
نتنياهو إلى واشنطن: صفقة في غزة تمهيداً لمسار إقليمي شامل
الرأي الثالث - وكالات
يصل رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مساء غد الأحد، إلى واشنطن، في زيارة هي الثالثة من نوعها إلى الولايات المتحدة خلال ستّة أشهر،
غير أن هذه المرّة "يبدو الأمر مختلفاً" وفقاً لما أوردته صحيفة "معاريف"، اليوم السبت. فهي ليست رحلة أخرى لاستعراضات وديّة، أو إعلانٍ عن وحدة الحلفاء.
وراء الزيارة بحسب الصحيفة "يجثم هيكل مختلف تماماً: خطة أميركية مُحكمة التنظيم، ورئيس أميركيٌ حازم، وضغطٌ من جميع الجهات، لم نشهد له مثيلاً منذ زمنٍ طويل".
طبقاً للصحيفة فإن، الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في نسخته الرئاسية الحالية -العدوانية، الحازمة، والعفوية- قليل الصبر وهو من يُملي وتيرة الأمور.
ومع أنّ الإطار العام للصفقة هو نفسه تقريباً، مع تغييرات وتعديلات غير جوهرية، لكن الوضع ليس هو نفسه. وعلى هذه الخلفية يصل نتنياهو إلى البيت الأبيض مصحوباً برسائل تفاؤلية تسعى إلى تضييق الفجوة بين المنشود والقائم.
على جدول أعمال الزيارة صفقة لوقف إطلاق النار في غزة تمتد 60 يومياً، وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس على دفعات، وتجديد إدخال المساعدات الإنسانية، وربما البند الأهم في المقترح هو الانتقال إلى محادثات حول إنهاء الحرب،
فيما البند الأخير يتعلق برؤية ترامب حول الشروع في حوار سياسي إقليمي واسع، يتجاوز غزة.
وبحسب الصحيفة، فإن ترامب يُصر على كسب تأييد الجميع، وهو من يُحدد ما سيحدث أو لا يحدث؛ وقد حذّر في إحدى تغريداته: "لن يتحسن الوضع، بل سيزداد سوءاً".
وكما تضيف الصحيفة، فإن السؤال المركزي ليس "ما الذي يريده ترامب؟"، وإنما ما الذي بإمكان نتنياهو تحصيله وبأي انعكاسات على إسرائيل. فالصفقة المطروحة على الطاولة ليست بعيدة عن المقترحات التي نوقشت سابقاً.
وعلى الرغم من أنها غير مختلفة، فإن ما حرّكها هذه المرّة هو ترامب نفسه.
وتقول الصحيفة إن الرئيس الأميركي لم يكن هذه المرّة حاضراً في المقترح فحسب، بل يُصرّ -كعادته- على أن يكون في محوره. فقد التقى مبعوثوه بمسؤولين إسرائيليين، ونُقل اقتراح أميركي مُحكم الصياغة إلى القطريين.
ويُرافق الرئيس الحالي المفاوضات بتصريحات مكررة ومنشورات على شبكته "تروث سوشال".
وحسب الصحيفة، فقد حدد الأميركيون هدفاً واضحاً وهو المضي قدماً في الاتفاق حتى الوصول إلى نتيجة خلال زيارة نتنياهو، ما يعني تحقيق اختراقة أو على الأقل مسارا لا رجعة فيه، بالنسبة إلى مفاوضات الصفقة.
إلى جانب المقترح السياسي، يطرح ترامب أيضاً دعماً استراتيجياً. ففي الأيام الأخيرة، نوقشت اتفاقية أخرى للمساعدة العسكرية لإسرائيل، تشمل تسليحاً دقيقاً لمنظومات الدفاع الإسرائيلية وأخرى للهجمات العميقة.
والرسالة الأميركية خلف هذه المداولات "واضحة"؛ حيث يقول ترامب لإسرائيل: "إذا أبرمتم صفقة، سنضمن الأمن، وإن لم تُبرموها، فسنلجأ إلى أساليب أخرى".
