
زيلنسكي إلى السعودية الاثنين... وترمب يزورها خلال شهر ونصف
الرأي الثالث - وكالات
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اليوم الخميس، أنه سيزور المملكة العربية السعودية خلال الشهر ونصف المقبلين.
جاء ذلك خلال لقاء جمعه بالصحفيين في البيت الأبيض، مؤكداً أن الزيارة تأتي في إطار تعزيز العلاقات الثنائية ومناقشة فرص التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين.
وكان ترامب قد أشار، في يناير الماضي، إلى إمكانية زيارة السعودية في حال تم الاتفاق على صفقات تجارية كبيرة.
كما سبق أن قال في كلمة له في مؤتمر "دافوس"، في يناير الماضي، إن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان "رجل عظيم"، مشيراً إلى أنهما يرتبطان بعلاقة طيبة، لافتاً إلى أن السعودية ستستثمر 600 مليار دولار في أمريكا.
كما قال ترامب، الشهر الماضي، في حديث مع الصحفيين في البيت الأبيض، إنه أجرى مباحثات هاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأعرب عن توقعاته بحضور بوتين إلى الولايات المتحدة، ثم ذهابه هو إلى روسيا،
مضيفاً: "ولكن من المحتمل أن نلتقي أولاً في السعودية".
واحتضنت السعودية، أواخر فبراير الماضي، اجتماعاً على مستوى وزيري خارجية روسيا والولايات المتحدة يهدف إلى إصلاح العلاقات المتوترة بين البلدين، والتباحث بشأن سبل وقف الحرب في أوكرانيا.
كما تعكس هذه الزيارة المرتقبة لترامب، التزام الولايات المتحدة بتعزيز الشراكة الاستراتيجية مع السعودية، ومتابعة المناقشات حول الاستثمارات المشتركة في مجالات متعددة، ومن ضمن ذلك الطاقة والتكنولوجيا والبنية التحتية.
ومن المتوقع أن تشمل الزيارة لقاءات مع كبار المسؤولين السعوديين، ومن بينهم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لمناقشة القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وتعزيز التعاون في مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية.
كما أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الخميس، نيته زيارة السعودية، الاثنين المقبل، في الوقت الذي قال نظيره الأميركي دونالد ترمب، إنه سيتوجه إليها على الأرجح خلال شهر ونصف الشهر المقبلين، حسبما نقلت وكالة «بلومبرغ».
وأوضح زيلينسكي، الخميس، في منشور عبر حسابه الرسمي على منصة «إكس» للتواصل الاجتماعي أن فريقاً من المفاوضين الأوكرانيين «سيبقى في السعودية للعمل مع شركائنا الأميركيين»، بعد مغادرته الرياض.
وأشار إلى اهتمام بلاده بـ«السلام أكثر من أي شيء آخر»، متابعاً: «كما أخبرنا الرئيس ترمب، فإن أوكرانيا ستواصل العمل بشكل بنَّاء من أجل تحقيق سلام سريع وموثوق به».
وكان موقع «أكسيوس» الأميركي الإخباري أفاد في وقت سابق، الخميس، بأن مسؤولين أميركيين وأوكرانيين بارزين سيجتمعون في السعودية، الأربعاء المقبل، لمناقشة الجهود الرامية لإنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية.
ونقل الموقع عن مصدرين مطلعين توقعاتهما بمشاركة المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، ووزير الخارجية ماركو روبيو، في الاجتماعات.
وتحدث باحثين من السعودية وأميركا عن التداعيات المصاحبة لهذين الإعلانين، لا سيما بعد التطورات الأخيرة التي حصلت بين واشنطن وكييف، وكيف خلق نجاح السعودية في الوساطة والتمهيد بين أميركا وروسيا فرصة لوساطة أخرى بين واشنطن وكييف.
