
مدن المستقبل.. هكذا تحدت الإمارات والسعودية الازدحام
مع استمرار مشاريع التنمية والسعي لجذب المزيد من الزائرين والمستثمرين، تبرز بشكل جلي معضلة الازدحام المروري بعدد من دول الخليج، وفي المقدمة الإمارات والسعودية.
وجاءت الرياض وأبوظبي، إلى جانب الكويت وجدة، ضمن قائمة أكثر 10 مدن عربية ازدحاماً، الأمر الذي يشكل تحدٍ كبير لحكومات تلك البلدان، ويدفعها للتفكير في حلول إبداعية لمعالجة هذه المشكلة.
ومع تفاقم ظاهرة الازدحام المروري وتحولها لمعضلة خصوصاً في مدينتي دبي والرياض، كان لزاماً التوجه نحو حلول عاجلة، وأخرى استراتيجية، كما هو حال مشروع "دبي لوب"، وقبله مشروع "مترو الرياض".
ازدحام دبي
وفق آخر الإحصائيات بلغ عدد سكان دبي 3.8 ملايين نسمة في 2024، وهو رقم مرشح لأن يصل عام 2040 إلى 5.8 ملايين نسمة، يضاف له قرابة 18.7 ملايين زائر دولي خلال العام الماضي.
هذا الكم الهائل من السكان والزائرين جعل دبي واحدة من أكثر المدن في الشرق الأوسط ازدحاماً، ما ترك السلطات أمام تحدٍ كبير، ودفعها للبحث عن بدائل خلّاقة لمواجهة هذه المعضلة.
وتخلق أزمة الازدحام المروري مشاكل أخرى تتعلق بجودة الحياة، والتلوث البيئي، وهدر الوقت والجهد، في مدينة تعتبر الأكثر انتعاشاً من حيث الاقتصاد والاستثمار على مستوى المنطقة.
هذا الأمر دفع السلطات في دبي إلى التفكير في حلول عديدة منها التكسي الطائر، إذ يُتوقع أن تصبح أول مدينة في العالم تُطلقه في الربع الأول من العام 2026، وستعمل بالطاقة الكهربائية بالكامل.
وإلى جانب ذلك، منحت دبي عقداً بقيمة 5.6 مليار دولار لتحالف شركات تركية وصينية لمشروع خط جديد للمترو، يضم 14 محطة ويمتد لمسافة 30 كيلومتراً، بهدف إيجاد حلول للازدحام المروي.
وفي يوليو من العام الماضي، أعلن المجلس التنفيذي لإمارة دبي، عن خطط لتوسيع مترو دبي من 64 محطة حالية تمتد لمسافة 84 كيلومتراً، إلى 96 محطة 140 كيلومتراً بحلول عام 2030، مع خطط مستقبلية لإنشاء 140 محطة تغطي 228 كيلومتراً بحلول 2040.
ووفق هيئة الطرق والمواصلات، فإن توسعة مترو دبي، تهدف إلى زيادة حصة وسائل النقل العام في جميع أنحاء الإمارة إلى 45٪، وخفض انبعاثات الكربون إلى 16 طناً للفرد، وتحسين كفاءة ورفاهية النقل المستدام، ضمن ما يعرف أيضاً بـ"مدينة الـ20 دقيقة".
"دبي لوب"
يأتي مشروع "دبي لوب" الثوري ضمن خطة سلطات دبي لتسهيل حركة المرور والحد من الازدحام، والذي أبرم بين هيئة الطرق والمواصلات في دبي وشركة "بورنج كومباني" الأمريكية (13 فبراير) المملوكة للملياردير الأمريكي إيلون ماسك والمتخصصة في مجال الأنفاق والبنية التحتية.
الاتفاقية تهدف لدراسة تنفيذ مشروع أنفاق "دبي لوب" لخدمة نقل الركاب في إمارة دبي، بطول 17 كيلومتراً، ويضم 11 محطة، وتقدّر طاقته الاستيعابية بأكثر من 20 ألف راكب في الساعة، وذلك ضمن خطة طويلة المدى تشمل تنفيذ أنفاق على مستوى الإمارة، وفق وكالة الأنباء الإماراتية "وام".
