إطلاق "ستارلينك" في اليمن.. للتجسس أم لتحسين الإنترنت؟
"ستارلينك" متاح في اليمن" هكذا أعلن المليونير الأميركي ومالك شركة "سبيس إكس" إيلون ماسك الأربعاء في تدوينة عبر حسابه على منصة إكس عن تدشين خدمة الإنترنت الفضائي "ستارلينك" في اليمن.
وقالت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات التابعة للحكومة اليمنية في عدن " إنه في خطوة نوعية لتعزيز البنية التحتية الرقمية وتوسيع نطاق الوصول إلى الإنترنت، أعلنت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات للحكومة الشرعية في اليمن عن تفعيل خدمة الإنترنت الفضائي "ستارلينك" في المناطق المحررة".
وأضافت أن ذلك "يأتي في إطار جهود الوزارة لمواجهة التحديات الناجمة عن الصراع وتحسين خدمات الاتصالات في ظل الظروف الراهنة".
ولكن هذا الإعلان لم يعجب وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات التابعة لجماعة الحوثي في صنعاء، وأعلنت رفضها لهذا الاتفاق، وقالت في بيان نشرته عبر صفحتها على الفيسبوك إن "سماح مرتزقة العدوان لشركة "ستارلينك" بتقديم خدمات الإنترنت بالمناطق المحتلة انتهاك صارخ لسيادة اليمن"، وفق تعبيره.
وأضاف البيان أن تقديم خدمات الإنترنت من قبل شركة أجنبية في أي منطقة في كافة أنحاء الجمهورية، يشكل تهديدا مباشرا للأمن القومي اليمني ويقوّض القدرة على حماية خصوصية المواطنين وبياناتهم.
في المقابل كانت السفارة الأميركية لدى اليمن من أوائل المرحبين بهذا الإعلان وقالت في تدوينة عبر حسابها على منصة إكس: تهانينا لليمن لكونها أول دولة في الشرق الأوسط تتمتع بإمكانية الوصول الكامل إلى الإنترنت عبر الأقمار الصناعية من ستارلينك!.
وأضافت: "يوضح هذا الإنجاز كيف يمكن للتكنولوجيا أن تفتح فرصا جديدة وتدفع عجلة التقدم".
اليمن في فضاء «ستارلينك»
بالتوازي مع الحروب العسكرية في العالم والشرق الأوسط، ومنه اليمن، تتطوّر أشكال أخرى مرادفة من الصراعات، مثل الهجمات السيبرانية التي تزداد شراستها وتفوق مخاطرها مخاطر الهجمات التقليدية.
وبات ملف الأمن السيبراني بالغ الأهمية، وهو مكوّن أساسي في منظومة الأمن القومي لجميع دول العالم، وخاصة الدول المتقدّمة؛ فكلما تزايد اعتماد الدولة على التحوّل الرقمي، تعاظمت مخاطر الأمن السيبراني، وبات عليها التحوّط ممّا يمكن أن تحدثه الهجمات السيبرانية من مخاطر وخسائر.
وفي ظل اتضاح تلك الحقيقة، وفي وقت متزامن تقريباً، أعلنت كلٌّ من الحكومة اليمنية، والسفارة الأميركية في اليمن، ومالك منصة «إكس»، إيلون ماسك، أن «مؤسسة الاتصالات اليمنية» فعّلت خدمة «ستارلينك» الفضائية للإنترنت، بشكل رسمي.
وإذ يبدو لافتاً أن اليمن، البلد الفقير، قد أصبح أول دولة في الشرق الأوسط تحظى بهذه الخدمة، فقد مهّدت «المؤسسة اليمنية للاتصالات»، قبل نحو أسبوع، لما جرى بالقول إنها ستعلن قريباً عن أسعار الأجهزة والباقات الخاصة بخدمة «ستارلينك» في المحافظات اليمنية.
وبموجب الترخيص، فإن المؤسسة ستكون هي الوكيل الرسمي لتقديم خدمات الإنترنت الفضائي في البلاد، «لكونها أول دولة في الشرق الأوسط تتمتّع بإمكانية الوصول الكامل إلى الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية من ستارلينك»..
وتسيطر جماعة الحوثي على قطاع الاتصالات، الذي يعدّ من أسوء القطاعات في البلد حيث تعرّضت مؤسسات الاتصالات للاهمال والتدمير الممنهج .
هذا الإعلان عن إطلاق خدمة "ستارلينك" للإنترنت الفضائي في اليمن أثار حالة من الجدل بين المؤيدين للحكومة اليمنية وبين أنصار جماعة الحوثي على منصات التواصل.
حيث أبدى ناشطون مؤيدون لجماعة الحوثي استغرابهم من وقت إعلان تقديم خدمة "ستارلينك" في هذا التوقيت، خاصة أنه يأتي في ظل دخول الجماعة اليمنية بمواجهة مباشرة مع الاحتلال الإسرائيلي نصرة للمقاومة الفلسطينية في غزة.
وقال أحد المدونين: "بصفتي مواطنا يمنيا أعلن رفضي التام لوجود خدمة ستارلينك في اليمن، لأنني أدرك تماما أن هذه الخدمة مدعومة من العدو الصهيوني والأميركيين، الذين لا يحملون أي نية خير تجاه بلدنا، وأن هدفهم من هذه الخدمة واضح، وهو استهدافنا عسكريا، ثقافيا، أمنيا، واقتصاديا، ونحن على وعي تام بهذا المخطط".
وأضاف آخرون أن الإعلان عن إطلاق الخدمة في هذا التوقيت يأتي "لتسهيل عملية التجسس وتحديد أماكن الصواريخ التي سيستخدمها الحوثي في استهداف إسرائيل".
في المقابل رأى من يؤيد دخول خدمة "ستارلينك" إلى اليمن، أنها حجر أساس لكسر احتكار شركة الاتصالات اليمنية وسيتوفر المزيد والمزيد من الخيارات في المستقبل، وفق تعبيرهم.
وتساءل يمنيون لماذا هذا الخوف من أجهزة "ستارلينك" خاصة أنهم يستخدمون خدمة الإنترنت منذ سنوات، وتساءلوا أيضا "ألا يحق للمواطن اليمني أن يتعلم أكثر ويكتشف كيف العالم يتطور من حوله أم مكتوب عليه أن يظل يعيش في ظل احتكار الشركة المحلية؟".
وهناك أيضا من حمّل وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات التابعة للحوثي المسؤولية عن دخول "ستارلينك" إلى اليمن، وعللوا ذلك بالقول: هناك حاجة ماسة لتحسين خدمات الإنترنت الحالية. ندعوكم لخفض أسعار الإنترنت وتوسيع خدمات الجيل الرابع في كافة المحافظات، بما فيها صعدة. إذا تم تحسين الشبكات المحلية، فلن تكون هناك حاجة للشبكات الفضائية مثل "ستارلينك".