ليس مهم الاستثمار في اليمن المهم اننا أصل العرب!!
يقول أحد الإخوة "لماذا لا يستثمر الخليجي أو السعودي في اليمن؟ هناك فرص واعدة، فقبل يومين تم توقيع 44 اتفاقية سعودية-سورية بحجم 6 مليار دولار لتفتح فرص عمل لـ 50 ألف وظيفة مثلاً."
والإجابة بسيطة، قبل أيام كنت أتحدث مع صديق عزيز، تاجر كبير ورجل أعمال يمني له مكانة كبيرة في نفسي لما يقوم به من أجل اليمن، فعرفت منه أن تكلفة العملية الجراحية والإقامة أسبوعاً في المستشفى بلغت عليه حوالي 45 ألف دولار والحمد لله على نجاح ذلك.
كما علمت منه اثناء الحديث أنه تم علاجه بواسطة كبير اطباء يمني ومصادفة طلع صديق لي أيضاً، وأعرف قدرته العلمية وكان تقاطعت حياته معي.
فقلت لرجل الأعمال "أنت يمني، ومن عالجك كان يمني، وتكلفة علاجك كانت فوق 45 ألف دولار دون احتساب تكاليف الإقامة خارج اليمن.
أليس الأجدر بنا أن نبني مستشفى استثماري داخل اليمن بنفس جودة مستشفيات الغرب، فنستفيد من هذه الأموال داخل الوطن؟"
قال أيوب، "ألا تعرف أنني لم اترك اليمن برغم أن الكل هرب منها؟ ونستطيع مع من نعرفهم أن ننفذ بدلاً من مشروع واحد عشرة. لكن مشكلة بلدنا هي "المتهبشين" كنت في الشمال او الجنوب، الذين يكرهونك باستثمارك في اليمن ويطفشوك وأنت تعرف التفاصيل."
هنا عدت بذاكرتي إلى سنوات طويلة سابقة اي قبل ثلاثة عقود، إلى مدينة ميونيخ كنت اترجم للتجار العرب والمرضى واعمل اثناء الاجازات وأنا طالب.
وفي احد المرات دعاني رجل أعمال يمني خليجي كبير اعتقد اصوله من حضرموت او شبوة، يُدعى عمر بن العاص يحفظه الله إن كان على قيد الحياة او يرحمه الله ويغفر له إن كان قد رحل الى ربه،
فقد كان كريم وخلوق ومهذب، وكان كبير في السن ولكن الحديث معه متعة لان البسمة على وجهه.
تحدث معي عن مشروع كبير في زمن النظام السابق وهو بناء مصنع ثلاجات في اليمن بتعاون مع ايطاليا. وتم ترتيب كل شيء، فأخبرني أنه سافر إلى اليمن، وأخذ معه شنطة هدايا تحتوي على ساعات باهظة الثمن لعائلته ومن يعرفهم وغيره،
وكان طالع من الحديدة الى صنعاء. تم تفتيشه في نقطة تفتيش، قال لي "سألني العسكري في نقطة التفتيش، ما اسمك؟
فقلت وأنا اتجنب ذكر اسمي حتى لا اسمع تعقيبات هنا وهناك بصوت خافت "عمرو بن العاص".
وقال وهو يبتسم لم اسمع الا والعسكري ينادي في النقطة بصوت مرتفع للباقين من العسكر، تعالوا هنا قد الصحابة قاموا من القبور.
ووُجد معي شنطة الساعات وعرفوا انهن ساعات مرتبة، المهم والله ما تركوني أمضي إلا بعد أن أعطيتهم من الساعات كم ساعة هدية لهم."
وتابع حكايته وقال "جاء كبيرهم وقال أنت شكلك مستثمر، فقلت نعم فسألني، أين حتنزل في اي فندق؟
ووأنا على نيتي أعطيتهم اسم الفندق. وصلت الفندق، وما انتظرنا حتى المساء حتى جاءت مجموعة عسكر للفندق، وأعربوا عن اهتمامهم بي وفي حال احتجت لأي شيء، وطبعاً كان لا بد من إعطائهم هدايا لانه واضح أنهم عرفوا ان معي كم ساعة باقية في الشنطة."
وأضاف "وأثناء العشاء، قلت لصاحبي، خلينا نرجع، والله لن يطلع علينا الصباح إلا وما عاد معنا شيء وحتى فلوس."