نتنياهو وصراع البقاء السياسي
على الرغم من أن نتنياهو عمد إلى إحباط الصفقات السابقة، يبدو هذه المرة "معنياً بها" وفق الصحيفة. والسبب أنّ لديه مصلحة واضحة بالتوصل إلى اتفاق،
وتستدل على ذلك بأن "من استمع إليه في المناقشات الأخيرة تكوّن لديه انطباع بأنه بين تصعيد القتال ووقف إطلاق النار، يُفضّل الخيار الثاني".
أسباب ما تقدّم تعزوها الصحيفة إلى أن إطلاق سراح الأسرى -حتى لو كان جزئياً- يُمثّل ورقة سياسية رابحة؛ تمكنه من تقديم "إنجاز أخلاقي"، وكبح الانتقادات الداخلية والخارجية، والمضي قدماً نحو آفاق سياسية جديدة.
لكن ثمن إنهاء الحرب بحسبها يعني أن "حماس ستبقى في القطاع. (وخصم نتنياهو السياسي المنافس، رئيس الحكومة الأسبق) نفتالي بينيت في الخارج، وشركاؤه اليمينيون في الداخل -جميعهم بدأوا بالفعل في استيعاب القصة. نتنياهو في وضع كلاسيكي:
المبدأ مقابل البقاء. وبالرهان على التجارب السابقة، فإن البقاء عادةً ما ينتصر"، في إشارة إلى أن نتنياهو طالما نجح في البقاء على سُدة السلطة رغم كل الصعاب التي اعترضت طريقه.
وفي الأثناء، تتصاعد حالة التأهب والتوتر بالتزامن مع التقارير عن تقدم في محادثات صفقة الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة، وهي تقارير تهزّ، وفقاً للصحيفة، ليس فقط المجلس الأمني المصغر (الكابينت)، بل المنظومة السياسية برمتها؛
حيث يعود السؤال، الذي طواه النسيان نوعاً ما في الأشهر الأخيرة، إلى الواجهة من جديد: "هل ستُسقط الصفقة الحكومة؟" وبينما كانت الإجابة بديهية قبل فترة، فإنها "تبدو مغايرةً كلياً هذه الأيام".
وبحسب الصحيفة، فإن الافتراض الذي يُبنى عليه أي تقييم منطقي هو أن لا أحد يرغب في الانتخابات. لا الائتلاف ولا المعارضة.
وبينما تبدو كلمة "انتخابات" مرعبة للجانبين على حدٍ سواء، يبدو أن نتنياهو اليوم هو الوحيد الذي لا يُصاب بالهلع عند سماعها. فرغم الكلام والتهديدات، الغالبية العظمى من أعضاء المعارضة لا يريدون انتخابات الآن.
السبب الأول، وفقاً للصحيفة هو تقني-سياسي: فالمعارضة بأكملها منقسمة؛ حيث استقال غادي آيزنكوت من "المعسكر الوطني"؛ وينشر بينت تلميحاتٍ مثيرة (عن رغبته في خوض الانتخابات)، لكنه لم يُبرم أي اتفاق بعد؛
ويئير لبيد (رئيس حزب الديمقراطيون) ليس راضياً تماماً عن نتائج استطلاعات الرأي. وفي هذه الحالة، فإن المعارضة ليست مستعدة للمنافسة إطلاقاً.
والسبب الثاني، وفق "معاريف" يبدو أكثر تعقيداً: "فمن الواضح تماماً أن الليكود سيقف في الانتخابات المقبلة مع زعيمين سيقودانه في الحملة الانتخابية- بنيامين نتنياهو ودونالد ترامب.
ومع أن ترامب لا يمكن أن يكون لاعباً رسمياً في السياسة الإسرائيلية، إلا أنه سيكون جزءاً من الحملة". وتستدل على ذلك بالنصين اللذين نشرهما الرئيس الأميركي على منصته داعياً فيهما إلى إلغاء محاكمة نتنياهو.
وطبقاً للصحيفة، فإن "ترامب ونتنياهو ينسقان بالفعل قبل الانتخابات، والمعارضة ترى ذلك بعين الريبة، فالليكود لا يزال قادراً على الفوز بدعم من واشنطن".