فريق الخبراء الأممي يكشف عن انتهاكات واسعة ضد المدنيين في اليمن
كشف فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة، عن انتهاكات واسعة شهدها اليمن خلال الستة الأشهر الأولى من العام الجاري، أغلب تلك الإنتهاكات ارتكبتها جماعة الحوثي، حيث شملت تلك الإنتهاكات تنفيذ هجمات عشوائية على المدنيين والأعيان المدنية وأعمال العنف الجنسي المرتبط بالنزاعات والعنف الجنساني وأعمال التعذيب وسوء المعاملة داخل السجون، والإختطافات والإخفاء القسري، بالإضافة لعرقلة وصول المساعدات الإنسانية.
وتحدث التقرير، عن الهجمات العشوائية على المدنيين والأعيان المدنية، حيث قتل 128 مدنيا بينهم (33 طفلا وست نساء) وإصابة 93 آخرين بينهم 35 طفلا وثماني نساء، مشيرا إلى أن محافظة البيضاء كانت الأكثر تضررا تلتها محافظات عمران والجوف وتعز.
وقال التقرير الأممي، إن الفترة المشمولة بالتقرير من الأول من يناير وحتى الـ 30 من يونيو الماضي، جرى خلالها شن 101 من الهجمات على أعيان مدنية بما في ذلك أماكن العبادة والمدارس والمنشآت الطبية والممتلكات الخاصة، ما أدى لإعاقة الوصول إلى الخدمات الأساسية والحق في الحصول على الصحة والتعليم ومستوى معيشي مناسب وحرية التدين.
ضحايا الغارات الجوية والألغام
وأضاف التقرير، أن 13 مدنيا قتلوا وأصيب 26 آخرين بغارات للطيران الأمريكي البريطاني في محافظة الحديدة غرب اليمن في الـ 8 من ابريل والـ 30 من مايو الماضيين، في الوقت الذي أسفر الهجوم الإسرائيلي على ميناء الحديدة في 20 يوليو الماضي لمقتل 9 مدنيين وإصابة 83 آخرين.
وتطرق التقرير إلى الضحايا المدنيين جراء الألغام الأرضية والأجهزة المتفجرة اليدوية الصنع والذخائر غير المتفجرة، مؤكدا أن الإصابات في صفوف المدنيين بمن فيهم النساء والأطفال مرتفعة بسبب الألغام الأرضية والذخائر غير المتفجرة مشيرا لمقتل وإصابة 43 شخصا في محافظة الحديدة جراء الألغام الأرضية خلال الستة الأشهر الأولى من العام الجاري، لافتا إلى مقتل وإصابة 180 شخصا بمختلف المحافظات جراء الألغام الأرضية وغيرها من مخلفات الحرب.
وأكد التقرير أن الحوثيين يصنعون الألغام الأرضية محليا ويضعون فيها مواد متفجرة لزيادة الأضرار البشرية، مشيرا إلى أن إبطال تلك الألغام صارت أكثر خطورة على المتخصصين في إزالة الألغام، متحدثا عن نزع 37804 من الألغام خلال فترة التقرير بمناطق سيطرة الحكومة الشرعية عبر مشروع "مسام".
مقتل وإصابة 333 مدنيا
ولفت التقرير إلى الهجمات الحوثية على المدنيين والأعيان المدنية في عدة محافظات بينها تعز والضالع والبيضاء والحديدة ومأرب، مبينا سقوط 153 شخصا وإصابة 180 آخرين بجروح مختلفة بينهم نساء وأطفال وكبار في السن، في الوقت الذي تحدث عن احتلال القوات أو الجماعات المسلحة ما لا يقل عن 35 مدرسة ومنشأة طبية، بينما تم الإعتداء والإغلاق والمصادرة لمؤسسات إعلامية خلال النصف الأول من قبل الحوثيين الذين أيضا زرعوا متفجرات وألغام في مناطق زراعية وبالقرب من الآبار وساحات اللعب ومنازل المدنيين المهجورة، وعطلوا طرق النقل الرئيسية ما أثر على حركة الأفراد وتدفق البضائع وزيادة تكاليف النقل.
