إيران تنتخب اليوم: ثلاثة وجوه تقود السباق الرئاسي
الرأي الثالث – وكالات
توجّه الناخبون الإيرانيون، عند الثامنة من صباح اليوم، إلى صناديق الاقتراع، لانتخاب الرئيس التاسع للجمهورية الإسلامية من بين 4 مرشحين، لدورة رئاسية من أربع سنوات، بعد دورة دامت ثلاث سنوات للرئيس الإيراني الثامن الراحل، إبراهيم رئيسي، والذي أدّت وفاته مع مرافقيه في حادث تحطم الطائرة العمودية التي كانت تقلّهم في 19 أيار الماضي، إلى إجراء انتخابات مبكرة لاختيار رئيس جديد للبلاد.
وبالاستناد إلى قانون الانتخابات في إيران، فإنه يحق للمواطنين الذين أكملوا الـ18 عاماً، الإدلاء بأصواتهم، فيما تفيد المصادر الرسمية بأن عدد الناخبين يزيد على 61 مليون نسمة.
وكان المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، دعا في أحدث تصريحات له، الإيرانيين، إلى «المشاركة القصوى» في التصويت.
وخلال اليومين الماضيين، انسحب المرشحان أمير حسين قاضي زادة هاشمي وعلي رضا زاكاني، من السباق الرئاسي، ليصل العدد النهائي للمرشحين إلى 4،
علماً أن استطلاعات الرأي تشير إلى أن التنافس الرئيسي سيكون بين ثلاثة هم: مسعود بزشكيان وسعيد جليلي ومحمد باقر قاليباف.
وإن لم يتمكّن مرشح ما، من الفوز بأكثر من 50% من الأصوات في الجولة الأولى، فإن الانتخابات ستذهب إلى جولة الإعادة التي ستُجرى بعد أسبوع من ذلك، ويتنافس فيها المرشحان اللذان فازا بأكثر الأصوات، على أن يفوز منهما من يحصل على أعلى نسبة تأييد، بغضّ النظر عن هذه النسبة.
ويُعد بزشكيان الذي تفيد الاستطلاعات بأنه يحوز الحظ الأوفر للفوز من الجولة الأولى، مرشح التيار الإصلاحي، وكان أثار تأييد «مجلس صيانة الدستور» أهليته لخوض الرئاسيات، استغراباً، نظراً إلى أنه في الدورة السابقة، لم يتم تأييد أهليته،
لا هو وحده فحسب، بل كل مرشحي التيار الإصلاحي. وأسهمت مشاركته في هذه الدورة، في إحياء القطبية الثنائية: «الإصلاحيون والأصوليون»، في الانتخابات، وزادت من الحماسة والتنافس الانتخابييْن.
وانتُخب بزشكيان، الطبيب البالغ من العمر 70 عاماً، خمس مرات متتالية عضواً في البرلمان الإيراني منذ عام 2008 وحتى الآن، وهو كان وزيراً للصحة في إدارة محمد خاتمي الثانية (من عام 2001 إلى عام 2005).
وتحوّل بزشكيان الذي يدعمه رئيسان إيرانيان سابقان هما حسن روحاني ومحمد خاتمي، في هذه الانتخابات، إلى رمز لتغيير الوضع الحالي؛ إذ قال إنه في حال فاز بالرئاسة، فإن إدارته «ستكون تتمة لإدارة خاتمي الإصلاحية، وسيكون بصدد خفض التصعيد والتوترات والسجالات السياسية وبناء إجماع وطني لمعالجة المشاكل».
وأكّد بزشكيان، في الوقت ذاته، أنه ملتزم بتطبيق السياسات العامة للدولة والتي حدّدها المرشد الأعلى. كما دعا إلى اعتماد سياسة خارجية «متزنة» في العلاقات مع قوى الشرق والغرب. وقال إنه من الضروري إجراء محادثات لرفع العقوبات،
علماً أن وزير الخارجية السابق، محمد جواد ظريف، قام بصياغة برنامج سياسة بزشكيان الخارجية، فيما قال الأخير إنه سيقدم الأول للبرلمان وزيراً للخارجية في إدارته.
