
إصرار إيراني مع موسم حصاد السلاح الهارب للحوثيين
تواترت عمليات ضبط القوات اليمنية شحنات أسلحة إيرانية متطورة كانت في طريقها لحليفها الحوثي في تأكيد جديد لتزويد الميليشيات اليمنية تحضيراً لتصعيد إيراني جديد في منطقة الشرق الأوسط.
والخميس أعلنت السلطات الأمنية في اليمن إحباط محاولة تهريب شحنة من الطائرات المسيّرة والمعدات العسكرية كانت في طريقها إلى الحوثيين، عقب أيام من ضبط المقاومة الوطنية التابعة للجيش اليمني شحنة أسلحة متطورة هي الأضخم في تاريخ الدعم الإيراني للحوثي قدرت بنحو 750 طناً.
وفي بيان صدر عن جهاز مكافحة الإرهاب، كشف أن العملية جرت بالتنسيق مع النائب العام القاضي قاهر مصطفى، وأمن المنطقة الحرة في الميناء ليجري رصد وضبط حاويات مشبوهة على متن سفينة تجارية وصلت من الصين وكانت متجهة في الأساس إلى ميناء الحديدة، قبل أن تغيّر مسارها إلى عدن نتيجة قصف الميناء في الساحل الغربي المطل على البحر الأحمر.
وتحوي الشحنة وفق البيان طائرات مسيرة وأجهزة لا سلكية وأنظمة تحكم متقدمة، إضافة إلى قطع غيار وأدوات يشتبه في استخدامها لأغراض عسكرية.
بعد "حماس" و"حزب الله"
يقول المتخصص العسكري عبدالعزيز الهداشي إن استمرار تدفق الشحنات للحوثيين يأتي في إطار التبعية الإستراتيجية بينهما تحسباً لمهام مستقبلية يجري الإعداد لها.
ويكشف الهداشي لـ"اندبندنت عربية" الأسباب التي تقف وراء تواتر هذه الشحنات وبهذا القدر من الكم والنوع إلى "رهان إيران على الحوثي كآخر ذراع لها في المنطقة بعدما خسرت أذرعها التاريخية، ولهذا تسارع بالإبقاء على استثماره سريعاً قبل انتهاء المفاوضات مع الغرب".
ويلحظ من التزويد المتسارع على رغم عمليات الضبط المتكررة سعي النظام الإيراني إلى "إبقاء الحوثي جاهزاً لاستخدامه في أية لحظة كما تفعل بعملياتها في البحر الأحمر وعمليات قصف إسرائيل بعدما بات حلفاؤها ممثلين بـ'حزب الله' و'حماس' والنظام السوري في عداد المنتهين".
ويعد ضبط الشحنة صفعة جديدة للحوثيين، وتأتي بعد أسابيع من ضبط المقاومة الوطنية 750 طناً من الأسلحة كانت متجهة للحوثيين في البحر الأحمر وكانت تضم قطعاً مجزأة وأجزاء حساسة لـ12 صاروخاً تنوعت بين بحرية ودفاع جوي وأرض أرض وصواريخ مضادة للدروع،
إضافة إلى أجزاء من طائرات مسيرة إيرانية الصنع ومنظومات دفاع جوي رادارية وحرارية ومعدات أمنية وكاميرات تجسسية وجهاز تمويه وجهاز فحص المواد الكيماوية ومدافع P10 ونواظير ومعدات محاكاة تدريبية وأجزاء من أسلحة مدفع رشاش عيار 14,5 وكمية ضخمة من الذخائر المتنوعة وأجهزة تنصت على المكالمات.
ضبط الفتات
وعلى رغم الحصار الذي تفرضه القوات الحكومية على طرق إمداد ميليشيات الحوثي، فإن المتخصص الهداشي يشير إلى أن "عدد الشحنات المضبوطة أخيراً التي لا تتجاوز ثلاث شحنات يعني وجود عشرات الشحنات الأخرى التي ربما وصلت فعلاً للحوثيين،
ولهذا فإن ما يتم ضبطه بحسب إمكانات البحرية اليمنية لا يشكل نحو 10 في المئة مما يصل للحوثي فعلياً".
بيان القوات اليمنية التابعة للحكومة الشرعية المعترف بها أوضح أن "نتائج التحقيقات الأولية أكدت أن ميناء الحديدة يستخدم كنقطة عبور لعمليات تهريب منظمة تصب في مصلحة الحوثيين ضمن شبكة تدار بإحكام لتزويدهم بالتقنيات الحديثة والأسلحة".
