
اعتقال محام يمني سخر من الحوثيين بعد القصف الأميركي
الرأي الثالث
لم يشفع للمحامي محمد لقمان دفاعه عن الحوثيين طوال فترة حكمهم في اليمن، وعندما بدأ بمجرد انتقادهم باشروا اختطافه من مكتبه في حي الدائري بصنعاء واقتادوه منذ أسبوع إلى المعتقل، على خلفية آرائه التي عبّر عنها في وسائل التواصل الاجتماعي، وفق ما تداولته مصادر حقوقية.
وقالت المصادر إن عملية الاعتقال تمت من دون تقديم أي مذكرة قانونية أو توضيح رسمي للأسباب، في خطوة اعتبرها حقوقيون انتهاكاً صارخاً للإجراءات القانونية وحرية التعبير التي كفلها الدستور اليمني بل وجرم الاعتقال خارج سياق القانون.
وأرجع زملاء لقمان سبب اعتقاله إلى كتاباته التي انتقدت مجمل السلوكيات والانتهاكات التي ترتكبها جماعة الحوثي، وكان يعبر عنها من خلال منشوراته على مواقع التواصل الاجتماعي.
في حين اعتبر رئيس جمعية المحامين اليمنيين أنيس الخراز أن ما تعرض له لقمان "يأتي في سياق استمرار وتصاعد الانتهاكات التي يتعرض لها المحامون والنشطاء الحقوقيون والصحافيون في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية".
وأوضح الخراز أن تلك الانتهاكات "تشمل الاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري ومنع الحريات العامة في سلوكيات مجرمة في النظام والقانون اليمني".
ومع ما يرافق سيطرتها على العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات الشمالية منذ عام 2014 انتهجت الميليشيات المدعومة من النظام الإيراني سياسة القمع ضد المعارضين لمشروعها في اليمن.
ويؤكد المحامي الخراز أن "سجون الحوثي السرية أو تلك المعروفة، تعج بآلاف المعتقلين والمعتقلات خارج القانون في فعل إجرامي غير معهود في تاريخ اليمن".
وفي مارس (آذار) الماضي، كشفت المنظمة اليمنية للأسرى والمختطفين عن وفاة نحو 98 معتقلاً بعد أيام من إطلاق سراحهم من سجون جماعة الحوثي، بعد أن تم حقنهم بمواد سامة، وأوضحت المنظمة في تقرير لها أن هذه الحالات تم توثيقها خلال ثمانية أعوام.
وأكدت المنظمة اليمنية أن جماعة الحوثي ارتكبت 17 ألفاً و600 حالة تعذيب جسدي في سجونها، إضافة إلى أكثر من 2000 حالة إخفاء قسري.
السخرية من "قيمة النصر"
ووفقاً لحساب لقمان على منصة "فيسبوك" فقد انتقد قبل ستة أيام ما وصفه بالتجاهل المؤسسي لحقوق الضحايا المدنيين جراء الغارات الجوية متسائلاً "هل هناك ضحايا أو إصابات أو أضرار نتيجة لاستهداف المواقع التي طاولتها الهجمات أم أنها غير ذات قيمة؟".
وأضاف معلقاً في منشوره "إن للضحايا حقوقاً أقلها أن يُوثقوا في سجلات وبيانات وزارتي الداخلية والصحة أم أن ذكرهم سيُقلل من قيمة النصر؟"،
وهي عبارة تحمل سخرية من ادعاء الحوثيين انتصارهم على الولايات المتحدة، بعدما أشار دونالد ترمب في السادس من مايو (أيار) الجاري إلى "استسلام الجماعة"، وقال إنهم "طلبوا من الولايات المتحدة وقف الغارات عليهم".
وانتقد المحامي عبد العزيز البغدادي الذي سبق له تولي منصب "النائب العام" في سلطة الحوثيين، سلوك الميليشيات من هذه الحادثة،
وقال في منشور له على صفحته بـ"فيسبوك" إن "المحامي محمد لقمان من أنشط المحامين في الدفاع عن الحقوق والحريات، وهذا جوهر مهنة المحاماة".
وأضاف البغدادي "ما تعرض له لقمان يعتبر إخفاءً قسرياً لا يليق بأي سلطة خاصة في ظل الظروف القاسية التي يعيشها اليمن"، ووصف احتجاز لقمان بأنه "من أبرز علامات عدم احترام العدالة".
كما طالب زملاء ونشطاء ومحامون ومقربون من لقمان بالكشف عن مصيره والإفراج الفوري عنه.
ارتياح بالقصف
ومنذ بدء الغارات الإسرائيلية على المقدرات اليمنية في يوليو (تموز) 2024 عبر قطاع واسع من اليمنيين عن غضبهم من الممارسات الحوثية التي تستجلب تدمير الأعيان المدنية بلا أدنى اكتراث ومن دون أن يكون دعماً حقيقياً للفلسطينيين في قطاع غزة.
وتصاعدت حدة الاحتجاجات ضد ما اعتبره مساعي جلب القصف الأميركي والإسرائيلي لحسابات سياسية ضيقة، عقب عبارات الاستبشار والترحيب التي رددها قادة الجماعة بداعي الاشتراك مع الفلسطينيين في مأساتهم كما هي الحال بالقيادي الحوثي نصر الدين عامر الذي أثارت تصريحاته غضباً واسعاً بقوله
"الآن ارتحنا أننا نقصف كغزة، كنا نستحي من الشعب الفلسطيني أنه يقصف ونحن لا نقصف".
وعلى رغم محاولات الحوثيين التغطية على هذه القضية، إلا أن ردود الأفعال عبر مواقع التواصل الاجتماعي أظهرت رفضاً شعبياً قاده نشطاء وإعلاميون من بينهم لقمان عبر حساباتهم.