
غروندبرغ: 3 تحديات أمام تسوية الصراع في اليمن والمعاناة تتفاقم
الرأي الثالث
قال المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لليمن هانس غروندبرغ اليوم الخميس، إن معاناة اليمنيين خلال السنوات العشر الأخيرة تتفاقم باستمرار.
وأشار إلى انخفاض "نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من النصف"، حيث "لم تُدفَع رواتب موظفي الخدمة المدنية في المناطق التي يسيطر عليها أنصار الله (الحوثيون) بانتظام في الوقت المحدد أو بالكامل منذ عام 2018".
وأوضح أن "أولئك الذين يعملون في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية أيضاً يشهدون بعض التأخير في دفع رواتبهم.
وعلاوة على ذلك، انخفض الريال اليمني في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية بنسبة خمسين في المائة في العام الماضي، ما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية". ونتيجة لذلك، ارتفعت معدلات الفقر في جميع أنحاء البلاد".
وجاءت تصريحات المسؤول الأممي خلال إحاطته الشهرية أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك.
وأشار غروندبيرغ كذلك إلى تحذيرات سابقة له من اتخاذ الأطراف إجراءات تصعيدية، مشيراً إلى زيادة حدة الخطاب التصعيدي بين الأطراف والحديث "علناً عن مواجهة عسكرية.
ولا ينبغي لنا أن نسمح بحدوث هذا. والرسائل المختلطة والخطاب التصعيدي يمكن أن يكون لها عواقب حقيقية، وتعميق انعدام الثقة وتأجيج التوترات فيما يكون خفض التصعيد أمراً بالغ الأهمية".
تصعيد عسكري وجولة مباحثات
وقال إنه على الرغم من أن "العمليات البرية واسعة النطاق لم تستأنف في اليمن منذ الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة في إبريل/نيسان 2022، لكن النشاط العسكري مستمر".
وعبّر عن قلقه "إزاء التقارير الأخيرة عن القصف وهجمات بطائرات دون طيار ومحاولات التسلل وحملات التعبئة، التي شهدتها مأرب ومناطق أخرى مثل الجوف وشبوة وتعز".
وكرر دعوته للأطراف إلى "الامتناع عن التصعيد والتدابير الانتقامية التي قد تخاطر بإعادة اليمن إلى صراع واسع النطاق حيث سيدفع المدنيون الثمن مرة أخرى".
وتوقف عند جهوده والاجتماعات التي يعقدها مع جميع الأطراف في اليمن ودول المنطقة والأطراف الدولية.
وشدد على أن الحل وإنهاء الصراع يجب أن يكون عن طريق مسار سياسي. وأكد على أن "تسوية الصراع في اليمن تتطلب معالجة مجموعة من ثلاثة تحديات خاصة، إذ يتعين على الأطراف الاتفاق على وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، ووضع آلية لتنفيذه.
كما يتعين عليهم تقديم تنازلات صعبة ولكنها ضرورية والاتفاق على تسويات خاصة فيما يتصل بالوضع الاقتصادي الصعب في البلاد.
أوضح هنا أنه "يتعين أن تكون هناك عملية سياسية تشمل طيفاً واسعاً من اليمنيين تسمح بتسوية هذا الصراع مرة واحدة وإلى الأبد وتمكين اليمنيين من عيش حياتهم في سلام".
تصنيف الولايات المتحدة للحوثيين منظمة إرهابية
وأشار المندوب الأممي إلى قرار الولايات المتحدة تصنيف أنصار الله جماعةً إرهابية أجنبية. ولفت الانتباه إلى أن تبعات ذلك ما زالت تتضح.
وأضاف: "فيما لم تُحدَّد التبعات الكاملة لهذا الإجراء بعد، فإنني أؤكد أهمية حماية جهودنا الرامية إلى تعزيز التسوية السلمية في اليمن. ومن أجل التوصل إلى سلام عادل وشامل، من الضروري الحفاظ على مساحة الوساطة لليمنيين تحت رعاية الأمم المتحدة.
