تقدّم سريع في مفاوضات السلام اليمني بالرياض
الرأي الثالث - متابعات
منذ أيام، تُجرى مفاوضات بين الحوثيين والسعوديين في الرياض، من دون مشاركة أي طرف يمني أخر.
فـ«مجلس القيادة الرئاسي» والأحزاب والتكتلات اليمنية الأخري، تبدو بلا دور في المفاوضات التي تقول مصادر سياسية مطلعة، إنها حققت تقدماً كبيراً، وحسمت عدداً من الملفات؛ أبرزها الملف الإنساني، فيما طاول النقاش الملفات الأخرى، السياسية والاقتصادية والعسكرية.
ووفق المصادر، فإن المفاوضات التي تجرى بوساطة عُمانية في الرياض شبه نهائية، وما يجري في الرياض حالياً هو إنهاء تفاصيل الاتفاقات حول الملفّين الإنساني والاقتصادي، باعتبار أن الخلافات الأساسية حولهما جرى حلّها في المفاوضات التي جرت في سلطنة عُمان، بمشاركة أميركية.
وعلى رغم أن المسألة حالياً تنحصر في هذين الملفين، وهما مترابطان ترابطاً وثيقاً، إذ إن استئناف دفع مرتّبات موظفي الحكومة، وهو البند الأساسي في الملف الإنساني، يرتبط باستئناف إنتاج النفط وبيعه، إلا أنه لا يمكن حلّهما من دون تحويل الهدنة التي جرى تمديدها بانتظام منذ إعلانها في الثاني من نيسان 2022، إلى وقف دائم للنار.
كما أن شمول الملف الإنساني تبادل جميع الأسرى، وفتح الطرق، وفك الحصار عن الموانئ، فضلاً عن زيادة عدد وجهات الرحلات الجوية التي تنطلق من مطار صنعاء وإليه، يمثّل تحضيراً للبحث في سلام شامل، وعلى الأقل يبعد احتمالات عودة الحرب.
وفي الملف العسكري، تمثلت النقاشات عليه، في تثبيت وقف إطلاق النار بشكل دائم في انحاء اليمن بما في ذلك الغارات الجوية والهجمات العابرة للحدود.
ويتضمن الملف الإقتصادي إعادة تصدير النفط والغاز من الحقول اليمنية، على أن تخصص العائدات لصرف مرتبات جميع الموظفين مدنيين وعسكريين في كافة المحافظات، ولضمان استخدام عائدات النفط والغاز للمرتبات، هناك مقترحات تتمثل أهمها في توريد العائدات الى أحد البنوك في دولة محايدة، ومنها تتم عملية الصرف عبر آلية يتم الاتفاق عليها.
كما أن المقترحات تتضمن أيضاً توحيد وإعادة هيكلة البنك المركزي اليمني ونقله الى دولة محايدة – بشكل مؤقت – لتنفيذ مهامه بشكل مهني ومحايد.
وحول الملف السياسي، فانه بالتزامن مع بدء تنفيذ بنود الملفات العسكرية والاقتصادية والإنسانية والطرقات والمطار والميناء؛ يتم التحضير لعملية سياسية يمنية شاملة.
وعلى رغم تراجع الثقة بين السعودين والحوثيين خلال الأشهر الماضية جراء عدم تنفيذ التفاهمات التي جرى التوصل إليها أواخر شهر رمضان الفائت، إلا أن سقف التوقعات باقتراب الحل النهائي لأزمة اليمن ارتفع أخيراً.
ويرجع ذلك إلى أن المفاوضات تجرى بين الأطراف المعنية بشكل مباشر من دون تدخّلات، ولا سيما بعد التقارير التي تحدّثت عن لقاء جمع وليّ العهد السعودي، محمد بن سلمان، بوفد الحوثي المفاوض في سلطنة عُمان خلال زيارته لها الأسبوع المنصرم.
ونُقل عن مصدرين، أحدهما حكومي، وآخر المستشار في وزارة الخارجية السعودية، سالم اليامي، القول إن ولي العهد الذي توجّه مباشرة من الهند حيث شارك في "قمة العشرين إلى السلطنة، استدعى اللجنة الخاصة بالملف اليمني" بقيادة شقيقه خالد الذي يشغل منصب وزير الدفاع، إلى مسقط للمشاركة في الاجتماع.
وأشار اليامي إلى أن ثلاث نقاط خلافية نوقشت خلال لقاء ابن سلمان مع وفد الحوثي؛ أبرزها الموازنة العامة للدولة، والتنقل بين المحافظات، ورفع الحصار عن الموانئ، مبدياً ارتياح بلاده لنتائج اللقاء.
المصادر أكدت أن النقاشات الجارية حالياً في الرياض تجري دون وجود ممثلين عن المجلس الرئاسي والحكومة اليمنية، لكن في حال التوصل الى نقاط اتفاق نهائية، فإن الحكومة اليمنية والحوثيين، هم من سيوقعون على الاتفاق برعاية من الأمم المتحدة.
بالمقابل، لوّح «المجلس الانتقالي الجنوبي»، بإفشال جهود السلام في اليمن، داعياً إلى تقديم ضمانات بانفصال الجنوب، معلناً في بيان أنه «يجدد تأكيد حرصه على تحقيق عملية سياسية شاملة ومستدامة تؤسّس لحوار غير مشروط لضمان معالجة جميع القضايا، وفي طليعة ذلك الإقرار بقضية شعب الجنوب».
وعلى رغم التزام الأحزاب السياسية الأخرى الصمت، إلا أنها دفعت ناشطيها إلى شن هجوم على السعودية على مواقع التواصل الاجتماعي، واتهمت الرياض بالتخلي عن حلفائها وتقزيم دورهم في مفاوضات السلام.
وفي كل الأحوال، سيظل الملف السياسي، وترتيبات الحكم في المستقبل، بلا حلّ في المرحلة الراهنة، من العقبات الكبيرة التي يصعب التوصل إلى حلول سريعة لها، حيث أن الملف السياسي سيحتاج إلى مفاوضات أخرى جادة في المرحلة المقبلة، ولن ينجز سوء عبر مسار حوار يمني – يمني.