دويلة الحوثي وعقدة الإعتراف الإقليمي والدولي بها
ماهي اهم العوائق التي تواجه حصول الحوثيين على الإعتراف بشرعية دويلتهم ؟ وماهي تداعيات ذلك ؟
وماهي اهم المبادئ الأساسية للسياسية الأمريكية الراهنة للمنطقة العربية ( مشروع الشرق الأوسط الكبير ) ؟
كل ماترونه تقوم به جماعة الحوثي من افعال وإجراءات وإستخدام معظم أوراق الضغط التي تمتلكها سوا على مستوى الداخل بحشد الناس في الميادين من كل جمعة او على مستوى ما تقوم به في البحر الاحمر او على مستوى ماتقوم به في ضرب كيان العدو الاسرائيلي بالصواريخ والمسيرات من فترة الى أخرى او على مستوى تهديد السعودية والامارات بضرب منشئاتها النفطية والحيوية او على مستوى دعم المشروع الإنفصالي ( للمجلس الإنتقالي الجنوبي ،
وغيرها من اوراق الضغط كلها تقوم بها فقط لتحقيق هدف واحد، وهو الوصول الى تحقيق الإعتراف بشرعية دويلتهم من الدول الإقليمية والدولية ومؤسسات النظام الدولي بما فيها مجلس الأمن الدولي والامم المتحدة .
بمعنى أن مايقومون به لا يندرج في خانة إلتزامهم الديني اوالقومي مع قضايا اشقائنا العرب في فلسطين او الدفاع عن إستقلال وسيادة الدولة اليمنية ووحدة وسلامة أراضيها ولا هم يحزنون ، كل هذه القيم فقط يستخدمونها كشعارات لتحقيق هدفهم الرئيسي الذي ينقصهم وهو الإعتراف الاقليمي والدولي بدويلتهم وشرعنتها ، فلا تصدقوا كل ما يرفعونه من شعارات دينية او قومية او اخرى بهذا الصدد لا من قريب ولا من بعيد .
** وبرأيي حتى لوتوقفت الحرب في غزة الحوثيون لن يتوقفوا عن إستخدام كل هذه الاوراق او التوقف عن القيام بهذه الأعمال إلا عندما يحقوقون هدفهم الرئيسي وحصولهم على الإعتراف بشرعية دويلتهم .
* دويلة الحوثي :
جماعة الحوثي سعت للحصول على جزء من الوطن اليمني لإقامة دويلتها لإنها غير قادرة على السيطرة على كل الجغرافية اليمنية ، وكانت ترى ان شمال الوطن اليمني هو المناسب لها ، وإتخذت من الخلفية التاريخية لحدود المملكة الإمامية السابقة ( المملكة المتوكلية ) منطلقا لها ، وفعلا سيطرت قواتها على معظم اراضي حدودها بإستثناء مدينة تعز وبعض مديريات محافظتها ومدينة مارب وبعض مديريات محافظتها .
بالتزامن مع ذلك سعت لإتخاذ وإصدار العديد من التشريعات والقوانيين والقرارات بمؤسسات سلطتها في صنعاء التي تعزز الإنقسام والتشطير وتساعد في عوامل الذهاب باليمن نحو التقسيم .
إذن جماعة الحوثي ترى أنها قد حققت شرطين من شروط إقامة دويلتها ( شرط الاقليم_ وشرط الشعب ) ولم يتبقى لهم إلا شرط واحد وهو (شرط الإعتراف الاقليمي والدولي) .
* إصطدام الحوثيين بعوائق سياسة النظام الدولي الراهن :
تقوم سياسة النظام الدولي الراهن التي تقوده إمريكا على سياسة تفتيت الدول من الداخل وليس تقسيمها إلى دول مستقلة وتتبع هذا النهج في المنطقة العربية ودولها .
* مثال : إقليم كردستان العراق رسالة إمريكية واضحة .
لقد قام الغرب بقيادة امريكا واسرائيل بتوفير كل الدعم لقيادة هذا الاقليم وعلى كل المستويات ولكن عندما ذهبت قيادة الإقليم نحو طرح إستفتاء شعبي بالاستقلال عن الدولة العراقية، سارع الغرب وامريكا والدول الإقليمية بعدم الإعتراف بهذا الاستفتاء او الاعتراف بإستقلال الاقليم ، رغم أن الاستفتاء كان ناجح ، ورغم ان قيادة وحكومة كردستان العراق تعد من اهم واقوى الحلفاء الإستراتيجين لواشنطن في المنطقة ، وبذلك ارسلت الإدارة الإمريكية رسالة واضحة لجميع الاطراف والقوى السياسية في المنطقة بإن مشروع الشرق الاوسط الجديد التي تقوده يقوم على تفتيت الدول العربية من الداخل فقط وإضعافها والهيمنة عليها وليست تقسيمها الى دول مستقلة على الاقل في هذه المرحلة ،
والنموذج العراقي الذي اقامته ترى أنه هو مايفترض ان يتم تطبيقه على بقية الدول العربية مثل اليمن ولبنان وليبيا وسوريا وغيرها وقد نجحت الى حد كبير في السياسة .