وما زلت ملتزماً مواصلة أداء واجباتي وفقاً للتفويض الممنوح للأمين العام من قبل هذا المجلس، بما في ذلك عقد اجتماعات بشأن عدد من القضايا الملحة، بما في ذلك تبادل المعتقلين المرتبطين بالصراع".
وتحدث عن "الإحباط الشديد الذي يشعر به الشعب اليمني الذي لا يزال يتحمل العبء الثقيل لعقد من الحرب"، قائلاً: "ما زلت متمسكاً بقناعتي بأن الحل المبدئي والمحايد للصراع هو السبيل الوحيد للمضي قدماً.
وعلى هذا النحو، تظل عناصر خريطة الطريق تمثل مساراً قابلاً للتطبيق". وختم المسؤول الأممي بوصف الوضع الحالي في اليمن "بالمقلق للغاية". وأضاف: "لقد وصلنا إلى نقطة أصبح الخوف من العودة إلى الصراع الكامل ملموساً".
الوضع الإنساني يتفاقم
من جهته، حذر وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة الطارئة، توم فليتشير، من التخفيضات الحادة في التمويل لصندوق الأمم المتحدة للمساعدات الإنسانية، ووصفها بأنها "بمثابة ضربة موجعة لعملنا في إنقاذ الأرواح".
وأشار إلى قرار الولايات المتحدة، دون أن يسميها بالاسم، إلى وقف أغلب تمويلها لصناديق المساعدات الإنسانية للأمم المتحدة وغيرها.
وأشار إلى أن السرعة التي تم بها ذلك زادت من تفاقم الأوضاع والصعوبة لتلك المنظمات على التكييف في وقت قصير جداً.
ثم أشار إلى أن الأمم المتحدة ستحتاج إلى تقليص وخفض المساعدات الإنسانية بشكل كبير. وطلب من مجلس الأمن "دعم جهودنا للوصول إلى المدنيين الأكثر عرضة للخطر؛ وتوفير الأموال اللازمة لإنقاذ أكبر عدد ممكن من الأرواح؛ والضغط العام والخاص للإفراج عن العاملين في المجال الإنساني الذين اعتُقِلوا تعسفياً في أثناء عملهم على تنفيذ تعليماتكم".
النساء الأكثر تأثراً بالصراع
ولفت فليتشير الانتباه إلى أن تبعات الصراع على النساء والأطفال هي الأسوأ، حيث قال إن الحرب تؤثر فيهن بشكل غير متناسب. وتوقف عند "معاناتهن من التمييز والإقصاء المنهجي لعقود".
وأضاف: "في عام 2021، احتلت اليمن المرتبة قبل الأخيرة في مؤشر الفجوة بين الجنسين العالمي للمنتدى الاقتصادي العالمي،
وفي عام 2023 احتلت اليمن المرتبة قبل الأخيرة في مؤشر معهد جورج تاون للمرأة والسلام والأمن. ولا توجد أي علامة على إحراز أي تقدم بالنسبة إليهن".
وقال إن هناك "9.6 ملايين امرأة وفتاة في حاجة ماسة إلى مساعدات إنسانية منقذة للحياة، ويواجهن الجوع والعنف ونظام رعاية صحية منهار". وأضاف: "كذلك تعاني 1.3 مليون امرأة حامل من سوء التغذية، ما يعرّض صحتهن للخطر، ويعرّض أطفالهن للأمراض وقضايا النمو طويلة الأجل.
إن معدل وفيات الأمهات في اليمن هو الأعلى في الشرق الأوسط (أكثر من 10 أضعاف المعدل في المملكة العربية السعودية أو عُمان)". وأكد أن "أكثر من 6 ملايين امرأة وفتاة يواجهن مخاطر متزايدة من سوء المعاملة والاستغلال.
ولا تزال 1.5 مليون فتاة في اليمن خارج المدرسة، ما يحرمهن حقهن في التعلّم ويمنعهن من كسر دورات التمييز والعنف التي تواجههن".
وأشار إلى أن قرابة ثلث الفتيات في اليمن يتزوجن قبل سن 18 عاماً، ما يحرمهن طفولتهن وتعليمهن ومستقبلهن". وشدد على أن وقف التمويل أو خفضه سيزيد من تفاقم هذه الأوضاع.