استمرار الجهود السعودية لفرض التهدئة في حضرموت
الرأي الثالث - متابعات
أكد اللواء محمد القحطاني، رئيس اللجنة الخاصة ورئيس الوفد الأمني السعودي الذي يقود جهود الوساطة في محافظة حضرموت شرقي اليمن، استمرار المساعي السعودية لـ"فرض التهدئة"
والتواصل مع مختلف المكوّنات الاجتماعية "لضمان معالجة التوترات الراهنة في المحافظة"، مجدّدًا تأكيد موقف الرياض الرافض لوجود أي تشكيلات عسكرية خارج إطار الدولة والسلطة المحلية في حضرموت.
وأشاد القحطاني بمواقف القبائل والكتلة البرلمانية والمرجعيات الحضرمية، قائلاً إنهم "جسّدوا معاني الحكمة وضبط النفس باختيارهم تغليب صوت العقل وتجنب المواجهة المسلحة"،
مؤكّدًا أن هذه المواقف "ستظل علامة فارقة في الحفاظ على النسيج الاجتماعي وتعزيز فرص الاستقرار".
وجاءت تصريحات رئيس الوفد الأمني السعودي في إطار سلسلة لقاءاته مع قيادات سياسية وقبلية في محافظة حضرموت، ضمن زيارته التي بدأها في الثالث من ديسمبر/ كانون الأول الجاري، والتي تهدف إلى تعزيز التهدئة ودعم السلطة المحلية في إدارة شؤون المحافظة.
واجتمع القحطاني، اليوم الجمعة، بمحافظ حضرموت سالم أحمد الخنبشي ومرجعيات قبلية واجتماعية، إضافة إلى الكتلة البرلمانية الحضرمية برئاسة الشيخ صالح بن سالم العامري، ومجلس الشورى برئاسة الشيخ عبد الله صالح الكثيري، إلى جانب لقاءات مع وجهاء وأعيان مديريات الوادي والصحراء.
من جانبه، اعتبر محافظ حضرموت سالم أحمد الخنبشي أن زيارة الوفد السعودي "تعزّز روابط الأخوة والجوار" وتأتي في لحظة استثنائية تمر بها المحافظة، مشيرًا إلى أن "حضرموت تعوّل على هذه الزيارة لدعم الخدمات والاقتصاد والأمن، والتخفيف من الظروف التي يعانيها المواطنون".
وأعربت القيادات القبلية والبرلمانية المشاركة في الاجتماعات عن تقديرها للموقف السعودي في التعامل مع تبعات دخول قوات المجلس الانتقالي إلى وادي حضرموت، معتبرين أن خطوات الرياض "تمثل تطمينًا كبيرًا"
وتأتي استجابة لنداءات حضرموت في هذه المرحلة الحساسة. وتأتي اللقاءات في ظل تصاعد النقاش حول ترتيبات أمنية جديدة في وادي حضرموت،
ومساعٍ سعودية لإحلال القوات المحلية محل القوات التابعة للمجلس الانتقالي، في إطار ترتيبات تهدف إلى خفض التوتر وتعزيز سلطة الدولة في المحافظة.
اتهامات للانتقالي باختطاف جرحى من المستشفيات
في سياق متصل، اتهم حلف قبائل حضرموت قواتٍ تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي باقتحام عدد من مستشفيات مدينة المكلا، مركز محافظة حضرموت، واختطاف جرحى من قوات حماية حضرموت والمقاومة الشعبية كانوا يتلقون العلاج داخلها، يوم الثلاثاء الماضي.
وقال الحلف، في بيان صادر اليوم الجمعة، إن قوة مسلّحة اقتادت الجرحى تحت تهديد السلاح إلى جهة مجهولة، رغم أن بعضهم ما يزالون في حالة صحية حرجة، معتبرًا الحادثة "انتهاكًا خطيرًا لكل القوانين والأعراف القبلية والإنسانية التي تُحرّم الاعتداء على الجرحى".
وذكر البيان أن من بين المختطفين الجنديين وليد عمر بارشيد وعبد الله عوض بارشيد، إلى جانب مصابين آخرين، واصفًا الحادثة بأنها "مخالفة صارخة للقانون الدولي الإنساني".
وحمل الحلف قائد المنطقة العسكرية الثانية والمدير العام لأمن وشرطة ساحل حضرموت المسؤولية الكاملة عن حياة الجرحى وسلامتهم، معتبرًا ما جرى "جريمة تُضاف إلى سلسلة انتهاكات تتعرض لها حضرموت".
ودعا الحلف المنظمات الحقوقية المحلية والدولية، وعلى رأسها الهيئات الأممية المعنية بحقوق الإنسان، إلى "توثيق هذه الانتهاكات الجسيمة والتدخل العاجل للإفراج عن الجرحى المختطفين ومحاسبة المسؤولين عنها".
وأكد الحلف أنه "سيتخذ كل الإجراءات اللازمة لاستعادة حقوق أبناء حضرموت"، مشددًا على أنه "لن يتهاون أمام أي اعتداء يستهدفهم".
وحلف قبائل حضرموت هو تكتل قبلي يرأسه الشيخ عمرو بن حبريش، وكيل أول محافظة حضرموت، تأسس عام 2013، ويضم قبائل حضرموت وعشائرها.
ويملك الحلف تشكيلًا عسكريًّا وأمنيًّا واسع الانتشار تحت اسم "قوات حماية حضرموت"، مقرها منطقة الهضبة في وادي حضرموت حيث تتركز آبار النفط. ومن أبرز مطالب الحلف منح حضرموت حكماً ذاتيًّا وحصة من المخزون النفطي وتحسين البنية التحتية والخدمات.
وقد تصدت قوات الحلف للقوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي سيطر مطلع الشهر الجاري على محافظتي حضرموت والمهرة بعد مواجهات عسكرية محدودة.
