دفع أميركي لاتفاق أمني بين سورية وإسرائيل
الرأي الثالث - وكالات
في ظل عودة الضغوط الأميركية للدفع نحو اتفاق أمني بين سورية ودولة الاحتلال، ورغم بروز مؤشرات على قبول رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالعودة إلى هذا المسار بعد فشل محاولات سابقة للتوصل إلى تفاهمات،
تبقى الشكوك قائمة في نيّة الاحتلال التوصل فعلاً إلى اتفاق، خصوصاً مع استمرار حديثه عن شروط بإنشاء منطقة منزوعة السلاح تصل إلى حدود دمشق، ومواصلة انتهاكه اتفاق فك الاشتباك لعام 1974، عبر التوغلات في جنوبي سورية، من بينها التوغل اول أمس الجمعة.
رغم ذلك يبدو أن الضغوط الأميركية نجحت في دفع إسرائيل للانخراط مجدداً في جهود التوصل إلى اتفاق أمني، غير أن تل أبيب تحاول رفع سقف مطالبها، إما لانتزاع اتفاق على هواها أو بهدف إفشال هذه الجهود أساساً.
بالمقابل فإن دمشق تكرر مطالبتها بانسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي احتلّها ما بعد إسقاط نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول 2024، لا سيما في الجولان ومناطق في جبل الشيخ، كشرط لأي ترتيب أمني مع إسرائيل.
تعنّت إسرائيلي
ووسط ما يبدو أنه محاولات أميركية للتوصّل إلى تسوية تقود الى ترتيبات أمنية بين الطرفين، تواصل إسرائيل تعنّتها، رافضةً الانسحاب من الأراضي السورية التي احتلتها قبل نحو عام، كما تستمر في محاولاتها لشيطنة النظام السوري.
وأورد موقع واينت العبري، أمس، أن الانسحاب من أراضٍ سورية لن يحدث، رغم وجود اتصالات بين الطرفين بواسطة أميركية، قبل أن تصبح المنطقة منزوعةَ السلاح. وتطالب إسرائيل بمنطقة منزوعة السلاح تمتد من دمشق الى المنطقة العازلة في الجولان السوري المحتل.
ولفت الموقع إلى أن إسرائيل لا تثق كثيراً بالرئيس السوري أحمد الشرع، فيما يواصل الأميركيون الضغط، ومن المتوقّع حسم الأمور فقط بعد اللقاء المرتقب بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونتنياهو (لم يحدد موعده بعد).
ونقل عن مسؤول أميركي، لم يسمّه، أن هناك تقدماً في المحادثات، رغم أن التطبيع ليس مطروحاً.
وأضاف أنه "مجرد وجود اتصالات بين إسرائيل وسورية، هو أمر مهم جداً. إنه حدث تاريخي. ترامب مهتم بالتوصّل إلى تسوية خشية أن ينجرف الشرع نحو إيران أو الصين أو روسيا. من المهم الحفاظ عليه ضمن معسكر الدول المعتدلة".
وبحسب المسؤول، اقترح الأميركيون أن تزوّد إسرائيل سورية بالغاز لتعزيز الاستقرار، وإسرائيل لم تستبعد الاقتراح حتى الآن.
من جهتها أشارت صحيفة هآرتس العبرية، أمس، إلى استمرار الفجوات بين إسرائيل والولايات المتحدة بشأن سورية،
مضيفةً أنه طوال أشهر عديدة يدفع ترامب نحو ترتيبات أمنية بين تل أبيب ودمشق، تشمل انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي من المناطق التي سيطر عليها قبل نحو عام، في جبل الشيخ السوري وفي الجولان السوري، فيما يبقى نتنياهو "متشككاً ومراوغاً".
زخم جديد
وتلقى هذا المسار زخماً جديداً بعد اجتماع المبعوث الأميركي الخاص إلى سورية توم برّاك، الاثنين الماضي، مع نتنياهو في القدس المحتلة،
إذ نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصادر أن نتنياهو أبلغ برّاك موافقته على تعيين ممثل خاص من جانبه لقيادة المفاوضات مع سورية، بدلاً من الوزير السابق رون ديرمر الذي استقال قبل أسابيع.
ونقلت القناة 12 العبرية عن مسؤولين إسرائيليين أن نتنياهو يعتزم تعيين مسؤول ذي خبرة أمنية، وربما يشغل حالياً منصباً في المؤسسة الأمنية.
ووفقاً للقناة فقد كان هدف اجتماع نتنياهو وبراك ما وصفتها بتصفية الأجواء وتخفيف التوترات والشكوك بين الطرفين الإسرائيلي والسوري، فيما أفاد مسؤولون أميركيون بأن الهدف تحقق.
ويرى مراقبون أن الحكومة الإسرائيلية ربما لا تُريد التوصل إلى أي اتفاق أمني مع الجانب السوري لأنها تعتقد أن مثل هذا الاتفاق غير مفيد لها في هذه المرحلة، إذ يمكنها بدون اتفاق أن تفعل ما يحلو لها في الجنوب السوري، بينما أي اتفاق سيقيدها ويحد من حركتها.
وترى أن الأنسب لها هو استغلال ما تعتقد أنها حالة ضعف تمر بها سورية لانتزاع اتفاقية سلام تتنازل بموجبها دمشق عن هضبة الجولان المحتلة وتقبل بسلام "دافئ" مع تل أبيب يتضمن تمثيلاً دبلوماسياً وتطبيعاً للعلاقات.
وفي هذا السياق، جاءت مطالبة المندوب الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون، أول من أمس الخميس، خلال كلمته في مجلس الأمن، بإنشاء منطقة منزوعة السلاح، تمتدّ من دمشق وصولاً إلى المنطقة العازلة الحالية،
قائلاً إن إسرائيل لن تسمح لإيران أو حزب الله (اللبناني) أو "حماس"، أو أي جماعات أخرى، بإعادة التمركز أو الوجود عند الحدود الشمالية.
من جهته، قال مندوب سورية لدى الأمم المتحدة إبراهيم علبي إن دمشق ملتزمة باتفاقية فض الاشتباك المبرمة مع تل أبيب منذ عام 1974، بينما يواصل الاحتلال الإسرائيلي انتهاكاته لها،
مؤكداً أن سورية تحتاج إلى وجود قواتها الأمنية على الحدود مع إسرائيل لضبط تلك المنطقة. وأمس، توغل الجيش الإسرائيلي في عدة قرى بريف القنيطرة.
وذكرت وكالة الأنباء السورية "سانا" أن قوة للاحتلال مؤلفة من ثلاث سيارات توغلت من مدخل بلدة بئر عجم باتجاه قرية بريقة،
فيما توغلت قوة ثانية مؤلفة من سيارتين من مدخل قرية العشة باتجاه قرية الرفيد. كذلك توغلت قوة أخرى مؤلفة من سيارة واحدة عند قرية أم العظام، وأقامت حاجزاً عند تقاطع قريتي المشيرفة ورويحينة، كما توغلت قوة للاحتلال مؤلفة من ثلاث سيارات في قرية رويحينة.