بعيدها الـ54.. عُمان تواصل السير في طريق الاستقرار والإنجازات
الرأي الثالث
تحتفل سلطنة عُمان قيادةً وشعباً بـ54 عاماً من النجاح والاستقرار والتقدم، مسيرة حافلة بالعطاء والنجاحات على مختلف الصعد، تعكسها الأرقام والمعطيات التي تؤكد أن السلطنة نجحت في ترسيخ مكانتها على طريق التنمية والازدهار.
وخلال عام فقط، نجحت السلطنة في تحقيق أرقام قياسية في مجالات التنمية والنهضة الشاملة، لتصبح دولة ذات جدارة استثمارية بفضل تحسن اقتصادها، ونجاح خططها التي تضمنتها رؤية عُمان 2040.
وسياسياً تحل ذكرى العيد الوطني العُماني وقد كرّست السلطنة موقعها في منطقة الحياد، ما منحها احتراماً كبيراً في الأوساط الإقليمية الدولية، عكسته جهودها المقبولة في التوسط بعدد من الملفات المهمة.
نجاح اقتصادي
على الصعيد الاقتصادي حققت سلطنة عُمان كثيراً من المؤشرات الإيجابية بفضل الأداء المالي الناجح، وزيادة الناتج المحلي؛ ما أدى إلى ارتفاع حجم الإيرادات، وانخفاض المديونية، وتحقيق فائق مالي.
ووفق الأرقام الصادرة عن الحكومة العُمانية، فقد نجحت السلطنة في تحقيق فائض مالي بلغ 447 مليون ريال (مليار و162 مليون دولار)، منذ بداية العام الحالي وحتى نهاية أغسطس، بينما بلغ حجم الإيرادات 8.1 مليارات ريال (21 ملياراً و70 مليون دولار).
وسجلت محفظة الدين العام للسلطنة، بنهاية الربع الثالث من العام الجاري، انخفاضاً إلى 14.4 مليار ريال (37.45 مليار دولار)، مقارنة بـ20.8 مليار ريال (54.09 مليار دولار) في 2021، بحسب المركز الوطني للإحصاء والمعلومات.
وفي مجال الاستثمار الأجنبي سجلت سلطنة عُمان ارتفاعاً ملحوظاً، بنهاية الربع الرابع لعام 2023، إذ بلغ 25 ملياراً و50 مليون ريال عُماني (65 ملياراً و150 مليون دولار)، بارتفاع بلغ 21.6% مقارنة بالفترة نفسها من العام 2022.
وخلال العام 2023، ارتفعت قيمة أصول جهاز الاستثمار العُماني إلى 19.2 مليار ريال (49.93 مليار دولار)، مقارنة بـ17.9 مليار ريال (46.55 مليار دولار) في 2022.
تحسن المؤشرات
وبفضل هذه السياسات الاقتصادية الناجحة تحسن تصنيف عُمان من قبل وكالات التصنيف الائتماني، إذ رفعت وكالة "ستاندرد آند بورز" في تصنيفها الثاني السلطنة إلى "BBB-" من "BB+" مع نظرة مستقبلية مستقرة، بيمنا عدلت وكالة "موديز" نظرتها المستقبلية من نظرة مستقرة إلى إيجابية، مع تأكيد التصنيف الائتماني عند"Ba1" .
كما ارتفعت مكانة عُمان في العديد من المؤشرات الدولية لتحقق مراتب متقدمة، حيث حصلت على المرتبة الـ56 في مؤشر الحرية الاقتصادية للعام 2024 الصادر عن مؤسسة "هيرتج فاونديشن"، بعد أن كانت في المرتبة الـ95 عالمياً عام 2023.
وحصلت على المركز الـ11 عالمياً في مؤشر ريادة الأعمال، متقدمة 27 درجة عن ترتيبها في عامي 2022 و2023، بينما جاءت في المركز الـ50 عالمياً في مؤشر الأداء البيئي. وحققت جامعة السلطان قابوس تقدماً ملحوظاً في التصنيف العالمي للجامعات لعام 2025، لتحتل المركز الـ362.
ونفذت السلطنة سلسلة مشاريع استراتيجية، خلال العام المنصرم، أبرزها مشروع مصفاة الدقم والصناعات البتروكيماوية في المنطقة الاقتصادية بالدقم، وهو استثمار مشترك بين السلطنة والكويت، برأس مال بلغ 3.5 مليار ريال عُماني (9.10 مليارات دولار).
وأطلقت أيضاً مشاريع استراتيجية أخرى؛ منها مشاريع الطاقة الشمسية في عدة محافظات، فضلاً عن تعزيز الشراكة والتعاون بين القطاعين الخاص والحكومي، وبما يسهم في تحقيق رؤية عُمان 2040.
مشاريع عديدة أخرى جرى إنجازها في قطاعات السياحة والصحة والإسكان، وتنمية الشباب، والخدمات الاجتماعية، والتعليم وغيرها من المجالات الحيوية.
نجاح سياسي
ومثلما نجحت السلطنة في مجال الاقتصاد، فإنها حققت الكثير أيضاً على الصعيد السياسي، فإلى جانب حالة الاستقرار الداخلية المتجذرة، وتعزيز روابط التعايش والانسجام بين القيادة والشعب، نجحت عُمان بفرض مكانتها في المعادلة الدولية بشكل لا يمكن تجاهله.
