
تنديد يمني بمقتل 5 أطفال في تعز جراء عبوة ناسفة حوثية
الرأي الثالث
في الوقت الذي لا تزال فيه الجماعة الحوثية تتوسع في سياساتها القمعية ضد المخالفين لها مذهبياً، قتل خمسة أطفال في مديرية التعزية بمحافظة تعز (جنوب غرب)، جراء انفجار عبوة ناسفة زرعتها الجماعة،
في واقعة أثارت غضباً رسمياً، وسط مطالبات بمساءلة الحوثيين دولياً وتصنيفهم «جماعة إرهابية».
ووفق مصادر رسمية يمنية، فإن الأطفال الخمسة قتلوا في منطقة جبل الحبيل شمال مدينة تعز، عندما انفجرت فيهم عبوة ناسفة من مخلفات الحرب الحوثية، أثناء لعبهم في محيط المنطقة، حيث أودت بحياتهم على الفور.
وإذ تسلط الحادثة الضوء على التكلفة الإنسانية المرعبة للألغام والعبوات التي تزرعها الجماعة الحوثية في المناطق الآهلة بالسكان، أفاد الإعلام الرسمي بأن الضحايا هم: مبارك ياسر علي أحمد غالب الشرعبي (14 عاماً)، وأسامة أبو بكر أحمد علي (12 عاماً)، وبشير أكرم محمد الفضلي، وأنس جواد محمد صالح، وأحمد علي مقبل عبد الله العتمي.
ومع محاولة الجماعة التنصل من الواقعة، وإلقاء التهمة على قذيفة أطلقتها القوات الحكومية، أدان وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية معمر الإرياني، بأشد العبارات الحادثة ووصفها بـ«الجريمة الإرهابية البشعة»، محملاً الجماعة المسؤولية،
ومتهماً إياها بمحاولة التنصل عبر اتهام الجيش، على الرغم أن المنطقة بعيدة تماماً عن خطوط التماس، ولم تشهد أي اشتباكات؛ وفق قوله.
وأكد الإرياني أن الجيش الوطني لا يستخدم الألغام والعبوات الناسفة، بخلاف الجماعة التي تزرعها بشكل عشوائي في الطرقات والمزارع والمناطق السكنية، مشيراً إلى أن الأمطار كثيراً ما تجرف تلك العبوات إلى مناطق مأهولة، ما يوقع مزيداً من الضحايا الأبرياء، ومعظمهم من الأطفال والنساء.
ودعا الوزير اليمني المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى اتخاذ موقف واضح وإدانة هذه الجريمة، وتحميل الميليشيا مسؤولية قانونية وإنسانية، مؤكداً أن استمرار هذه الانتهاكات يؤكد ضرورة إدراج الحوثيين في قوائم الإرهاب، وملاحقة قياداتهم المتورطة.
من جهته، قال الجيش في محور تعز إن الحادث ناتج عن «انفجار بقايا مقذوف من مخلفات الحرب الحوثية عثر عليه الأطفال وحاولوا العبث به».
وحمّل بيان الجيش الجماعة المسؤولية، وشدّد على أن «توظيف دماء الأطفال الأبرياء في بروباغندا إعلامية لتبرير استهداف المدنيين هو جريمة لا تقل بشاعة عن الجريمة الأصلية».
انتهاكات على أساس مذهبي
في سياق متصل، تتصاعد الانتهاكات الحوثية التي تستهدف المراكز الدينية والمساجد والأئمة ومعلمي القرآن الكريم في المحافظات الخاضعة لسيطرتها، ضمن ما يراه حقوقيون حملة ممنهجة لتكريس الطائفية، وفرض فكر الجماعة بقوة السلاح.
وأفادت منظمة «مساواة للحقوق والحريات» بأنها وثقت قيام الحوثيين باقتحام منزل الشيخ أحمد حسين الوهاشي، إمام جامع السنة ومُدرّس القرآن الكريم في منطقة مذوقين بمحافظة البيضاء، واختطافه إلى جهة مجهولة، دون أي مسوغات قانونية.
وفي محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) قالت المنظمة إن حوثيين مسلحين داهموا مركز «تاج الوقار» لتحفيظ القرآن الكريم في مديرية المخادر، وأغلقته بالقوة، ومنعت القائمين عليه من مواصلة رسالتهم التعليمية، وهو ما عدّته المنظمة «اعتداءً صارخاً على الحريات الدينية والتعليمية».
وأوضحت المنظمة في بيانها أن هذه الإجراءات ليست حوادث فردية، بل هي جزء من «حملة منظمة تستهدف المخالفين مذهبياً، وتسعى إلى تفريغ المساجد والمراكز من الأصوات المستقلة أو غير الموالية للجماعة، تمهيداً لإحلال عناصر تابعة لها وبثّ فكرها الطائفي».
ودعت المنظمة المجتمع الدولي، وعلى رأسه الأمم المتحدة ومجلس الأمن، إلى التدخل العاجل لوقف هذه الانتهاكات الخطيرة، وممارسة الضغط على جماعة الحوثي لاحترام الحريات الدينية وحقوق الإنسان، مطالبة بالإفراج الفوري عن الشيخ الوهاشي، وضمان سلامته.
وتحذر تقارير حقوقية محلية ودولية من أن استمرار الحوثيين في حملات القمع الطائفي، وإغلاق دور تحفيظ القرآن، واختطاف الأئمة والعلماء، يهدد النسيج الاجتماعي والديني في البلاد، ويكرس حالة الانقسام المجتمعي الحاد.
سياسة ممنهجة
ترى جهات حقوقية يمنية أن الممارسات الحوثية تتجاوز حدود الانتهاكات الفردية، لتتحول إلى سياسة ممنهجة لتكميم الأفواه وتصفية المخالفين، لا سيما من علماء الدين والدعاة الذين يرفضون الفكر الطائفي أو التدخل السياسي في الخطاب الديني.
وأكدت منظمة «مساواة» أن صمت المجتمع الدولي إزاء هذه الانتهاكات يغري الحوثيين بمزيد من القمع والتسلط، خصوصاً في ظل بيئة دولية مشغولة بملفات أخرى، ما يتطلب تحركاً حقيقياً لحماية الحقوق الأساسية في مناطق سيطرة الجماعة، وفي مقدمتها الحق في التعليم والعبادة وحرية المعتقد.
وفي ظل تكرار الجرائم التي تستهدف المدنيين من جهة، والمؤسسات الدينية والتعليمية من جهة أخرى، تتعالى الأصوات في الحكومة اليمنية ومنظمات المجتمع المدني المطالبة بمحاسبة الجماعة، وعدّها منظمة إرهابية.
ويؤكد مسؤولون يمنيون أن سياسة زراعة الألغام، والتضييق على الأئمة، وإغلاق المراكز التعليمية، ليست سوى أدوات تستخدمها الجماعة لإحكام قبضتها على المجتمع، ومنع أي صوت يخالف توجهاتها العقائدية أو السياسية.
وفي وقت تستمر فيه معاناة المدنيين، وترتفع أعداد الضحايا يوماً بعد آخر جراء انتهاكات الحوثيين، يطالب الحقوقيون اليمنيون بضغط دولي حقيقي، يضع حداً لهذه الانتهاكات، ويضمن الحد الأدنى من الحماية للمدنيين والأطفال.