حميد الأحمر بين العقوبات الأمريكية وصعود اللاعبين الجدد
تشهد الساحة اليمنية تحولات سياسية متسارعة تتقلص فيها أدوار بعض الشخصيات التقليدية التي طالما شكّلت ركائز رئيسية في المشهد السياسي والاجتماعي..
ويأتي حميد الأحمر في مقدمة هذه الشخصيات التي باتت تحت المجهر الأمريكي بعد إدراج اسمه ضمن قائمة العقوبات التي أصدرتها وزارة الخزانة الأمريكية في أكتوبر 2024 بتهمة دعم حركة حماس..
حيث شملت العقوبات أيضًا شبكات تجارية متعددة يمتلكها أو يديرها في اليمن وتركيا ولبنان وغيرها وهو ما ترك أثرًا مباشرًا على نفوذه الاقتصادي والرمزي في آن واحد..
العقوبات الأمريكية استندت إلى الأمر التنفيذي 13224 وهو أداة قانونية قوية تمنح وزارة الخزانة صلاحيات واسعة لتجميد أصول الأفراد والكيانات المتهمة بدعم الإرهاب..
كما تمنع هذه العقوبات أي تعاملات مالية أو تجارية من قبل كيانات أمريكية أو دولية مع الأفراد المصنفين..
مما يعني فعليًا عزلًا ماليًا وسياسيًا لأي شخصية تدخل في هذا التصنيف وقد اعتُبر استهداف حميد الأحمر جزءًا من حملة أوسع لتعطيل قنوات الدعم المالي والسياسي التي يشتبه في أنها تصب في مصلحة فروع جماعة الإخوان المسلمين..
في الموازاة تشهد الولايات المتحدة حراكًا تشريعيًا متصاعدًا لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية ..
حيث قدم السيناتور تيد كروز مشروع قانون في مجلس الشيوخ يطالب وزارة الخارجية بإعداد تقرير رسمي حول ارتباط الجماعة بعمليات العنف وتمويل التطرف..
وقد شارك في دعم المشروع عدد من النواب المؤثرين بينهم ريك سكوت وجون بوزمان وتوم كوتون كما طرحت النائبة نانسي ميس مشروعًا مماثلًا في مجلس النواب وصفت فيه الجماعة بأنها مظلة دولية للفكر الجهادي وتمويل الإرهاب تحت ستار النشاط السياسي والخيري..
هذا التوجه لا يُفصل عن قراءة أمريكية أوسع للبيئة الإقليمية التي يتزايد فيها الحذر من الحركات الإسلامية السياسية وخصوصًا في دول الصراع مثل اليمن..
حيث تسعى واشنطن إلى ضبط الفاعلين السياسيين ضمن أطر يمكن التحقق من تمويلها ومسارات تأثيرها وقد بدأت هذه السياسة تنعكس ميدانيًا ليس فقط عبر العقوبات بل عبر تشجيع أطراف يمنية أخرى أكثر قبولًا في الأجندة الإقليمية والدولية وأقل ارتباطًا بالخطاب الأيديولوجي
في هذا السياق برزت أسماء جديدة على الساحة السياسية تحظى بدعم إقليمي مباشر وتتحرك في مساحات واسعة داخل الجغرافيا اليمنية وعلى رأس هذه الأسماء العميد طارق صالح الذي يتزعم قوات كبيرة في الساحل الغربي ويحظى بدعم سياسي وعسكري اقليمي..
والسفير أحمد علي عبد الله صالح الذي عاد إلى دائرة الفعل السياسي تدريجيًا من بوابة التفاهمات الإقليمية والحديث المتكرر عن دوره في مستقبل التوازنات اليمنية كوجه مدني يحظى بغطاء دولي وارتباطات محلية..
ومع هذا الصعود المتسارع لأسماء جديدة تتغير موازين التأثير في الساحة اليمنية ويتراجع حضور شخصيات مثل حميد الأحمر التي كانت فاعلة في مرحلة سابقة..
حيث باتت العقوبات الأمريكية تشكل قيدًا حقيقيًا على الحركة والتمويل والمبادرة كما أن البيئة الإقليمية لم تعد مواتية لدور سياسي تقوده شخصيات ترتبط بجماعات تعتبرها بعض العواصم مصدرًا للاضطراب وعدم الاستقرار ..
وهو ما يجعل إعادة التموقع السياسي في هذا السياق أمرًا بالغ الصعوبة دون مراجعات جوهرية تمس الخطاب والشبكة والعلاقات الخارجية دفعة واحدة ..
* سفير بوزارة الخارجية