
العليمي في الرياض.. الاقتصاد وخلافات مجلس القيادة على رأس الأجندة
في ظل تصاعد التحديات السياسية والاقتصادية التي تعصف بالمناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، بدأ رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، الخميس 24 يوليو الجاري، زيارة إلى العاصمة السعودية الرياض، في وقت بالغ الحساسية.
وتأتي هذه الزيارة وسط أزمة اقتصادية خانقة تعاني منها المحافظات المحررة، وانقسامات متزايدة داخل مكونات الشرعية اليمنية، بما في ذلك الخلافات المتزايدة بين أعضاء مجلس القيادة، في وقت بدأت فيه مؤشرات التململ الدولي من أداء الحكومة والمجلس تظهر بوضوح،
ما يثير تساؤلات واسعة حول مستقبل المرحلة الانتقالية ومصير التوافق السياسي الهش.
وبالنظر للمعطيات الراهنة والتعقيدات التي تمر بها اليمن والحكومة المعترف بها دولياً، يمكن استخلاص أجندة الزيارة، إذ من الواضح أن جلب الدعم الاقتصادي على رأس تلك الأجندة، إلى جانب الاستفادة من الرياض لحلحلة الخلافات المتزايدة داخل أروقة الشرعية.
دعم الشرعية
وفق رواية وكالة الأنباء اليمنية "سبأ" فإن الرئيس العليمي سيجري في الرياض مشاورات مع الشركاء الإقليميين والدوليين بشأن تطورات الأوضاع في اليمن والمنطقة، إلى جانب مناقشة دعم الإصلاحات الاقتصادية والخدمية، والتخفيف من التداعيات الإنسانية الناجمة عن هجمات الحوثيين.
مصدر في مكتب رئاسة الجمهورية في اليمن، قال إن لقاءات العليمي المرتقبة، تهدف لحشد الدعم السياسي والاقتصادي لمساندة الحكومة في الإيفاء بالتزاماتها، وفي المقدمة دفع رواتب الموظفين، وتأمين السلع والخدمات الأساسية، وتحسين وضع العملة، وهو ما يعني أولوية الاقتصاد في الزيارة.
كما يسعى العليمي لحشد الدعم الدولي للشرعية من أجل استعادة مؤسسات الدولة وترسيخ الأمن والاستقرار، وتأكيد قدرة الحكومة اليمنية على مواجهة التحديات والاستجابة المسؤولة لاحتياجات وتطلعات الشعب اليمني.
خلافات مزمنة
لكن ما لم يذكره المصدر المسؤول في رئاسة الجمهورية اليمنية هو ذلك الجانب المتعلق بالخلافات المزمنة بين أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، ومكونات الشرعية، والتي بلغت ذروتها مؤخراً.
وتواجه الشرعية اليمنية انتقادات حادة، وخصوصاً مجلس القيادة الرئاسي الذي فشل في القيام بمهمة جمع مكونات الشرعية، واستكمال عملية السلام واستعادة مؤسسات الدولة.
وتشير المعلومات إلى أن الموقف الدولي بات واضحاً أكثر من أي وقتٍ مضى فيما يتعلق بتصحيح أوضاع الشرعية اليمنية، وضرورة اتخاذ خطوات جادة لإنهاء الانقسامات.
انقسام مستمر
وخلال الأشهر القليلة الماضية، أطلت الخلافات برأسها مجدداً، وهذه المرة بين أعضاء مجلس القيادة الرئاسي،
إذ انتقد المكتب السياسي للمقاومة الوطنية الذي يرأسه عضو مجلس القيادة طارق صالح، عملية التهميش والاستفراد بالقرار، وعدم التشاور مع كل المكونات في القضايا المصيرية.
حديث صالح عن ضرورة عمل إصلاحات هيكلية في مجلس القيادة، أثارت حفيظة العليمي، ودفعته للخروج وتأكيد ضرورة توحيد الجهود لمواجهة الانقلاب الحوثي واستعادة مؤسسات الدولة.
الخلافات بين طارق صالح والعليمي ليست الأولى ولا يبدو أنها ستكون الأخيرة، فهي ليست سوى عرض من أعراض الانقسام الذي يعصف بالشرعية.
وعند الحديث عن الانقسامات، لا بد من الإشارة إلى المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يتبنى خيار الانفصال، ويرى في الشرعية كياناً غير مرحب به في العاصمة المؤقتة عدن، إضافة إلى موقفه المعادي كلياً للتجمع اليمني للإصلاح.
وبالرغم من المساعي الإقليمية والدولية لتوحيد الموقف داخل مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، فإن الانقسام باقٍ ويطل برأسه من وقت لآخر، الأمر الذي انعكس على المجلس الاقتصادي والسياسي والأمني والعسكري أيضاً.
أسباب الزيارة
المحلل السياسي اليمني عادل المسني يرصد بُعداً آخر لزيارة رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي إلى المملكة العربية السعودية، رابطاً الزيارة، بزيارة الوفد السعودي إلى سوريا.
وقال المسني : "زيارة العليمي إلى السعودية سببها الرئيسي حشد الدعم الاقتصادي، ولا سيما في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد".
وأشار المحل السياسي اليمني إلى أن وضع اليمن الحالي، وتصاعد التوترات في البحر الأحمر، له علاقة أيضاً بزيارة العليمي إلى المملكة العربية السعودية.
ويرى المسني أن تصاعد الخلافات بين الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، على خلفية الأزمة مع مجلس النواب، ومنع لجنة برلمانية من القيام بعملها في حضرموت، له أيضاً علاقة بالزيارة إلى الرياض.
واستطرد قائلاً: "العليمي على الصعيد الداخلي يواجه انتقادات حادة بسبب تردي الأوضاع وانهيار العملة وتفشي الفساد وتفاقم الصراع بين أعضائه".
وفيما يتعلق بالعلاقة بين مجلس القيادة اليمني والسعودية قال المسني إن زيارة الوفد السعودي إلى سوريا أشعلت انتقادات أكبر للمجلس والشرعية.
وقال المسني: "زيارة الوفد السعودي لسوريا أظهرت أن السعودية لديها استعداد للمساعدة، غير أن المجلس الرئاسي غير مستعد وليس لديه مشروع لتطوير أوضاع البلاد".