يا مثقفي الطائفة.. هل تبلعون ضميركم مع فطوركم؟
طبعا ثمة ظاهرة مرعبة، لا يتحدث عنها أحد، لأنها ببساطة تحرج الجميع.
الظاهرة هي: المثقفون العرب الشيعة الذين يبتسمون للكاميرا وهم يغمسون ضمائرهم في مرقة ولاية الفقيه، ثم يكتبون عن "الحرية"، و"العدالة"، و"حق الشعوب في تقرير مصيرها"، بينما يتعامون – عن سبق غفلةزأو إصرار – عن ما تفعله المليشيا الحو..ثية في اليمن.
نعم، نحن نتحدث عن المليشيا التي جعلت من الكهنوت دينا، ومن التمييز العنصري قانونا، ومن الجهل دستورا، ثم تسللت إلى عقول بعض المثقفين الشيعة العرب وكأنها "حركة تحرر وطني"، في حين أنها لا تختلف عن أي تنظيم ظلامي يعتقد أن الله عينه على رقاب الناس بالقوة والدم والسلالة.
فيا أيها المثقفون المنحازون طائفيا حتى النخاع، ويا من ترتدون عباءة الوعي، وتفوح منكم رائحة الدجل الطائفي أكثر من رائحة حبر كتبكم:
هل تجرؤون أن تعيشوا يوما واحدا تحت حكم الحوثي؟ هل تقبل أن يُسأل ابنك في المدرسة: "هل تنتمي إلى سلالة الولاية؟"
هل تسكت إذا اعتقلوك لأنك غير سلالي؟ هل تبتسم عندما يُنهب راتبك ليذهب إلى خزينة السيد بينما طفلك لا يجد حليبا؟
بالله عليكم، أي نفاق هذا؟
وأي انفصام بين ما تكتبونه وما تبررونه؟
بل كيف تقبلون لأنفسكم الحرية وترضون لليمنيين أن يُساقوا كالعبيد باسم "الولاية"؟
أنتم ترفعون شعارات ضد "الاستبداد السني"، وتقولون إنكم ضد "العنصرية"، ثم تنقلبون على رؤوسكم لتبرروا استبدادا شيعيا لا مثيل له في العصر الحديث، وتصفقون الحوثي، ذلك المسخ الذي تقيأته الكهوف، والجاهل الذي لا يكتب، لكنه يدير "مؤسسات الدولة" بمنطق الزكاة العشائرية. لال الطيط
تأيها المثقفون الشيعة العرب: لو أن ال..حوثي سني، لكتبتم عنه مجلدات.
لو أنه رفع شعار "السنة أولا" بدل "الولاية أولا"، لأقمتم عليه الدنيا. لكن لأنه ينتمي إلى "نفس طائفتكم"، تسكتون، وتبررون، وتنتجون "فيديوهات تحليلية" تبرقع جرائمه.
والحق يقال أنتم لا تختلفون كثيرا عن مناصري هتلر الذين كانوا يتحدثون عن "الروح الألمانية" بينما المحارق تشتعل خلفهم.
ثم تقولون: لماذا يكره الناس الطائفية؟ لماذا ينفرون من خطاباتنا؟
لأنكم بلا خجل، تدافعون عن نظام ديني عنصري سلالي رجعي، وتطلبون من الضحية أن تفهمكم وتحتويكم!
لذا تبا لهذا التواطؤ المقنع بالحداثة!
والشاهد أن شعب اليمن لم يختر هذا الدين المشوه الذي فُرض عليه بالسيف منذ ألف عام.
بل لم يختر أن يكون عبدا لسيد. ولم يختر أن يتنازل عن كرامته من أجل "سيد كريم من نسل الحسين أو الحسن"، كما يردد إعلامكم.
نعم، اليمنيون شعب يعاني، ويموت بصمت.
يعاني من جوع القهر، ومن جرح الكبرياء.
كل بيت فيه شهيد، أو معتقل، أو معاق، بسبب هذه المليشيا التي تمطرهم بالشعارات الكهنوتية بينما تسرق قوتهم.
فهل تجرؤون أن تتبادلوا أدوار الضحية والجلاد؟
هل تقدرون أن تعيشوا ما يعيشه اليمنيون؟
أم أنكم فقط مثقفون حسب الطائفة، وأحرار حسب الولاء؟
صدقوني لن تكونوا احرارا ما دمتم تبررون عبودية غيركم.
ولن تكونوا مثقفين ما دمتم تقرؤون التاريخ بعين طائفية وذاكرة مثقوبة.
لذلك أيها الصامتون على جرائم الحوثي، لا تلوموا الضحايا إذا بصقوا على تضامنكم المصنوع في معامل النفاق.
لكن تصوروا معي، لو أن الحوثي أقام مهرجانا ثقافيا في صنعاء، ووجه الدعوة لكم أنتم، يا مثقفي الولاية، يا من تكتبون عن "التنوع" وأنتم تعيشون في بلدان ديمقراطية، بينما تشجعون من يحظر اغاني أيوب طارش لأنه "غير سلالي".
تخيلوا فقط أنكم وصلتم المطار، فاستُقبلتم بلجنة تفتيش عقائدية تسألكم: "هل تنتمون للنسب الطاهر؟"
وإن لم تكونوا، فإما أن تعتنقوا سلالتهم أو تُحشروا في صعدة للتأهيل!
تخيلوا أيضا أن يمنحكم السيد العنصري شرف الجلوس على زريبة مقدسة، وأن تُقدم لكم "الحرية" في طبق من القات المطحون بخرافات...
ثم يطلب منكم كتابة قصيدة مديح في "الزينبيات"، شرط ألا تتضمن كلمة "وطن"، لأنها بدعة جمهورية.
فيا أحبة الولاية، حتى خيالكم لا يحتمل جحيم ما يعيشه اليمنيون... فكيف تبررونه؟
أنتم لا تنتمون للوعي، بل لأكذوبة مدهونة بحبر المظلومية المختارة بعناية.
لذلك عودوا إلى أنفسكم قبل أن تستيقظ الشعوب وتكتب عنكم: "كانوا مثقفين... حتى انقرضوا بالطائفية."!
وصدقوني: عارٌ ما بعده عار، أن يتحول عبد الملك الحوثي — هذا الذي لا يجيد سوى رفع سبابته وتكرار مفردات "العدوان" — إلى حاكم على أرض سبأ وحِمير!
أي مهانة تاريخية هذه؟
أجداده وفدوا إلى اليمن متطفلين، ثم أحالوها خرابا، كأنهم لعنة أُفرغت من ظلام القرون.
فهل يُعقل أن يحكم أصحاب الحضارات من جاءهم على جمل محمل بالخرافة والنسب المزعوم؟
لكن تذكروا جيدا:
المجد للشعب اليمني الذي لم يركع للطغيان.. الهاشمي جيلا بعد جيل!