من السفن للقوارب... طراز إيراني
يوضح الهداشي طريقة عمل إمدادات الحوثيين بالأسلحة التي تتم حد تعبيره "بالطريقة الكلاسيكية لتهريب الأسلحة والمخدرات للحوثيين،
وتتم بواسطة سفينة كبرى تعبر من المياه الدولية وتتوقف في عرض البحر وخلال ذلك تأتي قوارب صيد سمكي وتفرغ منها الحمولات على دفعات وتتسلل متخفية إلى مناطق الإنزال السمكي المهجورة في محافظتي الحديدة وحجة، وهذه العملية هي التي تربك جهود المراقبة للمياه الدولية".
وتقدمت الحكومة اليمنية في الـ24 من يوليو (تموز) الماضي، بمذكرة احتجاج لمجلس الأمن الدولي في شأن ما وصفته "تدخلات طهران بالشأن الداخلي" وذلك بعد ضبط شحنة سلاح إيرانية.
وفي بيانها قالت الحكومة اليمنية إن دور إيران "المزعزع لأمن واستقرار الجمهورية اليمنية يعد انتهاكاً صارخاً لميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بما في ذلك الانتهاكات الجسيمة والمتكررة التي يرتكبها النظام الإيراني لتدابير الجزاءات المفروضة بموجب قراري مجلس الأمن 2140 (2014) و2216 (2015)".
وبحسب البيان، وضع وزير الخارجية وشؤون المغتربين اليمني شائع الزنداني مجلس الأمن في الصورة عبر مذكرة احتجاج رسمية سلمها مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عبدالله السعدي.
وأكد وزير الخارجية اليمني في مذكرته أن "عمليات التحقيق والتفتيش التي أجراها متخصصون عسكريون على المكونات التي تم اعتراضها تبين بوضوح أن الاسم التجاري والطراز والعلامات والأرقام المتسلسلة مشابهة للمعدات العسكرية المنتجة في إيران".
و"إضافة إلى ذلك، احتوت بعض هذه المعدات المضبوطة دليل تشغيل باللغة الفارسية، مما يؤكد بصورة قاطعة مصدرها الإيراني"، وفق المذكرة.
ويومها اعتبر وزير الخارجية اليمني أن شحنة الأسلحة النوعية هذه "ليست سوى حلقة أخرى من سلسلة طويلة وخطط ممنهجة لإيران وتدخلاتها في الشأن اليمني"، إضافة إلى "انتهاكها ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة".
وجدد تحذير الحكومة اليمنية من "الأخطار المترتبة على استمرار الدعم الإيراني للميليشيات الحوثية وما يمثله ذلك من تهديد مباشر وخطر لأمن واستقرار اليمن والمنطقة والعالم".
واعترفت إيران لأول مرة بدعم ميليشيا الحوثي باليمن بالمستشارين والمساعدة في إنتاج الأسلحة المتطورة، خلال تصريحات لمساعد قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني ووزير النفط الإيراني السابق رستم قاسمي خلال لقاء مع قناة "روسيا اليوم" عام 2021.
وقال خلاله إن إيران ساعدت الحوثيين في تكنولوجيا صناعة السلاح، مشيراً إلى أن ما تمتلكه الميليشيا من سلاح متطور ناتج عن مساعدتهم إضافة إلى سيطرتهم على أسلحة الجيش اليمني سابقاً.
اليمن ساحة بديلة
وجاءت هذه الضبطيات متطابقة مع ما سبق وحذرت منه الحكومة الشرعية من اتخاذ اليمن ساحة بديلة للأذرع الإيرانية التاريخية في المنطقة العربية كـ"حزب الله" والنظام السوري اللذين جرى تحييدهما بتدخل إسرائيلي خلال الأشهر الماضية،
إذ أعلنت في مارس (آذار) الماضي عن مخطط حوثي وصفته بـ"الخطر" والهادف إلى عودة التصعيد في البلاد لتحقيق اختراق ميداني صوب المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية، وفي مقدمها محافظة مأرب الإستراتيجية.
وحذرت الحكومة خلال بيان نشره وزير الإعلام والثقافة معمر الإرياني من اجتماعات يجريها وفد حوثي في لبنان مع "الحرس الثوري الإيراني وأذرعه في المنطقة بهدف تصعيد قادم في الجبهة اليمنية".
وكشفت أن قيادات عسكرية تابعة للحوثيين لا تزال موجودة في العاصمة اللبنانية بيروت، وأنها تعقد اجتماعات مكثفة مع قيادات في الحرس الثوري الإيراني و"حزب الله" اللبناني و"الحشد الشعبي" العراقي،
وتوصلت إلى "اختيار اليمن ساحة رئيسة للتصعيد مع تكثيف نقل الأسلحة والمتخصصين العسكريين من الحرس الثوري و(حزب الله) إلى مناطق الحوثيين". وهو ما اعتبرته "تطوراً خطراً يكشف عن نوايا المحور الإيراني لتعويض خسائره في المنطقة".
توفيق الشنواح
صحافي يمني