* ظاهرة الحشود الشعبية الحوثية في السبعين :
وبالمثل ماقام به اقليم كردستان بعمل إستفتاء شعبي لمشروعه الإنفصالي ارادت جماعة الحوثي أن تقلده ولو بشكل آخر بإقامة حشود شعبية اسبوعية من كل جمعة في ميدان السبعين وبقية الميادين في المناطق التي تسيطر عليها وإعتباره بمثابة إستفتاء شعبي ولو بشكل اخر على مشروعها الإنفصالي ورسالة للدول المجاورة وللإمريكا والغرب تدعوهم للإعتراف بشرعية دويلتهم .
* مشروع الحوثي لا يقبل قسمة السلطة على 2 :
مثلت هذه السياسة الامريكية صدمة كبيرة لقيادة جماعة الحوثي رغم ان الامريكيين والبريطانيين عملوا بشتى الوسائل على عدم إسقاط سلطة الحوثيين من صنعاء طوال سنوات الحرب والازمة اليمنية .
ومثلت أيضا للحوثيين مشكلة كبيرة وخاصة ان مشروعهم لايقبل تقسيم السلطة والمشاركة الحقيقية بها مع اي مكون سياسي وعسكري يمني أخر ، على إعتبار أن مشروعهم يقوم على مبدأ ( الولاية والحق الالاهي ) وان السلطة المطلقة والحكم يجب ان تتركز فقط ( بعلم الهدى )
وهذا هو ما أخر عقد تسوية سياسية في اليمن وتطبيق النموذج العراقي في اليمن بحكومة وجيش ضعيف بالمركز مقابل وجود قوى ومليشيات تتقاسم السلطة على بقية المناطق والمحافظات .
* تعثر وفشل مشروع المجلس الإنتقالي الجنوبي :
تعثر المجلس الإنتقالي الجنوبي بتنفيذ مشروعه بالانفصال بدولة جنوبية مستقلة على حدود جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية السابقة مثل ذلك كارثة كبيرة لجماعة الحوثي .
فجماعة الحوثي عملت بشكل كبير إلى حد الإستماتة بدعم المجلس الإنتقالي الجنوبي بشكل مباشر او غير مباشر والتخادم المستمر معه في سبيل نجاح مشروعه بالانفصال بدولة جنوبية مستقلة وهو ماسيؤدي بالضرورة الى نجاحهم بالانفصال بدولة شمالية في صنعاء مستقلة لو كان نجحت قيادة المجلس الانتقالي بمشروعها الإنفصالي وإقامة دويلتها في عدن .
النتائج والتوقعات :
إذا إستمر الحوثيين بالإستمرار بسياستهم فإن ذلك سيقودهم بالضرورة الى احد النتائج التالية :
النتيجة ألاولى :
إما ان تقوم إمريكا وبريطانيا وحلفائها بتغير او بتعديل سياسة النظام الدولي الراهن الذي رسموه للمنطقة العربية والتحول من سياسة تفتيت الدول من الداخل الى تقسيمها الى دول مستقلة معترف بها ، حتى تقيم جماعة الحوثي لها دويلة في اليمن معترف بها .
النتيجة الثانية :
او يتخلى الحوثيون عن( مشروع الولاية والحق الألاهي ) ويتحولون الى حزب سياسي ، ويقبلون بالمشاركة مع بقية المكونات العسكرية والسياسية على الإنضواء تحت راية الدولة اليمنية الشرعية الجمهورية اليمنية ويتقاسمون السلطة معهم.
النتيجة الثالثة :
إذا لم تقبل جماعة الحوثي بالمشاركة وإقتسام السلطة مع بقية المكونات اليمنية الاخرى في دولة واحدة فإن الحل الذي قد يواجههم هو قيام امريكا وحلفائها بإسقاطهم والاتيان ببديل عنهم في صنعاء يقبل بالمشاركة السياسية وإقتسام السلطة مع بقية القوى والمكونات اليمنية وجعل اليمن شبيه بماهو قائم في العراق وليبيا ولبنان وسوريا .
المشروع الوطني الوحدوي :
هذه النتائج الثلاث ستكون إحداها مرشحة للتحقيق في اليمن إلا لو دخل على خط ألازمة اليمنية في اليمن فاعل إقليمي عربي آخر ( كجمهرية مصر العربية مثلا ) يقلب معادلة التوازن التي تريد فرضها دول الرباعية في اليمن ، وذلك بدعم مشروع وطني وحدوي في اليمن يطيح بكل هذه المشاريع السلالية والمناطقية والطائفية الموجودة بالساحة حاليا ،ويطيح بالمشروع الامريكي البريطاني الإسرائيلي في اليمن ( مشروع الشرق الاوسط الجديد ) ويسيطر على السلطة بعيدا عن إرادة دول الرباعية " وهذا برأيي تحقيقه إحتمال ضعيف في الوقت الحاضر لما تمر به المنطقة العربية من هجمة وهيمنة دولية عليها .
نتمنى السلام لليمن وشعبه ووصولهم الى بر الامان في الخروج من عين هذه العاصفة .
(وإلى الله ترجع عاقبة ألأمور )
* ✍️ أ.صلاح القرشي باحث وكاتب يمني