وساطات متعددة
يقول براين كاتوليس، نائب الرئيس لشؤون السياسات بمعهد الشرق الأوسط في واشنطن : «في السنوات الأخيرة، استضافت السعودية محادثات بين الفصائل السودانية المختلفة. فالسودان دولة تؤثر بشكل مباشر على المصالح السعودية».
ويضيف: «لكن في حالة أوكرانيا وروسيا، والدور الذي تلعبه السعودية بين الولايات المتحدة وروسيا، وكذلك حلّ الحرب الأوكرانية، فإن ذلك يدل على أن السعودية ترى نفسها دولة يمكنها جمع أشخاص من مجالات مختلفة كانوا على خلاف وخاضوا حروباً غير مباشرة. وفي بعض الحالات، حروباً مباشرة؛ لمحاولة التوسط فعلياً في تلك الخلافات».
ويعتقد كاتوليس أن التطلعات السعودية في لعب دور أكثر أهمية على الساحة العالمية تحققت.
تحركات جادة
«يبدو أن زيارة زيلينسكي للسعودية تشكل خطوة استباقية لاستعادة الموقف الدبلوماسي بعد توقف المساعدات الأميركية، والاستفادة من نفوذ الرياض لتسهيل مناقشات السلام»، هذا ما يراه الدكتور هشام الغنام، الزميل في مؤسسة «كارنيغي» للسلام الدولي والمشرف العام على برنامج الأمن الوطني بجامعة نايف للعلوم الأمنية، الذي عدّ إعلان زيلينسكي نيته زيارة السعودية «خطوة دبلوماسية بالغة الأهمية، وسط تصاعد التوترات وتحول الديناميكيات الدولية في الحرب بين روسيا وأوكرانيا».
ولفت الغنام إلى أن الزيارة تأتي بعد فترة مضطربة في العلاقات بين الولايات المتحدة وأوكرانيا، «خصوصاً بعد الصدام الساخن في المكتب البيضاوي الأسبوع الماضي مع ترمب، ما أدى إلى تعليق واشنطن للمساعدات العسكرية وتبادل المعلومات الاستخباراتية مع كييف».
«كل الطرق تؤدي إلى الرياض»، يعتقد سلمان الأنصاري، الباحث السعودي في العلاقات الدولية خلال اتصال مع «الشرق الأوسط»، أن هذه ليست مجرد عبارة عابرة، منوهاً بأن التحركات والخطوات السعودية الدبلوماسية جادة وصادقة للإسهام في الأمن العالمي، والثقة الدولية في الرياض لم تأتِ من فراغ.
مشروع وساطة أميركية ـ أوكرانية
يرى الدكتور هشام الغنام أن قرار زيلينسكي التعامل مع السعودية، «وهي لاعب محايد له تاريخ في الوساطة في الصراع، يشير إلى محور استراتيجي لتنويع الدعم الدبلوماسي، وربما موازنة التوتر الأخير مع واشنطن، وأولويته المعلنة لتأمين وقف إطلاق النار في السماء وفي البحر،
بما في ذلك وقف العمليات العسكرية في البحر الأسود، ما يعكس دفعة عاجلة لخفض التصعيد، حيث تواجه أوكرانيا ضغوطاً متزايدة عسكرياً وسياسياً».
ويقول سلمان الأنصاري إن تزامن خبر زيارة الرئيس زيلينسكي إلى السعودية بعد عدة أيام مع خبر زيارة الرئيس ترمب في نهاية أبريل (نيسان) يثبت أن نجاح الوساطة السعودية بين الولايات المتحدة مع روسيا ساهم في صناعة مشروع وساطة جديد بين واشنطن وكييف، وقد يتزامن أيضاً بين روسيا وأوكرانيا.
ولا يستبعد الباحث السعودي أيضاً قيام الاتحاد الأوروبي بإرسال مسؤولة الشؤون الخارجية للتباحث مع الرياض بخصوص مخاوف أوروبا من أي صفقة سلام روسية أوكرانية، بحسب توقعاته.