مؤتمر دولي لمناهضة الصهيونية والإمبريالية
من المؤسف انسحاب الولايات المُتَّحدة من مفاوضات وقف العدوان، وتهديد الرَّئيس ترامب بالقضاء على حماس، ما يعني القضاء على الأبرياء وضوء أخضر لاستكمال الإبادة الجماعيَّة في قِطاع غزَّة!
كما أنَّ الكيان الصهيوني المُجرِم بالمقابل يستكمل مسلسل الإبادة ضدَّ الأبرياء والمستضعفين بشكلٍ يومي مع سبق الإصرار والتعمُّد، وبغطاء عسكري وسياسي أميركي منذُ بداية العدوان؟!
في حالة تجرُّد أخلاقي وانهيار للقِيَم الإنسانيَّة ممَّا يضع العالَم بِرُمَّته تحت قانون الغاب، وتتفرد الصهيونيَّة المدعومة من القوى الإمبرياليَّة الدوليَّة دُونَ وازع إنساني أو أخلاقي في حالة فاشية غير مسبوقة.
وللأسف، العالَم الَّذي يشاهد الجريمة لم يوفِّرْ حماية للأبرياء، وسوف يكُونُ العالَم كُلُّه مستباحًا من القوى الإمبرياليَّة العالَميَّة، وبالتَّالي فإنَّ أيَّ نطاق جغرافي في العالَم معرَّض لتلك الهجمة الاستعماريَّة.
ليسَتْ فلسطين وحدها الواقعة تحت الطُّغيان والهجمة الصهيونيَّة، بل العالَم كُلُّه الَّذي يتفرج على الجريمة دُونَ حراك فاعل أو تشكيل تكتُّل دولي مناهض للجريمة، لذا وجب على الدول الحُرَّة أن تنتفض للكرامة الإنسانيَّة والعدالة الدوليَّة،
وتُعَبِّر عن موقف واضح وصريح لممارسة حزمة إجراءات سياسيَّة واقتصاديَّة دوليَّة ضدَّ أطراف العدوان، فلا يُمكِن للقانون الدولي أن يأخذ مجراه في نظام يَسُوده الظُّلم العالَمي ولن يسلم أحَد من ذلك الظُّلم الَّذي أصبح عابرًا للقارَّات متجاوزًا لكُلِّ القوانين والأعراف الدوليَّة.
ومن هنا فإنَّنا نناشد الدول الحُرَّة في العالَم وخصوصًا في آسيا وإفريقيا والقارَّة اللاتينيَّة ومَن تسامتْ إنسانيَّتهم في أوروبا المسارعة بعقد مؤتمر دولي لمكافحة الصهيونيَّة والإمبرياليَّة الصَّفراء الَّتي تحكم العالَم بالحديد والنَّار، وأن يُعَبِّرَ هذا التكتُّل الدولي عن نَفْسه وفْقًا للقانون الإنساني الدولي؛ وذلك لمنعِ الظُّلم وتخليص الأبرياء في قِطاع غزَّة من تلك المجازر اليوميَّة والحصار القاتل الَّذي يودي بحياة الأبرياء يوميًّا،
فإنَّ لم يهبّ العالَم الحُر اليوم قَبل فوات الأوان فلن تبقى أيُّ قِيَم إنسانيَّة وسوف يستفرد الشَّيطان الصهيوني والقوى الإمبرياليَّة ببقيَّة العالَم، وهي فرصة لن تتكرر بتشكيل تكتُّل عالَمي لمواجهة الشَّيطان وإلَّا فلن يسلم أحَد .