وأشار التقرير لعمليات النهب والمصادرة التي تمارسها جماعة الحوثي على الممتلكات الخاصة بهدف قمع معارضيها وتمويل الأنشطة العسكرية للجماعة، متحدثا عن مصادرة الحوثيين لـ 108 مسكنا جرى نهبها خلال الستة الأشهر الأولى من العام الجاري، ما يساهم في زيادة أعداد النازحين داخليا ويزيد من الطلب على المساعدات الإنسانية في سياق يشكل الوصول إليها وتوزيعها تحديا بالغا.
الإختطافات والإخفاء القسري
كما تطرق التقرير إلى الإختطافات المستمرة والإحتجاز والإخفاء القسري لدى أطراف النزاع في اليمن، مؤكدا أن أغلبها تستهدف المعارضين لجماعة الحوثي بما في ذلك أفراد من الطائفة البهائية والإسماعيلية ونشطاء حقوق الإنسان والصحفيين والقضاة ورجال الأعمال، مبينا أن الإختطافات زادت عقب الهجمات البحرية للحوثيين والغارات الأمريكية والبريطانية ضد الحوثيين، حيث أفاد التقرير بإختطاف الحوثيين لعائلات بأكملها وبمعزل عن العالم الخارجي وأخذ اعترافات بالقوة منهم.
وتحدث التقرير عن إنتهاكات واسعة طالت المعلمين بما في ذلك قطع مرتباتهم واختطاف العديد منهم خصوصا في صنعاء، مشيرا إلى أن تلك الإنتهاكات تركزت على المعارضين لتغيير المناهج الدراسية من قبل الحوثيين، مؤكدا اعتقال سبعة متخصصين في التعليم منذ سبتمبر من العام الماضي، توفي أحدهم في سجون الحوثيين.
وبين التقرير، أن الحوثيين احتجزوا 13 من موظفي الأمم المتحدة والعديد من العاملين في المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني بينهم ثماني نساء، وأنهم يواجهوان سوء معاملة وعملية عزل عن أهاليهم والعالم الخارجي وجرى انتزاع اعترافات قد تشرعن لعمليات قمعية ضدهم.
عمليات التعذيب
وكان التعذيب أحد أبرز الإنتهاكات التي شهدها اليمن خلال فترة تقرير الخبراء، إذ تحدث عن عمليات تعذيب جسدية ونفسية للمختطفين والمحتجزين في سجون الحوثيين، مشيرا إلى أن تقارير عدة تؤكد تعرض الضحايا لقلع الأظافر والتجويع والحرمان من استخدام المرحاض والتعليق من القدمين والصعق بالكهرباء والإعدام الزائف والضرب المبرح ووضع المحتجزين في زنازين انفرادية لأوقات طويلة ما يؤدي إلى آثار جسدية ونفسية شديدة، الأمر الذي أدى لوفاة البعض منهم في السجون، مشيرا لتوثيق الفريق الأممي وفاة خمسة اشخاص بالتعذيب خلال فترة التقرير.
وفيما يخص المحكمة الجزائية المتخصصة بصنعاء، أوضح التقرير أن الجماعة عينت قضاة فيها تابعين لها، ويتم محاكمة المحتجزين فيها بعد سنوات من إخفائهم وتعذيبهم ومن ثم يجري محاكمتهم دون محامين وحتى في حال تعيين محامين يمنع المحامي من الوصول إلى موكله أو أدلة البراءة.
67 حكما بالإعدام
وتحدث التقرير عن إصدار المحكمة الجزائية 67 حكما بالإعدام خلال فترة التقرير، طالت عددا من المحتجزين بينهم نساء، في الوقت الذي أكد الفريق ممارسة المحكمة لعملية التمييز صد الأفراد على أساس الميل الجنسي والهوية الجنسانية.
وأشار إلى ممارسة الحوثيين للعنف الجنسي ضد النساء والأطفال والرجال، كشل من أشكال التعذيب الذي يرتكب أثناء الإحتجاز.
تجنيد الأطفال
وفيما يتعلق بالإنتهاكات ضد الأطفال وحقوقهم ركز التقرير على الإنتهاكات الحوثية التي استهدفت الأطفال بالقصف والقنص واستهدف المدارس وتغيير المناهج الدراسية ودعم المخيمات الصيفية التابعة للحوثيين، وتجنيد الأطفال في صفوف الجماعة واستخدامهم في الأعمال القتالية، حيث تطرق بشكل لافت إلى زيادة استغلال الحوثيين للأطفال وتجنيدهم عقب حرب إسرائيل على قطاع غزة، وتجيش الأطفال في مناطق سيطرة الجماعة للإنخراط في صفوفها بمزاعم نصرة غزة، متحدثا عن أخذ أطفال لأسبوعين وتدريبهم على مهارات قتالية عدة، بمعزل عن العالم الخارجي، مشيرا لوقوع حوادث اغتصاب للأطفال في المخيمات الصيفية وإطلاق نار وغيرها من الإنتهاكات.
