الخليج يثبّت موقعه في عهد ترامب واليمن عامل حاسم في معادلة الأمن والتنمية الإقليمية
اختتمت زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى دول الخليج بنجاح كبير بعد جولة شملت المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة قطر. .
وقد أثبتت هذه الدول قدرتها العالية على استثمار علاقاتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية ملموسة تعزز من مكانتها الإقليمية والدولية وتعكس نضج رؤيتها في التعاطي مع المتغيرات العالمية بما يخدم مصالحها العليا ويعزز الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. .
أظهر الرئيس ترامب خلال الزيارة موقفا أكثر مرونة وواقعية تجاه الوضع في اليمن حيث أكد على أهمية أمن البحر الأحمر والممرات الدولية واعتبره أولوية قصوى للمصالح الأمريكية والعالمية.
كما أعرب عن انفتاحه على التعامل مع جماعة الحوثي شرط التزامها بوقف الهجمات على الملاحة الدولية وهو ما اعتبره تطورا إيجابيا يصب في مصلحة الجميع خصوصا السعودية واليمن في آن واحد .
وقد أشار بوضوح إلى أن أي تهديد جديد سيقابل برد فوري مما يعكس نهجا مزدوجا يجمع بين الانفتاح السياسي والردع العسكري في إطار مسعى لتقديم نفسه كزعيم قادر على إنهاء الصراعات وتحقيق الاستقرار دون حروب طويلة. .
نجحت المملكة العربية السعودية في ترسيخ مكانتها كشريك أول للولايات المتحدة في المنطقة من خلال توقيع مجموعة من الاتفاقيات الواسعة النطاق في مجالات الدفاع والطاقة والتكنولوجيا والاقتصاد . .
كما تم الإعلان عن تقدم في المفاوضات بشأن التعاون في مجالات متعددة بما يعكس الثقة الأمريكية في الرؤية السعودية الطموحة التي تسعى إلى تنويع الاقتصاد وتحقيق الاستدامة وتعزيز دورها القيادي في ضمان أمن واستقرار المنطقة.
كما نجح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في أقناع الرئيس الأمريكي ترمب برفع العقوبات المفروضه على سوريا وعقد لقاء للرئيس السوري مع الرئيس الأمريكي.
أما الإمارات فقد واصلت ترسيخ موقعها كقوة اقتصادية وتقنية صاعدة حيث أسفرت الزيارة عن اتفاقيات استثمارية ضخمة في الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة مما يعزز من طموح أبوظبي في أن تصبح عاصمة عالمية للاستثمار والابتكار.
وقد نالت الإمارات إشادة أمريكية واضحة على دورها في استقرار المنطقة وعلى رؤيتها الاقتصادية الديناميكية التي تتكامل مع الشراكة الاستراتيجية مع واشنطن على أساس المصالح المتبادلة والفرص المستقبلية.
وبرزت قطر مرة أخرى كلاعب دبلوماسي محوري في ملفات المنطقة من خلال دورها الفاعل في الوساطات السياسية وشراكتها الأمنية الوثيقة مع الولايات المتحدة .
وقد ناقشت القيادة القطرية مع الرئيس ترامب قضايا حساسة تتعلق بالاستقرار الإقليمي خصوصا في سوريا وغزة وأفغانستان حيث تم التوصل إلى تفاهمات مهمة تعزز دور الدوحة كوسيط موثوق وشريك أساسي في جهود حفظ الأمن والتوازن في منطقة الشرق الأوسط. .
وفي خضم هذه النجاحات تبقى اليمن حاضرا في حسابات الأمن الخليجي حيث تدرك دول مجلس التعاون أن استقرار اليمن هو حجر الزاوية في أمنها الوطني وأن تجاهل احتياجاته الاقتصادية قد يُنتج أزمات مزمنة تؤثر على كامل المنطقة .
ولذلك يبرز التوجه الخليجي نحو استيعاب اليمن ودعمه اقتصاديا باعتباره ضرورة استراتيجية تُمكن من احتواء التهديدات ومنح البلاد فرصة للنهوض والمساهمة في التكامل الإقليمي بما يُعزز فرص التنمية ويُحصن المنطقة من الفوضى ويخلق مناخا أكثر استقرارا لمشاريع التحول الاقتصادي الكبرى في الخليج. .
* سفير بوزارة الخارجية