
اجتماع مرتقب مع صندوق النقد وسط أزمة في تمويل الواردات
الرأي الثالث
تجري تحضيرات لانعقاد الجولة الأولى من المحادثات بين البنك المركزي اليمني في عدن وصندوق النقد الدولي في إطار المشاورات بين الطرفين، والتي من المقرر أن تعقد في العاصمة الأردنية عمّان مطلع الأسبوع القادم،
في وقت بلغ فيه عدد طلبات الاستيراد التي تم البت فيها وتمويلها عبر آلية اللجنة الوطنية الحكومية 1834 طلباً، بإجمالي تجاوز 470 مليون دولار.
ولا تزال الجهات المعنية في اليمن تبحث عن موارد إضافية لتمويل الطلبات الأخرى التي ستُقر لاحقاً.
وخلال شهر واحد فقط، وصل إجمالي التمويلات المباشرة التي تمّت عبر آلية اللجنة الوطنية لتمويل وتنظيم الاستيراد إلى نحو 314 مليون دولار، استحوذت المشتقات النفطية والمواد الغذائية بمختلف أنواعها والزيوت على الحصة الأكبر منها، تلتها بقية المواد الأساسية.
وجاءت هذه الإجراءات في ظل أزمة إمداد خانقة ونقص متواصل في السلع بالأسواق اليمنية، حيث استبقت اللجنة الوطنية الدعم السعودي الأخير، وبدأت بالبت في طلبات الاستيراد المقدمة من القطاع الخاص.
وبينما يعتبر البعض أن اللجنة تتطرق إلى مواضيع وقضايا خارج نطاق صلاحياتها، يشدد مختصون في اللجنة الحكومية على أن ذلك يأتي حرصاً على سير العمل بالآلية بكل شفافية ويسر.
وفي اجتماعها الثامن المنعقد يوم 18 سبتمبر/أيلول الحالي، ناقشت اللجنة للمرة الأولى دور السلطات الجمركية في المنافذ البحرية والبرية في تنفيذ الآلية، وأقرت معالجات للقضايا الفنية والإدارية والتمويلية واللوجستية المرتبطة بها.
ورغم انتقاد البعض لتوسع اللجنة في قضايا خارج نطاق صلاحياتها، يؤكد مختصون حكوميون أن هذه الخطوة تهدف إلى ضمان الشفافية وتسهيل سير العمل بالآلية.
وفي السياق، يشدد الخبير الاقتصادي هيثم حواس، أستاذ المالية والمصارف بكلية الاقتصاد والعلوم في جامعة عدن، على أهمية التأكد من صحة طلبات التوريد وضرورتها، وضمان دخول الكميات التي بالإمكان تمويلها من دون نقصان، باعتباره السبيل لتأمين سلاسل الإمداد في ظل الاحتياطي المتواضع من النقد الأجنبي.
ويرى أن جزءاً كبيراً من الطلب السابق على النقد الأجنبي كان يرجع إلى هوامش الربح الكبيرة التي يجنيها التجار، وكذلك إلى عمليات غسل الأموال وفساد بعض المؤسسات الحكومية.
وكانت المملكة العربية السعودية قد أعلنت تقديم دعم اقتصادي تنموي جديد للجمهورية اليمنية بمبلغ مليار وثلاثمائة وثمانين مليوناً ومائتين وخمسين ألف ريال سعودي (ما يعادل نحو 368 مليون دولار)، عبر البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن.
وأكدت أن الدعم سيخصص لدعم موازنة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، ودعم المشتقات النفطية، إضافة إلى دعم الميزانية التشغيلية لمستشفى الأمير محمد بن سلمان في محافظة عدن، وفقاً لحوكمة تدعم جهود الحكومة اليمنية في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية.
وعبر مجلس إدارة البنك المركزي اليمني، في اجتماعه الأخير يوم الأحد 21 سبتمبر/ أيلول، عن تقديره للمملكة العربية السعودية على الدعم المقدم في هذا الوقت الذي وصفه المجلس بالاستثنائي والعصيب.
وأكد أن هذا الدعم سيسهم في تخفيف المعاناة وتأمين الأساسيات من المرتبات والخدمات، إضافة إلى مساعدة الحكومة في تسريع وتيرة الإصلاحات القائمة لمعالجة الاختلالات وتحقيق الاستدامة المالية.
من جهته، قال المحلل الاقتصادي وفيق صالح ، إن: "هناك أولويات طارئة يبدو أن هذا الدعم سيوجه لتغطيتها، مثل رواتب الموظفين التي تمثل ضرورة ملحّة في الوقت الراهن، إذ تسببت أنظمة السيولة الخانقة بعدم القدرة على صرفها للشهر الثالث على التوالي،
إضافة إلى ما حددته السلطات في تفاصيل الدعم، والتي تهدف إلى تخفيف الضغط المالي الفوري".
وشهدت اجتماعات اللجنة الوطنية للاستيراد الأخيرة عرض الفريق التنفيذي العديد من المشكلات التي تظهر بين يوم وآخر خلال عمليات التنفيذ، سواء من خلال استقبال الطلبات في البنوك الوسيطة أو من خلال مراجعتها والبت فيها من قبل الفريق التنفيذي التابع للجنة.
وقد خضعت هذه المشكلات لنقاش مستفيض في اللجنة، واتُّخذت القرارات المناسبة بشأنها مستفيدة من توصيات الفريق الفني التابع للجنة.
ولتمكين اللجنة من معالجة أي قضايا أولاً بأول، وُجّه بعقد اجتماعات دورية بين الفريق الفني وجمعية البنوك والغرف التجارية والصناعية للتشاور والتنسيق لحل أي صعوبات ترافق عمليات التنفيذ خلال الفترة القادمة،
والتي ستشهد مزيداً من الإجراءات الهادفة إلى تعزيز الالتزام وتطبيق معايير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ومحاربة الغش والتدليس الجمركي والتهرب الضريبي.
كما لن يُسمح بدخول أي بضائع عبر المنافذ البحرية أو البرية أو الجوية للجمهورية ما لم تكن مصرحاً بها من اللجنة الوطنية لتمويل وتنظيم الاستيراد.
محمد راجح