لبنان والقيد الأمريكي الأعرج ..
تتبع واشنطن في لبنان والمنطقة العربية سياسة عرجاء في فرض التسويات السياسية بين كيان العدو الإسرائيلي والدول العربية المحيطة به .
هذه السياسة تشبه القيد المحاسبي الأعرج الذي لاوجود في قواعد النظام المحاسبي المالي المتعارف عليه دوليا ، والذي يقوم على معادلة توازن بين طرفين طرف مدين وطرف دائن ، ومن المستحيل ان تتوازن هذه المعادلة بقيد أعرج يجريه اي محاسب يقوم على طرف واحد مدين فقط او دائن فقط ،
وهذا بالضبط ماتفعله الإدارة الامريكية طوال عشرات السنين السابقة والى اليوم في لبنان بفرض "قيود عرجاء" على معادلات التسويات السياسية بين لبنان و"إسرائيل " والتي لايمكن معها ان تؤسس لاي سلام بين الطرفين او ترسي اي دعائم للإستقرار في لبنان والمنطقة العربية .
فهاهي مسودة التسوية الإمريكية الذي يحملها المبعوث الامريكي كونشتاين الى لبنان لوقف إطلاق النار للحرب الدائرة الحالية بين لبنان واسرائيل ينطبق عليهاالقيد المحاسبي الأعرج ممايجعلها مسودة عرجاء .
فهذه المسودة تفرض قيود تقوم على نزع سلاح حزب الله وعدم" إعادة تسلحة" وما تفرضه من رقابة "امريكية " او مايسمى عبر "لجنة ثلاثية "على المنافذ البرية والبحرية والجوية اللبنانية وهو مايقود الى نفس النتيجة والقيود الغير معلنة على تسلح الجيش اللبناني بأي قوة صاروخية رادعة او بمنظومات دفاع جوي لحماية الأجواء اللبنانية او بإمتلاك طيران حربي حديث، وهذا يعتبر الطرف الاول من معادلة المسودة الامريكية " الطرف المدين .
اما الطرف" الدائن "او الثاني من المسودة الامريكية يقوم على بقاء إسرائيل تمتلك اقوى سلاح جوي بالعالم تقريبا .
وليس هذا فحسب فالمسودة تمنح جيش الاحتلال الاسرائيلي حرية الحركة والعمل العسكري داخل لبنان بريا او جويا او بحريا إذا ما حدث أي إختراق يؤدي الى إعادة تسلح المقاومة (وطبعا هذا ينطبق على الجيش اللبناني بشكل غير معلن )يشكل تهديدا للأمن القومي الإسرائيلي تحت مبرر مايسمى (حق إسرائيل الدفاع عن النفس ) " الفضفاض" الذي يحول لبنان الى مناطق (أ) في الضفة الغربية وهذا الاختراق يقرره كيان العدو نفسه .
بمعنى الامريكيون يسمحوا لإسرائيل بحماية امنها القومي ، ولايسمحوا ابدا للبنان عبر الجيش اللبناني او عبر المقاومة بحماية امن لبنان القومي لصد اي هجمات جوية إسرائيلية تدمر مدنه وبلداته وتدمر البنية التحتية لدولته وتهجر شعبه في أي وقت إسرائيل تريد وتحت اي مبرر تقرره هي ، بالإضافة الى عدم السماح للجيش اللبناني من إمتلاك اي اسلحة نوعية حديثة تمكنه من صد أي هجوم بري او بحري إسرائيلي او تمكنه من تحرير اراضيه المغتصبة .
اليست هذه سياسة إمريكية عرجاء تشبه( القيد المحاسبي المالي الأعرج) الذي لايمكن معها ان تؤسس لاي سلام بين لبنان وإسرائيل او أي إستقرار في المنطقة ، وكل ما قلناه ينطبق على السياسة الامريكية العرجاء التي تنتهجها واشنطن في فلسطين ومع الشعب الفلسطيني والعرب في مواجهة الإحتلال الاسرائيلي لفلسطين .؟؟؟
وهي سياسة إمريكية وغربية عرجاء تفتقر الى الحد الأدنى من التوازن فشلت في السابق في ارساء سلام وإستقرار في لبنان في عام 1978 وفي عام 1982 بوصول دبابات الجيش الاسرائيلي الى بيروت ،وعندما تم طردها في عام 2000 من لبنان، وفي عام 2006 عندما تم صد الجيش الاسرائيلي من إعادة إحتلاله لجنوب لبنان ، وفي هذا العام 2024 ايضا التي تحاول فيه إسرائيل إعادة إحتلال جنوب لبنان والهيمنة على لبنان ، نعم هي سياسة امريكية عرجاء فاشلة لايمكن ان تؤسس الى اي سلام حقيقي في المنطقة العربية .
(والى الله ترجع عاقبة الأمور )
* أ . صلاح القرشي - باحث وكاتب يمني