
أصالة نصري 2025... صوت وصورة مبالغ فيهما
تنتقل المغنية السورية أصالة نصري بين الألبومات المتتالية في السنوات الخمس الأخيرة من دون توقف، حتى أصبحت الأنشط على الساحة الغنائية في المرحلة الأخيرة، التي أصدرت فيها خمسة ألبومات غنائية، إلى جانب الأغاني المنفردة والحفلات.
مع ذلك، لا يتماشى نشاطها المكثف وغزارتها الإنتاجية مع المكانة الفنية أو الجماهيرية المرجوة في هذه المرحلة.
بدأت أصالة مرحلة فنية جديدة في مسيرتها منذ عام 2020، بعودتها إلى العمل مع شركة روتانا، بعد المرحلة السابقة التي كانت تنتج خلالها أعمالها في شركتها ستار جيت، مع زوجها السابق طارق العريان.
كانت بداية التعاون مع "روتانا" في ألبوم "لا تستسلم"، بأغان باللهجة الخليجية. حصل الإصدار على دعاية مكثفة وقتها، خاصة أنه الأول لأصالة بعد انفصالها عن زوجها.
ولكن النسخة الخليجية منها ليست بنفس شعبية ورواج النسخة المصرية، ما جعل الحملة التسويقية لألبومها الخليجي تأتي من دون نتائج فعلية.
كانت البداية الحقيقية في ألبوم "شايفة فيك" في 2022، وهو إصدار متنوع اللهجات، إذ قدمت فيه أصالة تجارب غير مبررة مثل الغناء بالكردية أو العربية الفصحى، وهي من حالات التشتت الفني التي تعاني منها المغنية السورية في السنوات الأخيرة،
فلا تقدم ألواناً موسيقية مختلفة مقابل توسع في الغناء بلغات ولهجات مختلفة مثل المصرية والخليجية والعراقية والمغربية واللبنانية والشامية حتى الكردية، ربما تعتقد بذلك أنها توسع قاعدتها الجماهيرية، لكن هذه السياسة جعلت تأثيرها في كل محطة أقل من المتوقع.
الدليل على ذلك النجاح الجماهيري لأغنية "غلبان" من الألبوم السابق، وهي أغنية بطابع شعبي وطربي مصري، وهو اللون الأكثر ملائمة لنموذج أصالة ولا تستثمر به كثيراً.
لكنها اتبعت طريقة تسويقية مملة، بطرح أغاني الألبومات على دفعات وأجزاء، وأفقدت بها شغف الجمهور إلى ألبوماتها المتتالية طوال السنوات الأخيرة، وأصبح حضورها اعتيادياً.
تخلت أصالة عن هذه السياسة التسويقية بعد فشلها في ألبومها الأخير "ضريبة البعد"، وعادت به إلى اللهجة المصرية والأغاني العاطفية والشعبية، ما يجعل الألبوم محاولة لتصحيح مسارها، خاصة سبب تماسكه الفني مقارنة بالأعمال الأخرى التي غلب عليها التشتت.
ففي الألبوم الجديد، عادت أيضاً إلى الأغاني الشعبية الطربية التي تجد عبرها نفسها، مثل "عندي اكتفاء بالنفس" و"المال السايب" و"العنب الساقع"، إلى جانب الجرعات الدرامية في أغاني "ضريبة البعد" و"كلام فارغ" على غرار تجارب "خانات الذكريات" و"غلبان" و"جابوا سيرته".
بعد المرحلة الأولى من مسيرة أصالة، التي أخلصت بها للطابع الكلاسيكي مع الموسيقيين مثل صلاح الشرنوبي وزياد الطويل وسيد مكاوي وغيرهم، وقدمت كلاسيكيات مثل "لو تعرفوا" و"قد الحروف" و"قلبي بيرتاحلك"؛ دخلت في بداية الألفية الثانية مرحلة انتقالية،
حاولت فيها استعادة شبابها ومجاراة الأغاني العصرية، وأصبحت من وقتها أكثر انفتاحاً على التعاون مع الأسماء الجديدة وخوض تجارب جريئة وتوزيعات موسيقية حية ومتنوعة بين الجاز والروك وغيرها،
مثل ألبوم "60 دقيقة حياة" و"شخصية عنيدة"، وهو أكثر ألبوماتها جرأة وتحرراً وحيوية في مسيرتها.
وجدت الفنانة في المرحلة الانتقالية صيغة توافقية بالاهتمام بالتوزيع الموسيقي وتجارب أداء صوتية جديدة، بعيداً عن الاستعراضات التي تفضلها في أغانيها،
 إلى أن جاءت الصيغة الجديدة التي جعلتها تعود إلى المبالغة في الأداء الصوتي ولكن في نوعية أغان تسمح بذلك، وهي الأغاني المستوحاة من الفلكلور الشعبي المصري، وأولها في أغنية "منازل" في 2015.
 
لم تجد أصالة في هذه التوليفة منافسة، وحققت معظم تجاربها بعد ذلك في هذه الاتجاه نجاحا جماهيريا لافتا، مثل أغاني "الورد البلدي" و"بنت أكابر" و"مانجا" و"العنب الساقع" و"المال السايب". مثّل هذا الاتجاه مبادرة فنية بالعودة إلى فلكلور أغاني السيدات في الريف المصري، 
وتحولت مع تكرار التجارب إلى أسلوب فني مميز لها ومنطقة غناء آمنة تحتوي مبالغات أدائها الصوتي التي تفسد محاولاتها.
نفس الدافع أيضاً كان وراء سعي أصالة المثير للسخرية إلى إضافة ألقاب فنية إليها، مثل لقب "أيقونة الشرق" الذي يسبق اسمها في إعلانات الحفلات، أو اللقب الجديد "صوت كل الأمم"،
إضافة إلى الخطابات المطولة التي تنشرها حول عبقرية أعمالها وحجم جهدها في إنتاج الأغاني، أو المبالغات الأخرى في طريقة استعراض جوانب حياتها العائلية على مواقع التواصل الاجتماعي وإثارة الدراما حولها، وحضورها الإعلامي المكثف أيضاً، كل ذلك يأتي بنتائج عكسية.
محمد الأسواني
كاتب مصري
 
				
 
											 
											 
											 
											 
											