وبحسب مصادر الفريق الأممي، فقد أبلغ عن زيادة تجنيد الفتيات من قبل "الزينبيات" ودمجهن في صفوف المجندات الحوثيات بعضها عن طريق الإختطاف والتهديد و واستغلال الأعمال المنزلية وأخريات ضحايا للعنف الجنسي.
وبين التقرير أنه تم تجنيد 3298 طفلا خلال الستة الأشهر الأولى من العام الجاري، بعضهم استخدموا دروعا بشرية وآخرين جواسيس ولزراعة الألغام والعبوات الناسفة والإستطلاع وأعمال الطبخ، متطرقا لحصول الفريق الأممي على معلومات خاصة بتجنيد 142 طفلا منذ سبتمبر 2023م، وحتى يونيو 2024م، تحقق من مقتل 75 طفلا منهم وإصابة واحد.
تقويض وصول المساعدات
وأكد فريق الخبراء، أن الوضع الإنساني في اليمن يبعث على القلق الشديد مع وجود عوامل عدة تقوض وصول المساعدات الإنسانية وتوزيعها في مختلف أنحاء البلاد الغارقة بالحرب منذ عشر سنوات، مشيرا لرصد الفريق قرابة 400 حادثة خلال ستة أشهر من العام الجاري، أثرت على وصول المساعدات الإنسانية وتوزيعها، أغلبها في مناطق سيطرة جماعة الحوثي.
وذكر التقرير، أن مقدمي الخدمات الإنسانية أبلغوا الفريق الأممي بوقوع 260 حادثة أثرت على وصول المساعدات في الربع الثاني من العام الجاري، مقارنة بـ 140 حادثة وقعت في الربع الأول من العام الحالي، مشيرا إلى أن معظمها تركز على تأخيرات إدارية في الموافقة على تصاريح العمل للمنظمات الإنسانية.
وأوضح التقرير، أن ما يتعرض له العاملون في المجال الإنساني من عمليات احتجاز تعسفي وإختفاء قسري على يد الحوثيين أدى لتقويض الخدمات الإنسانية، مؤكدا أن العاملين في المجال الإنساني أبلغوا فريق الخبراء أنهم يتجنبون العمل في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، نتيجة المخاطر التي يلاقونها متطرقا إلى إجبار الحوثيين مختطفين من العاملين في المجال الإنساني على الإدلاء بإعترافات تدين زملائهم وتروج لما تزعم به جماعة الحوثي أنهم يعملون "جواسيس"، بالإضافة إلى التهديد بأحكام الإعدام وتجميد الحسابات المصرفية للعاملين في المجال الإنساني، الأمر الذي دفع العاملين في المجال الإنساني والإغاثي للمغادرة.
السيطرة على مكتب حقوق الإنسان
وتحدث التقرير، عن سيطرة الحوثيين على مكتب مفوضية حقوق الإنسان في أغسطس 2024م، والإستيلاء على الممتلكات والوثائق، الأمر الذي يقوض قدرات المنظمات وجهودها للوصول إلى المتضررين والمستحقين، فضلا عن تقويض الجهود السياسية للأمم المتحدة من أجل تحقيق السلام والأمن الدوليين،
مشيرا لإلزام جماعة الحوثي، المنظمات الدولية الحصول على الموافقة قبل تعيين موظفين وتقديم هيكل تنظيمي مفصل يضم المسميات الوظيفية للموظفين، مؤكدا أن هذا الإجراء يُمكّن الحوثيين من ممارسة سيطرة أكبر على الجهات الفاعلة في المجال الإنساني، بما في ذلك ما يتعلق بالمستفيدين من المساعدات الإنسانية.
وبين التقرير، أن جماعة الحوثي تخلق القيود المتعددة على حرية تنقل المرأة ما يزيد من العوائق في تقديم الخدمات المرتبطة بالمرأة مثل رعاية ما قبل الولادة، مشيرا إلى أن العاملات في المجال الإنساني قللن من أعمالهن الميدانية.