تطورات ميدانية
من جهته، قُتل ثلاثة جنود وأصيب سبعة آخرون من قوات دفاع شبوة التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، اليوم الجمعة، إثر هجوم بطائرة مسيَّرة يعتقد أنها تابعة لتنظيم القاعدة، بمحافظة شبوة، جنوب شرقي اليمن.
وأفادت مصادر بأن طائرة مسيَّرة استهدفت ثكنة عسكرية تابعة لقوات دفاع شبوة التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي في منطقة بئر عارين، ما أسفر عن مقتل ثلاثة جنود، هم: عبد الخالق مبارك الحني، وعلي بن حمد القبالي اليوبي، وصالح محمد ضيف الله القبالي اليوبي، وإصابة سبعة آخرين بجروح.
وأوضحت المصادر أنه يُعتقد وقوف تنظيم القاعدة خلف الهجوم، خاصة أنه جاء بعد هجوم مماثل أول أمس الأربعاء نفذه التنظيم ضد ثكنة عسكرية تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي في مديرية الصعيد بالمحافظة ذاتها، وأسفر عن مقتل جندي وإصابة اثنين آخرين بجروح خطيرة.
وكانت القوات التابعة لـ"الانتقالي" قد أعلنت، أول أمس الأربعاء، أنها أحبطت "هجوماً إرهابياً" نفذته عناصر يُعتقد أنها تنتمي لتنظيم القاعدة على مواقع عسكرية في منطقة المصينعة بمديرية الصعيد في محافظة شبوة.
وقال اللواء السادس صاعقة إن العناصر الإرهابية حاولت استخدام طائرة مسيرة لتمهيد تقدمها نحو المواقع الأمنية، إلا أن الوحدات المرابطة تعاملت معها بسرعة وكفاءة، وتمكنت من صد الهجوم وإجبار العناصر على التراجع.
وكان قياديان في تنظيم القاعدة قد قُتلا وسقط عدد من الجرحى، بينهم امرأة وطفل، مساء الاثنين الماضي، إثر شن الطيران الأميركي المسير غارتين على مواقع التنظيم في محافظة مأرب، شمال شرقي اليمن.
وأفادت مصادر بأن القياديين في تنظيم القاعدة عبيدة الحضرمي وأنيس الحاصلي قُتلا إثر غارة أميركية نفذتها طائرة مسيرة على مواقع تابعة للتنظيم في منطقة الحضن بوادي عبيدة بمحافظة مأرب النفطية.
وتأتي هذه العملية بعد مقتل القيادي في التنظيم منير الأهدل، الملقب بـ"أبي الهيجاء الحديدي" في نهاية الشهر الماضي إثر استهدافه بغارة طائرة أميركية بدون طيار حين كان يستقل دراجة نارية في منطقة الحصون بوادي عبيدة في مأرب، ما أدى إلى مقتله هو وأحد مرافقيه.
إلى ذلك، أعلنت جماعة أنصار الشريعة عن تنفيذ عملية قنص استهدفت جندياً من قوات "الانتقالي"، السبت الماضي، في وادي عومران بمديرية مودية بمحافظة أبين، جنوبي اليمن.
ويتزامن ذلك مع استمرار العملية العسكرية التي أطلقها "الانتقالي" ضد التنظيم في محافظة أبين بنهاية العام 2022، تحت اسم "سهام الشرق"، والتي تتمركز معظم عملياتها في وادي عومران بمديرية مودية، محافظة أبين، جنوبي البلاد.
يُشار إلى أن تنظيم القاعدة ينتشر بشكل رئيسي في أربع محافظات يمنية، هي مأرب وأبين وشبوة والبيضاء، ويتعرض لاستهدافات من قبل القوات الحكومية والطيران المسيّر الأميركي، الذي استهدف خلال السنوات الماضية عدداً من قيادات التنظيم.
وكان المركز الأميركي للعدالة (ACJ) قد قال إن 76 شخصًا قُتلوا خلال مواجهات شهدتها مدينة سيئون وعدد من مديريات وادي حضرموت ومحافظة المهرة خلال الأيام الماضية،
محذرًا من اتساع نطاق الانتهاكات وارتفاع مستوى العنف شرقي اليمن. وأوضح المركز أن "قوات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، قدمت من عدة محافظات، نفذت عمليات اقتحام واعتقالات ونهب استهدفت مؤسسات حكومية ومحالًا تجارية ومنازل مواطنين، خصوصًا المنتمين إلى المحافظات الشمالية"
معتبرًا أن "الاعتداءات اتخذت طابعًا تمييزيًّا قائمًا على الهوية الجغرافية".
وبحسب المركز، تتوزع الحصيلة الأولية للضحايا إلى: 34 قتيلاً من قوات الانتقالي، 17 قتيلاً من حلف حضرموت، 24 قتيلاً من قوات المنطقة العسكرية الأولى، إضافة إلى قتيل مدني واحد، رغم أن المواجهات كانت "محدودة في أماكن معينة فقط في بداية الاشتباكات".
وأشار المركز إلى أن الانتهاكات شملت اقتحام مقرات حكومية ومنازل مسؤولين وعسكريين ونهب ممتلكات خاصة، إلى جانب إجبار بعض التجار على فتح محلاتهم بالقوة وتركها عرضة للنهب، وفتح مخازن أسلحة، ما أثار مخاوف من تفاقم العنف.
ودعا المركز قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي إلى "وقف الاعتداءات فورًا والإفراج عن المحتجزين وفتح تحقيق مستقل"، مؤكدًا أن "حماية المدنيين ومنع التمييز المناطقي يمثلان التزامًا قانونيًّا وأخلاقيًّا يجب احترامه".