ترامب في الخليج… وصوت غزة يتسلل إلى القرار الأمريكي
بين ركام غزة وأزمة البحر الأحمر، تحدث تحوّلات صامتة. إدارة ترامب، التي لطالما عُرفت بدعمها غير المشروط لإسرائيل، بدأت تُعيد رسم حدود المصالح.
اتفاقها مع الحوثيين بوساطة عُمانية، بغض النظر عن كيفية التوصل إليه أو من المنتصر فيه، فاجأ الجميع. ووعود بمساعدات إلى غزة لا تمر عبر تل أبيب، وجولة خليجية لا تشمل إسرائيل.
الأكثر إثارة أن ترامب يعد بـ”مفاجأة كبرى” سيُعلنها خلال زيارته للخليج.
فهل نحن أمام تحوّل استراتيجي في بنية التحالفات الدولية؟ أم خطوة نحو تسوية جديدة تُعيد التوازن إلى المنطقة؟
هل المتغيّرات التي فرضتها “رؤية السعودية 2030”، والتي حولت المملكة إلى لاعب إقليمي ودولي مؤثر في سياسات القوى العظمى، بدأت تفرض معادلات جديدة؟
وما زالت السعودية تمثل العقبة الأصعب أمام الحلم الإسرائيلي بالتطبيع، بعد أن اشترطت التقدّم بحل الدولتين، وهو ما تتعنت إسرائيل في قبوله، بينما تمضي في حرب الإبادة والتطهير العرقي، ما يشكل عائقاً أمام السلام، وأمام الرؤية السعودية بتحويل المنطقة إلى “أوروبا أخرى”.
هل بدأت الجيوسياسة تُرسم فعلاً وفق معادلات جديدة؟
وفي الطرف الآخر من القارة، فاجأت باكستان العالم في حربها مع الهند، حيث تفوّق السلاح الصيني على نظيره الغربي، وأسقط أحدث المقاتلات الفرنسية والروسية، ما دفع الولايات المتحدة ودولاً أخرى إلى التدخل والتوصل إلى اتفاق لوقف شامل للحرب.
في خضم هذا كله، ثمة لحظة إنسانية تفرض نفسها.
أطفال غزة، الذين يُبادون تحت القصف الإسرائيلي، قد يتلقون الدواء هذه المرة دون إذن من تل أبيب. وربما، للمرة الأولى، تُنصت واشنطن لصوت أطفال غزة قبل صوت حليفها القديم.
إنها إعادة رسم للجيوسياسة في الشرق الأوسط وشرق آسيا.
الكل يترقب “مفاجأة ترامب”… والأيام حبلى بالمفاجآت.
* دبلوماسي وسياسي يمني