا بعيد كل البعد عن مصلحة الوطن والمواطن..
قال صديقي الصحفي والإعلامي المتميز.. هل يعلم هؤلاء أن المدارس الحكومية تلزم الطلاب بشراء المناهج من السوق السوداء وبمبالغ باهضة؟
وهل يعلمون ان مطابع الكتاب المدرسي تحولت إلى قطاع خاص حيث تقوم ببيع المناهج الدراسية للمدارس الخاصة وتجار السوق السوداء الذين ينتشرون في الشوارع يبيعون الكتب على الارصفة جهارا نهارا وبتصريح من وزارة التربية والتعليم ؟
وهل يعلمون كيف يعاني الطلاب والطالبات وأولياء أمورهم من عبث المدارس الحكومية والخاصة التي تحولت إلى مدارس للجبايات فقط وتفرض رسوم سياحية يعجز الكثير عن توفيرها
وان المدارس الخاصة عبارة عن دكاكين لا تتوفر فيها أبسط المعايير وانها تذبح المواطن من الوريد إلى الوريد بحجة أنها تدفع نصف هذه المبالغ للدولة ضرائب ورسوم لوزارة التربية وهيئة الزكاة والمجالس المحلية وصناديق أخرى بعضها ظاهر والبعض الآخر خفي وأن هذه المدارس خارج نطاق سيطرة الوزارة ؟
وهل يعلمون أن الشوارع تمتلئ بعشرات الآلاف من المتسربين من التعليم وان تعليمهم الرديء والسيء أنتج أجيال شوارع وبلاطجة وانهيار أخلاقي وقيمي غير مسبوق وأجيال الشيشة وأجيال الدراجات النارية وباختصار جيل ضائع ومستقبل مجهول؟
وهل يعلمون ان المعلم الذي يتشدقون به لا يمتلك حتى بدل مواصلات للحضور إلى المدرسة ولايمتلك قوت يومه ولا ايجار المنزل ولا مرتب يصرف على نفسه وأسرته وانه أيضا لم يعد يخضع لأي عملية تدريبية وتاهيلية لمواكبة التطورات في مجال التعليم ؟
وهل يعلم هؤلاء الذين شاهدناهم يتسابقون على الظهور الإعلامي والتصوير أن التربية والتعليم في بلادنا تحتاج إلى معالجة شاملة لمنظومة التعليم ابتداء من المنهج المدرسي إلى المعلم إلى الإدارة المدرسية إلى المبنى المدرسي
وايضا دور المجتمع المحلي في العملية التعليمية والتربوية ام ان التعليم سيبقى مجرد دكاكين للبيع والشراء فقط ؟..
قلت له يا صديقي العزيز.. مؤسف أن يتحول التعليم عندنا إلى مجرد تجارة عبر دكاكين تشرف عليها ماتسمى وزارة التربية والتعليم والبحث العلمي والتي جمعت فيها ثلاث وزارات في أكبر كارثة سيكون أثرها على الأجيال القادمة
وهذا يؤكد أن الدولة والحكومة لايهمها امر التعليم الذي ينهار يوما بعد يوم
وهذا الانهيار سيكون له آثارا خطيرة على بلدنا لان التعليم أساس رقي الأمم والشعوب وتطورها ونحن نشاهد كيف تطورت الأمم والبلدان ونهضت بالعلم ونحن مازلنا وسنظل في آخر السلم لان التعليم عندنا دكاكين ..
قال صديقي الصحفي والإعلامي المتميز.. فعلا كما قلت ان التعليم سبب تطور الشعوب والأمم بينما نحن ندمره فهل من يسمع ويعي ويفهم ؟
ام أن الأمر مقصود ومتعمد وممنهج؟ ..
قلت له يا صديقي العزيز.. مايحدث في بلدنا امر مؤسف ومؤلم والكل يتفرج وكأن الأمر لايعنيهم ابدا لامن قريب ولا من بعيد ..
قال صديقي الصحفي والإعلامي المتميز.. والان ماذا ستعمل بشأن ابناءك عبد الله وأمة الله وعلي وفاطمة وهل ستقوم بتسجيلهم في مدارس حكومية أو خاصة ؟ ..
قلت له يا صديقي العزيز.. انا بين رمضاء المدارس الحكومية من حيث سوءها ونار المدارس الخاصة من حيث رسومها وهذه ليست مشكلتي انا فقط بل انها مشكلة كافة أولياء الأمور الذين يتعذبون في ظل حكومة كراتين تكذب علينا بأنها تهتم بالتعليم وانه يمثل أولوية بينما الواقع شيء آخر ..
انا وصديقي الصحفي والإعلامي المتميز نتمنى أن تصل رسالتنا إلى من يهمه الأمر ليكون تطوير وتحسين التعليم أولوية من خلال رؤية استراتيجية وطنية حقيقية كي ننهض بوطننا وشعبنا لان التعليم أساس رقي الأمم والشعوب وتطورها ونتمنى أن لا يبقى التعليم في بلادنا مجرد دكاكين تديرها حكومة الكراتين .. فهل وصلت الرسالة ام أن الأمر سيبقى كما هو؟..