اليمن: ماذا بعد الهدنة الثالثة؟
مضت هدنتان منذ 2 نيسان 2022 ولم يتحقق خلالهما ما كان يأمله الشعب اليمني بعد حروب داخلية وخارجية وحصار دام سبع سنوات ونيف.
الجوانب الإنسانية والاقتصادية لم يتحقق منها شيء خلال الهدنتين السابقتين سوى رحلات حصرية من مطار صنعاء إلى مطار علياء الدولي بعمان باستثناء رحلة واحدة إلى مطار القاهرة.
لم يتم التعاطي الجاد مع ملف الاسرى خلال الهدنتين السابقتين مع أن هذا الملف كان في مقدمة الاتفاق على الهدنة.
لم تفتح الطرقات وتُزل الحواجز أمام المسافرين داخل المحافظات اليمنية وخاصة تعز؟
لم يتم السماح لسفن النفط بدخول ميناء الحديدة بشكل اعتيادي وسلس بل ظل الوضع على ما هو عليه قبل الهدنة؟
لم تعالج مشكلة قطع المرتبات ولا حتى بحدها الأدنى بما من شأنه تخفيف معاناة الشعب منذ سبع سنوات؟
حرصت الأطراف الداخلية والخارجية أن تكون هي المستفيدة الأولى من الهدنتين السابقتين دون مراعاة لعامة مصالح الشعب اليمني.
الهدنة المجددة في نسختها الثالثة هل تأتي بجديد؟
أكد المبعوث الاممي إلى اليمن هانس غروندبرغ موافقة أطراف النزاع على تمديد الهدنة لشهرين اضافيين حتى 2 من تشرين الاول 2022 وأنه سيكثف جهوده لدى الطرفين للتوصل في أقرب وقت ممكن الى اتفاق هدنة موسع، وأضاف أن الهدنة الموسعة تتيح المجال للتوصل إلى اتفاق على آلية صرف شفافة لسداد المرتبات وكذا فتح الطرق في تعز ومحافظات أخرى، وتسيير المزيد من وجهات السفر من وإلى مطار صنعاء وتوفير الوقود وانتظام تدفقه عبر موانئ الحديدة، ورحب الطرفان بالاتفاق.
إذن التمديد هو للحوار لكي نصل إلى تحقيق ما أكده المبعوث ويقع على عاتق الطرفين المحليين ومن يقف خلفهم من الأطراف الاقليمية والدولية المسؤولية ورعاية الأمم المتحدة.
وإن أردنا أن نمضي إلى الأمام فإن ذلك يتطلب من الجميع الآتي:
مفاوضات عميقة وجادة وسريعة للتوصل إلى هدنة موسعة لتحقيق ما أكده المبعوث ووافق عليه الطرفان.
تسريع تنفيذ الجوانب الإنسانية فيما يخص ملف الأسرى الذي طال التفاوض حوله دون الخروج بنتيجة منذ خمسة أشهر.
ابتعاد المفاوضين عن المساومة التي كانت وما زالت وسيلة لدى الطرفين لإطالة أمد التفاوض بما من شأنه تحقيق مكاسب على الأرض تحسن من شروط التفاوض لكل طرف، وعلى حساب معاناة الشعب اليمني ودماء ابنائه.
اشراك المكونات الوطنية التي لم تكن طرفاً في المواجهات المسلحة في الحوار.
طرح المقترحات بشكل واضح وصريح بحيث تحقق في مجملها المصلحة الوطنية.
الاستفادة من المتغيرات الدولية والخروج بما من شأنه التوصل إلى توافق يحقق المصلحة الوطنية وليس مصالح الأطراف والدول التي حولت اليمن إلى ساحة لتصفية خلافاتها.
تقديم التنازلات لبعضنا البعض بما يسهم في تضييق دائرة الخلافات والتوصل إلى نقطة تلاقٍ وطني تشكل قاعدة صلبة لاتفاق شامل وإغلاق باب التدخلات الخارجية.
حان الوقت لتجاوز الخلافات وتقديم اعتذار من كل الأطراف للشعب اليمني وأفضل اعتذار له هو التوصل إلى توافق وإنهاء المعاناة الإنسانية والاقتصادية وعودة الدولة والقرار السيادي.
فهل يمتلك الجميع الشجاعة ويقدم على تلك الخطوات، الفرصة متاحة ولن تتكرر مرة ثانية كما هي اليوم لان المتغير الدولي يسمح بذلك نظراً لحاجته إلى يمن مستقر يمتلك قراره السيادي لبناء علاقة متكافئة قائمة على المصالح المشتركة وبما يحقق الأمن والسلم الدوليين.