لقاءات عربية - أميركية... هل تُوقف دعوة ترمب لـ«التهجير»؟
الرأي الثالث - وكالات
لقاءات عربية متواصلة مع الإدارة الأميركية الجديدة، بهدف بحث سبل حفظ حقوق الشعب الفلسطيني واستقرار المنطقة وإقرار السلام، في وقت يتمسك فيه الرئيس الأميركي دونالد ترمب بتهجير الفلسطينيين لمصر والأردن.
ووفق «الخارجية» المصرية، في بيان صحافي مساء الاثنين، فإن سفراء مصر والأردن والسعودية، ونائبي سفيري الإمارات وقطر، اجتمعوا مع مساعد وزير الخارجية الأميركي السفير تيموثي ليندر كينغ، ضمن سلسلة لقاءات منتظرة مع كبار مسؤولي الإدارة الأميركية ومجلس الأمن القومي و«الخارجية» الأميركية، بهدف نقل المواقف العربية وتكثيف التنسيق المشترك مع إدارة ترمب.
وتأتي التحركات العربية تنفيذاً لمخرجات الاجتماع العربي السداسي في القاهرة، الذي عقد قبل أيام، وأكد «رفض تهجير الفلسطينيين والعزم على العمل مع إدارة ترمب لإقرار السلام بالمنطقة»،
وستكون بحسب تصريحات رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية السفير محمد العرابي، «مفيدة للغاية في إقناع الإدارة الأميركية ببديل لخطة التهجير وفتح مسار للسلام، خصوصاً مع زيارات قريبة متوقعة للقادة العرب لواشنطن».
وترى الخبيرة الأميركية المختصة في الشؤون الاستراتيجية، إيرينا تسوكرمان ، أن التحركات «دفعة دبلوماسية حاسمة بهدف تحويل موقف واشنطن نحو نهج أكثر توازناً، والضغط نحو موقف أقوى بشأن المساعدات الإنسانية، واتفاق وقف إطلاق النار».
وبحسب «الخارجية»، فإن السفراء نقلوا رسالة خطية موجهة إلى وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، أعربوا فيها عن تطلعهم «للعمل مع الإدارة الأميركية الجديدة لدعم السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، واستئناف جهود التوصل إلى حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية، وفقاً لمقررات الشرعية الدولية».
ويعد ذلك التحرك تنفيذاً لتوافق بشأن مخرجات «اجتماع عقد على المستوى الوزاري بالقاهرة في 1 فبراير (شباط) الحالي، وانتهى لمساندة الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على خطوط 4 يونيو (حزيران) لعام 1967 ورفض التهجير».
ومنذ 25 يناير (كانون الثاني) الماضي، كرر ترمب أكثر من مرة اقتراحاً بنقل فلسطينيين لمصر والأردن، تلاه أسبوع من الرفض من القاهرة وعمان على مستوى الرئاسة و«الخارجية»، وخروج فعاليات شعبية رافضة أمام معبر رفح الجمعة الماضي، بخلاف اتصالين هاتفيين منفصلين أجراهما الرئيس الأميركي مع نظيريه المصري والأردني، تطرقا لتعزيز التعاون.
وبحسب العرابي، فإن «ذلك التحرك العربي يأتي في توقيت يحمل قدراً كبيراً من الأهمية، خصوصاً أنه متزامن مع زيارة يجريها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وسيعمل على تثبيت الموقف العربي ووأد أي اتفاقات إسرائيلية أميركية جديدة»،
مضيفاً: «اللقاءات قد تنجح في التركيز على سبل إيجاد سلام بالمنطقة، وليس وقف محاولات التهجير فقط، باعتبار تلك المحاولات مهددة لأميركا وليس الشرق الأوسط فقط».
بينما ترى تسوكرمان أن اللقاءات المباشرة مع صناع السياسات الأميركيين تشير إلى جهد دبلوماسي متضافر للتأثير على السياسة الأميركية في ضوء الموقف الحازم الذي اتخذه الاجتماع العربي السداسي ضد تهجير الفلسطينيين، بهدف ضمان استبعاد أي حلول مقترحة للتهجير القسري للفلسطينيين، وتحويل موقف واشنطن نحو نهج أكثر توازناً، الأمر الذي قد يضغط على إسرائيل للتفكير في حلول طويلة الأجل، مثل وقف إطلاق النار وتجديد مفاوضات السلام، بجانب إشراك الولايات المتحدة ضمن زخم دولي أوسع نحو حل عادل للقضية الفلسطينية.
وتنضم لتلك الجهود زيارة الملك عبد الله الثاني إلى واشنطن للقاء ترمب في 11 فبراير الحالي، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الأردنية الرسمية، بينما توقعت تقارير عربية زيارة مماثلة قد يجريها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قريباً، وهو ما لم تعلنه الرئاسة المصرية بعد.
وبالتوازي مع رفض سيناريو التهجير، تواصل الجهود العربية تقديم المساعدات الإغاثية لقطاع غزة. وحتى ظهر الثلاثاء، دخلت 229 شاحنة مساعدات إلى معبري العوجة وكرم أبو سالم عبر معبر رفح، تمهيداً لدخولها إلى قطاع غزة، من بينها 24 شاحنة وقود، وفق معلومات مصرية رسمية.
وبرأي العرابي، فتلك التحركات «تستطيع إقناع إدارة ترمب بوجود بدائل للتهجير وفتح مسار للسلام، خصوصاً أن هناك زيارات قريبة للقادة العرب للبيت الأبيض وسيُطرح الأمر أيضاً»،
متوقعاً أنه لحين حدوث ذلك ستظل هناك تباينات في المواقف الأميركية والعربية، والفيصل في حسمها ثبات الموقف العربي.
وتعتقد تسوكرمان أن التحركات العربية ستشمل ضغطاً على الولايات المتحدة، لاتخاذ موقف أقوى بشأن المساعدات الإنسانية، ومفاوضات اتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ تنفيذه في 19 يناير الماضي،
لافتة إلى أن المعارضة الجماعية من الحلفاء العرب الرئيسيين للتهجير والتمسك بحل الدولتين قد يجذبان انتباه ترمب، ويعززان التحرك الدبلوماسي العربي لإنتاج سيناريوهات بديلة، وتقديم حجج مضادة يتجاهلها مستشارو الرئيس الأميركي، والمساهمة في حلول وسط يمكن أن تؤخر التنفيذ.
ومن المرجح حسب تسوكرمان، أن تستمر الدول العربية في الدعوة إلى حل الدولتين، أو على الأقل إلى إطار يمنع النزوح القسري، مضيفة: «إذا ظلت واشنطن متمسكة بموقفها، فقد تعيد بعض الدول العربية ضبط علاقاتها مع الولايات المتحدة، وربما تسعى إلى إقامة علاقات أقوى مع قوى عالمية أخرى، وترمب لا يرغب في ذلك».