خلافات بشأن الرئاسات الثلاث قبيل أولى جلسات البرلمان العراقي
الرأي الثالث - وكالات
قبيل نحو 48 ساعة من انعقاد أولى جلسات البرلمان العراقي الجديد، المقررة بعد غد الاثنين، بحسب التوقيتات الدستورية في البلاد،
ومع توجه العملية السياسية نحو مرحلة شديدة الحساسية في ظل سباق محموم لمحاولة احتواء الخلافات المتراكمة داخل القوى السياسية نفسها،
أكدت مصادر مطلعة أن القوى لم تنجح حتى الآن بالتوافق داخلياً ولو أولياً على مرشح كل منها للرئاسات الثلاث (البرلمان، الجمهورية، الحكومة)، وسط مخاوف من أن ينعكس هذا التعثر على مسار تشكيل الحكومة المقبلة.
ولم يستبعد النائب السابق عن القوى السنية، عبد الخالق العزاوي، إمكانية دخول جلسة البرلمان الأولى بمرشحين اثنين لمنصب رئيس البرلمان، إذا لم يحصل التوافق بشأن أحدهما.
وقال في تصريح صحافي أمس الجمعة، إن "المجلس السياسي الوطني، الذي يضم القوى السنية في البلاد، مستمر بعقد لقاءاته في بغداد من خلال ممثلي وقادة الكتل،
مع وجود توقعات بعقد اجتماع مهم قبل 24 ساعة من موعد الجلسة الأولى للبرلمان، من أجل حسم خريطة طريق التفاهمات".
وأضاف أن "هذه التفاهمات تتضمن الاتفاق على مرشح واحد يمثل القوى السنية لمنصب رئيس مجلس النواب، باعتباره استحقاقاً دستورياً للمكون"،
لافتاً إلى أن "المنصب يتنافس عليه حالياً مرشحان هما محمد الحلبوسي ومثنى السامرائي". وأشار إلى أن "القوى السنية تكثف لقاءاتها من أجل الوصول إلى توافق يفضي إلى طرح شخصية واحدة لهذا المنصب،
إلا أن احتمال طرح المرشحين معاً داخل قبة البرلمان يبقى وارداً، ليكون الحسم عبر التصويت"،
مؤكداً أن "جميع القوى السياسية، ومنها القوى السنية، ملتزمة بضرورة إكمال الاستحقاقات الدستورية لتشكيل الحكومة وفق خريطة الطريق التي أعلنها مجلس القضاء الأعلى،
من حيث التوقيتات الزمنية لعقد الجلسة الأولى، وانتخاب رئيس المجلس ونائبه، وصولاً إلى انتخاب رئيس الجمهورية ثم تكليف مرشح لتشكيل الكابينة الوزارية".
الإطار التنسيقي يستعد لاجتماع طارئ
في المقابل، لا يبدو المشهد أوضوح داخل قوى الإطار التنسيقي، التي تواجه بدورها خلافات معقدة تتعلق بمرشح رئاسة الوزراء، الى جانب الخلاف على مرشح نائب رئيس البرلمان.
وقال نائب عن "الإطار" ، إن قوى الإطار تسعى لعقد اجتماع طارئ خلال الساعات القليلة المقبلة، في محاولة لحسم هذه الملفات قبل انعقاد جلسة البرلمان الأولى.
وأضاف أن "المساحة الزمنية تضيق بشكل كبير أمام المرشحين المتنافسين على رئاسة الحكومة، في ظل استمرار التباين بين اسمي رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني وزعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي،
فضلاً عن أسماء أخرى تُعَدّ أقل حظوظاً داخل الإطار"، مشيراً إلى أن الخلاف ما زال صعب التجاوز في ظل تمسك كل طرف بمرشحه وتداخل الحسابات السياسية الداخلية مع اعتبارات إقليمية ودولية.
في السياق، انتقد النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، ماجد شنكالي، التركيز المفرط على المواقف الخارجية في هذه المرحلة.
وتسائل على "إكس"، قائلاً: "ماذا قال (المبعوث الأميركي الخاص إلى العراق مارك) سافايا، وماذا سيفعل؟ وبماذا تحدث (المبعوث الأميركي) توم براك، وما رؤيته؟ وما رأي الخارجية الأميركية؟
أسئلة قد يكون لها دور في رسم المشهد السياسي العراقي، لكن الدور الأكبر والأهم ما ستقوم به الكتل السياسية وقادتها في رسم خريطة طريق لإخراج العراق من أزماته ومشاكله وتضعه على مسار بناء دولة المؤسسات والمواطنة وسيادة القانون، من خلال محاربة الفساد فعلاً لا قولاً،
وتشكيل حكومة لا يجري فيها تدوير المناصب على الأشخاص الذين تسببوا بهذه الأزمات والمشاكل التي نعيشها الآن".
من جهته، حذر الأكاديمي المختص في الشأن السياسي العراقي، سعد البياتي، من اتفاقات اللحظة الأخيرة،
قائلاً إن "ضيق الوقت يدفع القوى السياسية نحو تسويات سريعة، غالباً ما تكون شكلية وغير راسخة، وتجاربنا السابقة أثبتت أن الاتفاقات التي تبرم تحت ضغط زمني من دون معالجة حقيقية لجذور الخلاف سرعان ما تنهار أمام أول اختبار".
وأضاف البياتي أن "أزمة الثقة بين القوى السياسية داخل المكونات نفسها، لا تزال العائق الأكبر أمام تشكيل حكومة مستقرة"،
محذراً من "الدخول إلى الجلسة البرلمانية الأولى بخلافات مفتوحة قد تؤسس لمسار طويل من التعطيل والمساومات السياسية، وتؤخر المطالب الفعلية للشارع".
ومع اقتراب موعد جلسة البرلمان العراقي الأولى، تبدو الساعات المقبلة حاسمة في تحديد ملامح المرحلة المقبلة، وسط مخاوف من أن يدخل البرلمان الجديد، وهو مثقل بانقسامات مبكرة، ما ينذر بمسار حكومي معقد قد يعيد إنتاج الأزمات نفسها التي يعاني منها العراق منذ سنوات.
ووفق نظام المحاصصة المعمول به في العراق منذ الغزو الأميركي للبلاد 2003، فقد جرى العرف السياسي على أن يكون منصب رئاسة البرلمان العراقي للعرب السُّنة، ورئاسة الجمهورية، وهي منصب فخري، للقوى الكردية، ورئاسة الحكومة للقوى العربية الشيعية.
لكن أياً من تلك الاستحقاقات لم يُحسَم مرشحوه، رغم مرور شهر ونصف على إجراء الانتخابات التشريعية العامة، وإعلان النتائج الرسمية لها.