ماسك تحدث عن حل ثوري لمعضلة الازدحام خلال القمة العالمية للحكومات في دبي عبر ما أسماه الثقوب الدودية، مشبهاً إياها بـ"البوابات السحرية" وتهدف إلى "تغطية أكثر المناطق كثافة سكانية في دبي، بنظام نقل سريع يعتمد على شبكة أنفاق متطورة".
كما أشار إلى أن "الأنفاق هي المستقبل، باعتبارها أكثر أماناً، ولا تصدر ضجيجاً، ولا تعيق رؤية المدينة أو تشكل تهديداً للحياة اليومية، على عكس السيارات الطائرة التي قد تسبب فوضى مرورية في الهواء".
ويرى ماسك أن هذه الأنفاق توفر حلولاً مستدامة وقابلة للتطبيق، كما أنها تعمل بكفاءة بغض النظر عن الظروف الجوية، ما يجعلها الحل الأمثل في المدى الكبرى.
ضمن أعمال القمة العالمية للحكومات 2025، نعلن اليوم عن شراكة جديدة لتنفيذ "دبي لوب" مع توقيع مذكرة تفاهم بين هيئة الطرق والمواصلات في دبي وشركة بورنج كومباني الأمريكية لدراسة تنفيذ المشروع بطول 17 كيلومتراً، والذي يضم 11 محطة، وتقدر طاقته الاستيعابية بأكثر من 20 ألف راكب في الساعة…
ازدحام الرياض
ويعيش في الرياض حالياً قرابة 7 ملايين نسمة يضاف لهم ملايين الزوار سنوياً، ومن المتوقع أن يصل تعداد العاصمة السعودية إلى 9.6 ملايين نسمة بحلول العام 2030.
وبسبب هذا الكم الكبير من السكان والزائرين وأيضاً في ظل المساعي المبذولة لجعل الرياضة مدينة جذب للمستثمرين، والجذب السياحي، تصبح معضلة الازدحام المروري أكثر تعقيداً، ما يتطلب معالجات متعددة المستويات.
ويتسبب الازدحام المروري في الرياض، بمشكلات تتعلق بجودة الحياة أيضاً، وتؤثر على مجال الاستثمار، كون البيئة الاستثمارية المثالية تتطلب بنية تحتية مناسبة في مجال النقل والمواصلات، كما أنها تسبب هدراً كبيراً للوقت والجهد.
ويرى المهندس المتخصص في هندسة وتصميم الطرق، عبدالعزيز السحيباني، أن "الازدحام في الرياض أثر على الحياة الاجتماعية والاقتصادية بشكل مباشر" محذراً "من الوصول إلى الشلل التام في حال لم يتم معالجة المشكلة".
السحيباني أضاف في تصريحات لقناة "العربية" السعودية في مارس 2024، إلى أن ذلك "الازدحام سيؤدي إلى تراجع إنتاجية الموظف، وتراجع كفاءة الإنتاج، وكفاءة التعليم، بالإضافة إلى جودة الهواء بسبب التلوث الناتج من عوادم السيارات".
حلول
ولا يتوقف البحث عن حل لمشكلة الازدحام المروري في الرياض، ففي فبراير 2024 أطلقت وزارة الداخلية "هاكاثون" لوضع أفكار ابتكارية تحل مشكلة الازدحام في المدينة.
كما اتجهت الرياض، لتنفيذ إجراءات عاجلة وأخرى استراتيجية، لحل معضلة الازدحام المروي جذرياً وتحسين جودة الحياة وأبرز تلك الحلول كان "مترو الرياض".
ففي نوفمبر الماضي افتتح الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود مشروع "قطار الرياض"، الذي سيكون العمود الفقري لشبكة النقل العام بالعاصمة السعودية.
"مترو الرياض" يعتبر أكبر تحول في نظام النقل العام بالمملكة وأكبر مشروع "مترو" في العالم يتم تنفيذه دفعة واحدة، حيث يغطي 6 خطوط رئيسية تربط بين مختلف أحياء المدينة، ويضم شبكة تضم 85 محطة في مختلف مناطق مدينة، بطول 176 كيلومتراً وبتكلفة بلغت 22.5 مليار دولار.