أما سعيد جليلي، الذي تقول استطلاعات الرأي إنه المنافس الرئيسي لبزشكيان، فيُعد أحد مرشحي التيار الأصولي. ويحظى جليلي البالغ من العمر 59 عاماً، بدعم الجناح الراديكالي من التيار الأصولي، وهو في الوقت الحاضر عضو في «مجمع تشخيص مصلحة النظام»،
وكذلك ممثل المرشد الأعلى في «المجلس الأعلى للأمن القومي».
وتولّى جليلي، في الفترة من عام 2007 حتى عام 2013، منصب أمين المجلس المذكور في إدارة أحمدي نجاد، وكان كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين حتى مجيء إدارة حسن روحاني.
وعمل قبل هذا، ولفترة 18 عاماً، في وزارة الخارجية الإيرانية بصفة مساعد لوزير الخارجية للشؤون الأوروبية والأميركية.
وهذه المرة الثالثة التي يترشح فيها جليلي للانتخابات الرئاسية؛ إذ حصل في الرئاسيات التي فاز فيها روحاني بأكثر من 18 مليون صوت عام 2013، على 4 ملايين صوت، وحلّ في المركز الثالث بعد روحاني وقاليباف؛
وفي رئاسيات 2021، التي فاز فيها رئيسي، انسحب في الأيام الأخيرة لصالح الرئيس الراحل، فيما اعتبر في الدورة الحالية أنه يواصل السير على خطى إدارة رئيسي.
أيضاً، يرى جليلي، الناقد المتشدد للاتفاق النووي، أنه من أجل معالجة المشكلات الاقتصادية، لا يجب الرهان على المحادثات مع الغرب لرفع العقوبات، بل يجب التحرك في اتجاه «الاقتصاد المقاوم» والالتفاف على العقوبات.
ويُعد محمد باقر قاليباف، المرشح الأصولي الآخر والمعروف بـ«الأصولي التكنوقراطي»، بدوره، واحداً من المرشحين الأوفر حظاً.
وقاليباف، البالغ من العمر 63 عاماً، رأس البرلمان لدورتين متتاليتين، وشغل منصب أمين العاصمة طهران منذ عام 2005 حتى عام 2017، وقبلها كان قائداً للشرطة الإيرانية على مدى 6 أعوام، وهو طيار وشغل أيضاً منصب قائد القوات الجوية للحرس الثوري.
ويترشح قاليباف للمرة الرابعة للانتخابات الرئاسية، بعدما أخفق في المرات السابقة.
وفي الوقت الراهن، يسعى جاهداً لإبراز قدراته إبان توليه أمانة العاصمة، وكذلك قيادة الشرطة الإيرانية، لتقديم نفسه على أنه مدير تنفيذي قوي وصاحب خبرة وحنكة، وليلمح، في الوقت نفسه، إلى أن منافسيه، يفتقدون إلى هكذا سجل.
ويركّز قاليباف في شعاراته الانتخابية على الاقتصاد، فيما لاقت وعوده الانتخابية اهتماماً كبيراً، بما فيها منح قطع أراض مجانية للأشخاص الفاقدين للسكن، وبناء جدار عازل على الحدود الشرقية لإيران، وبناء عاصمة إيران الثانية على شواطئ بحر عمان.
كما يشدّد قاليباف على ضرورة رفع العقوبات عن طريق المحادثات، مقترحاً فكرة «الإجراء مقابل الإجراء»، والقائمة على رفع العقوبات واحدة بعد واحدة، مقابل فرض قيود على البرنامج النووي الإيراني.
أما مصطفى بور محمدي، المرشح الأصولي الآخر، فقد تحوّل إلى ظاهرة المناظرات الانتخابية، على خلفية توجيهه النقد إلى جليلي، وكذلك دفاعه عن الاتفاق النووي وانضمام إيران إلى «مجموعة العمل المالي (FATF) ودعمه الحريات الاجتماعية.
وبور محمدي البالغ من العمر 65 عاماً، هو الأمين العام لـ«رابطة علماء الدين المناضلين»، وهي تنظيم أصولي قديم. كما تولّى في إدارة حسن روحاني، حقيبة العدل، وفي إدارة أحمدي نجاد، حقيبة الداخلية، وكان رئيساً لمؤسسة التفتيش العام للبلاد ومساعداً لوزير الأمن.