وخلال العام الماضي، أدت السلطنة دوراً مهماً في تعرية جرائم الاحتلال في قطاع غزة، كما تبنت نهجاً متوازناً تجاه القضايا الشائكة، وأدت دوراً مهماً في التوسط لتخفيف الاحتقان بين العديد من الفرقاء الدوليين والإقليميين.
وأبرز ما قامت به السلطنة هو تقريب وجهات النظر بين السعودية وجماعة الحوثي، وبين طهران وكل من الرياض وواشنطن بشكل منفصل، كما ساهمت في التقارب بين إيران والبحرين.
قفزات كبيرة
ولا يخفى على المتابع لمسيرة عُمان حجم الإنجازات التي تحققت خلال السنوات الماضية، خصوصاً منذ إعلان "رؤية عُمان 2040"، نهاية العام 2020، حيث أصبحت السلطنة نموذجاً للنجاح والإنجاز.
ويرى الدكتور محمد العريمي، رئيس جمعية الصحفيين العُمانية، أن السلطنة تعيش هذه الأيام أفراح العيد الـ54، "في ظل القيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وهي تزخر بالعديد من المنجزات في شتى المجالات".
ولفت العريمي إلى أن السلطنة حققت، خلال السنوات الخمس الماضية، قفزات واضحة وملموسة في المجالات الاقتصادية والاستثمارية، فضلاً عن النجاح الكبير في حراكها الدبلوماسي والسياسي الخارجية مع الدول الصديقة والشقيقة.
وقال إن السنوات الخمس الماضية "شهدت إنجازات عديدة في هذه المجالات، وهي واضحة للعيان بالنسبة لنا في سلطنة عمان كمواطنين ومقيمين، وكذلك لدى الأشقاء والأصدقاء خارج حدود السلطنة".
ونوّه بأن السلطنة تمضي قدماً في كل المسارات ضمن "رؤية عُمان 2040"، هذه الرؤية التشاركية بين الحكومة والإنسان العماني، لافتاً إلى أنها رؤية واضحة الملامح، بدأت منذ قرابة 5 سنوات، وحُددت فيها المسارات والمنطلقات والرؤية، وتسير بخُطا ثابتة.
وأضاف العريمي: "لاحظنا بعض التصنيفات الجيدة التي صدرت في حق عمان، كالمؤشرات الاقتصادية العالمية، كلها تشيد بهذه الرؤية وهذا المشروع الوطني، وأجزم بأن السنوات القادمة ستكون سنوات الإنجاز، لأننا تخطينا مرحلة التأسيس في هذه الرؤية، وإن كانت جائحة كورونا أثرت بعض الشيء، ولكن الانطلاقة بدأت في هذا العام، وأنا أجزم بأن السنوات الخمس القادمة ستكون محطات إيجابية وفيها إنجازات عديدة في كل المجالات".
قبلة للدبلوماسية
وفي المجال السياسي أصبحت سلطنة عُمان على قدر عالٍ من الموثوقية، وفي هذا الخصوص يقول الدكتور محمد العريمي، إن حراك السلطنة ودبلوماسيتها واضحة للجميع، لافتاً إلى أن "مسقط أصبحت ترانزيت لكل الاجتماعات التي تخص منطقة الشرق الأوسط والعالم".
وتابع: "عُمان معروفة بدبلوماسيتها الهادئة والمتطلعة لإحلال السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وفي منطقتنا المتوترة منذ فترة ليست بالقصيرة، وعليه فهذه الدبلوماسية أثبتت نجاعتها ونجاحها، وأثبتت في المجموع محبتها للطرف أو للأطراف الأخرى، سواء كانت إقليمية أو دولية".
واستطرد قائلاً: "هذه الزيارات المتكررة لكبار المسؤولين وكبار القادة لمسقط، والتقاؤهم بالسلطان هيثم بن طارق، دليل يعطي المتتبع والمهتم بالشأن السياسي والاقتصادي انطباعاً بأن مسقط أصبحت فاعلة ومؤثرة في الحراك السياسي والدبلوماسي وأيضاً الاقتصادي".
وأشار العريمي إلى أن هذه السياسة "بنيت منذ أكثر من 5 عقود، واستطاعت أن تثبت أنها دبلوماسية واضحة هادئة، هدفها الأول هو إحلال السلام في المنطقة، والاستقرار الذي بلا شك هو أساس البناء في كل المجالات".
ويبيّن أن علاقة السلطنة السياسية والدبلوماسية بدول الجوار والعالم أجمع بنيت منذ سبعينيات القرن الماضي "على أسس ومنطلقات واضحة للقاصي والداني، وهي أيضاً تتماشى مع الأنظمة والقوانين الناظمة للحراك السياسي، سواء على مستوى الأمم المتحدة، أو على مستوى جامعة الدول العربية، أو على مستوى مجلس التعاون لدول الخليج العربية".
واستطرد قائلاً "المنطلقات والمبادئ السياسية العمانية واضحة ومتأصلة ومتجذرة، وأساسها والدافع لها هو تاريخ العنصر السياسي في النظام السياسي في سلطنة عمان، وما نلاحظه من قبول ومن تقبل من معظم جميع المنظمات العالمية المعنية بالإنسان في المقام الأول، وفي الحراك السياسي والاقتصادي والإنساني، كلها تشيد في الحقيقة بدور سلطنة عمان في هذا الخصوص".
وشدد العريمي على أن المؤشرات التي تدل على ذلك "واضحة وجلية، وأتمنى لحكومة بلدي ولسياسة بلدي الاستمرار في هذا النهج الإنساني، والتي بلا شك ستكون نتاجاته كلها إيجابية على المستوى الإقليمي والعالمي".