أقترح أن تَقُوم دولة من دول الإقليم مثل إيران بالدَّعوة إلى هذا المؤتمر لِينعقدَ بشكلٍ عاجل في طهران أو أيِّ عاصمة دوليَّة أخرى، وتوجيه دعوات لكُلِّ الدول الرَّافضة للهجمة الصهيونيَّة على قِطاع غزَّة،
وهناك الكثير من الدول ستتداعى إلى هذا المؤتمر العالَمي، وخصوصًا الدول اللاتينيَّة الَّتي قامتْ على قِيَم ثوريَّة مناوئة للإمبرياليَّة؛ وذلك لممارسة إجراءات متعدِّدة الاتِّجاهات سياسيًّا واقتصاديًّا وعزلة دوليَّة ضدَّ الكيان الصهيوني والتَّلويح باستخدام كُلِّ الأوراق المتاحة ضدَّ الدول الدَّاعمة للعدوان الصهيوني، وتشكيل تكتُّل عالَمي للدِّفاع عن القِيَم والمبادئ الإنسانيَّة الَّتي تحتضر تحت أقدام الصهيونيَّة ومنحها قبلة الحياة، وترسيخ العدالة الدوليَّة بشكلٍ عاجل.
الخيارات البديلة في حال عدم تحرُّك المُجتمع الدولي بشكلٍ عاجل لإنقاذ ما تبقَّى من الإنسانيَّة في قِطاع غزَّة، وأمام هذا الاستفراد الصهيوني المدعوم أميركيًّا ينبغي أن يعلن العلماء التَّحرك والنَّفير العام للشُّعوب لغايةٍ واحدة فقط، وهي مناصرة الأبرياء في قِطاع غزَّة، وإنقاذ ما يُمكِن إنقاذه أمام فشل المُجتمع الدولي في التَّصدي لهذه الغطرسة والطُّغيان الصهيوني.
ومن الواجب على الشُّعوب في دول الطّوق العربي أن تتبنى المبادرة؛ لأنَّ هذا المُجرِم لم ولن يحفل بأيِّ نظام دولي أو قانون إنساني، وبالتَّالي باتَ التَّطوُّع هو السَّبيل الوحيد للانتصار للمظلومين في غزَّة،
فما حدَث ويحدُث هو امتهان وإهانة للكرامة العربيَّة والإنسانيَّة، ويَجِبُ الانتفاض من هذه الإهانة والتَّمسُّك بالكرامة والأخلاق والقِيَم والمروءة ودفع الظُّلم عن الأبرياء والمستضعفين،
ورغم أنَّ هذا التَّهديد والتَّلويح بورقة الشُّعوب يُعَدُّ ضربًا من الجنون، إلَّا أنَّ الجنون والصَّلف والتَّمادي الصهيوني لا يعالج إلَّا بطرح مثل هذا الخيار الأخير،
وبمجرَّد التَّهديد فقط بالنَّفير العام ووضع بعض التَّرتيبات يخلق مخاضًا عالَميًّا عابرًا للقارَّات والطَّوائف والدِّيانات مع رفع شعار الحفاظ على الأمن الوطني أوَّلًا،
وهو خيار يضع العالَم بأسْره أمام اختبار حقيقي ينتصر للأبرياء والمظلومِين في ظلِّ استمرار مسلسل الإبادة الَّذي لم يتوقف. وأعتقد أيضًا أنَّ الدول العربيَّة والإسلاميَّة لو استخدمتْ هذه الورقة لمرَّة واحدة في تاريخ الصِّراع سوف يفرض موقفًا يخلط الأوراق ويبرئ الذِّمَّة أمام مشهد الظُّلم وغياب العدالة الدوليَّة واستمرار التَّمرُّد الصهيوني والتَّفرُّد بالمستضعفين العُزَّل والارتقاء بالكرامة الإنسانيَّة،
وهي تُعَدُّ شكلًا من أشكال المقاوَمة، وفصلًا جديدًا في المشهد العالَمي الَّذي يوشك أن ينفجر.
ولا شك أنَّ السُّنن الإلهيَّة الطبيعيَّة تحكم بالتَّبديل والزَّوال فقال تعالى: «وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْية كانتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ» صدَق الله العظيم.. فلا يُمكِن أن يستمرَّ الظُّلم العالَمي أمام قدرة الله القاهرة، وسيعلم الَّذين ظلموا أيَّ منقلب ينقلبون، الله أكبر ولله العزَّة ولرسوله وللمؤمنين.
* إعلامي وكاتب عُماني
khamisalqutaiti@gmail.com