ومن التهباش هنا طار مشروع مصنع الثلاجات الذي أرد هذا التاجر إنشاءه في اليمن. واستمر يحكي لي حكاية أرض البنك العربي او ارض جنبه في شارع الزبيري واعتقد يقصد الارض القديمة امام محل البهارات في الزبيري او غيرها
وقال "تم بيعها لي ووقعت عليها، لكنني اكتشفت أنهم باعوا لي جزءاً من هنا وجزءاً من هناك، ووسط الأرضية لم يتم بيعها لي. وعندما حاولت فيما بعد ابني فهمت اللعبة، وأن الوسط مش ملكي، وشعرت أنهم اتضحكوا عليّ."
وتابع، مسكني احباط أنني اضعت فلوس في دولة المتهبشين ولن اطلع معهم بشيء. وسافرت وأنا حزين "والغريبة،
وبعد سنتين رجعت ادور لها مشتري وحتى بخسارة المهم اتخارج وقال لي وفي المساء قبل سفري جائني الذي باعني الارض،
وقال لقد وجدنا مشترياً للأرض حقك. قلت لعد ينصب عليا من جديد وحاولت اتخارج وأنا مستحي وعلى قولته "وانت تعرفهم" تشعر انه لاتمتلك حتى قرار فيما تملك وقلت الوقت متأخر ولن نجد قاضياً ولا سجلات معمدة ولا شهود.
قالوا لي لا يهمك، نحن سندبر الأمر وفلوس جاهزة.
وأضاف: "ولم تمضِ جلستهم حتى جاؤوا بقاضي "سفري" من المحكمة في الليل ومعه دفتر محكمة وسجلات وشهود والفلوس، وباعوا الأرض قريب منتصف الليل عندي في الفندق، وقبل أن أمضي إلى المطار،
وبصراحة، كما قال لي، في البيعة بصراحة كسبت ضعف المبلغ وانا كنت اريد اتخلص من الارض والورطة لكن شكلهم لقوا البنك العربي او طرف كبير هو الذي يشتي يشتري،
المهم بلد يشتغل خارج المنطق والتهبش في كل مكان. واختتم هذا آخر عهدي في اليمن وأن هذه دولة فوضى وتهباش." اليمن بلد خارج قواعد المنطق والتجارة والعقل.
ومختصر الموضوع، لو قلنا أن دولة "المتهبشين" قد انتهت وصرت لا تخف على صندلك وأنت تدخل الجامع - على قول التاجر - فإن فقط 300 ألف مغترب يمني من أصل 5 ملايين مغترب يمكنهم أن يجمعوا أكثر من 6 مليار دولار سنوياً، بمتوسط 20 ألف دولار فقط لكل منهم لنطلق تنمية واستثماراً في مشاريع اكتتاب في اليمن تعود بالفائدة عليهم وعلى اليمن.
فالمغترب يريد لبلده أن ينهض، يريد أمامه قيادات مثالية أصحاب مشروع، يريد تحويل جزء من أمواله إلى وطنه عندما يجده دولة يحكمها قيادة ذات رؤية واضحة ونظيفة، وليس دولة المتهبشين والفوضى.
المغترب يريد على الأقل توفير جزء من أمواله بعيداً عن موطن الغربة ولأسباب لا يفهمها إلا المغترب. يريد الهروب من الأنظمة الضريبية المعقدة والاستثمار المعقد في الخارج، ويريد مخارج طوارئ في حال عدم استمرار الهجرة والاغتراب.
يريد موطن إجازة يجمع نفسه فيه وأسرته من جديد.
ويكفي أن تعرفوا أن أسرة مغترب يمني من أربعة أشخاص، إذا رغبت تقضي إجازة لمدة أسبوعين في الجوار لنا في الغرب فسوف تنفق 8 آلاف يورو على الأقل فقط في الصيف.
هذا المثال يوضح، ماذا تفقد اليمن بشكل مباشر، بمعنى ما يقارب مليار يورو تفقدها اليمن من 100 ألف أسرة يمنية سنوياً كأقل تقدير، كان يمكن أن تكون الإجازات لهم في اليمن. فكيف لو نظرنا الى استقطاب ابناء المنطقة للسياحة في اليمن.
الان بيطلع واحد ويقول بروف أيوب، ليس مهم لنا او للخليج والمملكة الاستثمار في اليمن، المهم هو أننا أصل العرب.