
حراك أميركي لوضع حد للحرب السودانية
الرأي الثالث - وكالات
في خطوة جديدة نحو إنهاء حرب السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، والمتواصلة منذ إبريل/نيسان 2023، وتدارك الأزمة الإنسانية الناجمة عنها، جرى لقاء مطول في سويسرا، بين قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان ومستشار الرئيس الأميركي للشؤون الأفريقية، مسعد بولس، لمناقشة مقترح أميركي جديد يهدف إلى ترسيخ السلام في السودان،
بحسب ما أكده مصدران في الحكومة السودانية، أول من أمس الثلاثاء، لوكالة فرانس برس.
وجاء اللقاء الذي تمّ التكتم عليه، في ظلّ احتدام الصراع العسكري في السودان وفشل جميع المبادرات المطروحة في إحراز تقدم نحو وضع حدّ للنزاع المتواصل.
ويشهد السودان منذ 15 إبريل 2023 صراعاً عسكرياً بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع التي يقودها نائبه السابق محمد حمدان دقلو (حميدتي)،
ويخضع كلاهما لعقوبات فرضتها الولايات المتحدة في يناير/كانون الثاني الماضي بسبب الحرب التي أسقطت آلاف القتلى والجرحى وخلّفت دماراً هائلاً في المدن والقرى والبنية التحتية للبلاد.
وسجل أمس استهداف مسيّرات بلدة تمبول السودانية في جنوب شرق العاصمة الخرطوم، أثناء احتفال للجيش.
وقال شاهد عيان من تمبول الواقعة في شرق ولاية الجزيرة، لوكالة فرانس برس، إنه "أثناء تجمع المئات في ميدان الاحتفال، سمع صوت محرك، انطلقت المضادات وحدثت حالة من الهرج"،
علماً أن ولاية الجزيرة بقيت هادئة نسبياً منذ استعادها الجيش من "الدعم" في يناير/كانون الثاني الماضي.
وكان مقرراً وفق الوكالة أن يحضر قائد قوات درع السودان المتحالفة مع الجيش أبو عاقلة كيكل الاحتفال، علماً أن كيكل انشق عن صفوف "الدعم السريع" وانضم إلى الجيش العام الماضي.
مقترح أميركي لإنهاء حرب السودان
وفي لقاء سريع وسرّي، بحث قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان مع مستشار الرئيس الأميركي للشؤون الأفريقية، مسعد بولس في سويسرا، الاثنين الماضي، مقترحاً أميركياً يهدف إلى وقف الحرب في السودان،
وقد استمر اللقاء لنحو ثلاث ساعات، وتناول مقترحاً أميركياً لوقف شامل لإطلاق النار في السودان وضمان إيصال المساعدات الإنسانية، وفق مصدر حكومي رفيع، تحدث للوكالة.
وأبلغ البرهان المبعوث الأميركي، بأنه ليس لقوات الدعم السريع دور سياسي في السودان. وأوضح المصدر أن البرهان تسلّم المقترح قبل سفره إلى سويسرا، وأنه عاد إلى بورتسودان فجر أول من أمس الثلاثاء.
ولم تعلّق الحكومة السودانية على اللقاء، لكن وزير الإعلام خالد الإعيسر كتب منشوراً على صفحته في "فيسبوك" ووقعه باسم "المواطن: خالد الإعيسر"، الثلاثاء الماضي،
قال فيه إن "السودانيين إزاء لحظة تاريخية نادرة واستثنائية، وُلدت من رحم المعاناة، وتشكل منعطفاً حاسماً لإعادة بناء واقع جديد على أسس وطنية واعدة، تبشر بمستقبل أكثر عدلاً وازدهاراً".
وأضاف الإعيسر دون أي إشارة للقاء سويسرا، أن "السودان يقف اليوم أمام مفترق طرق مصيري، يُلقي على عاتق كل فرد أن يصغي لصوت ملايين المشردين والضحايا المتضررين من آثار الحرب،
وأن يقدم هموم الصالح العام على نزعاته ومصالحه الذاتية، وأن تتسم رؤاه بطابع وطني استراتيجي عميق وبعيد المدى، لا أن تُختزل في مناورات تكتيكية تمليها ضرورات لحظية ومتطلبات واقع آني يتسم بقصر النظر".
من جهتها، لم تعلق "الدعم السريع" على اللقاء وما تسرب عنه، لكن عضواً في المجلس الاستشاري لقائد الدعم السريع ، قال إنه لم يصله من قيادة "الدعم" ما يفيد بلقاء بين البرهان والأميركيين،
لكنه "استغرب" الأمر في ظل العقوبات المفروضة من قبل وزارة الخزانة الأميركية على البرهان "والتي تمنع أي مسؤول أميركي من اللقاء معه"، وفق عضو المجلس الاستشاري لقائد "الدعم".
وتسبب اللقاء غير المعلن بين البرهان وبولس في جدال سياسي في السودان بين مرحب به ليكون خطوة نحو إنهاء حرب السودان المتواصلة منذ 2023، وبين رافض له ومطالب باستمرار الحرب حتى القضاء على "الدعم السريع" بدلاً من التفاوض معها.
وفي هذا الصدد، قال رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير، في تعليق على صفحته في "فيسبوك"، ونشره أمس الأربعاء، إن "البحث عن السلام ليس مذمّة والجلوس إلى طاولة التفاوض لإنهاء حرب السودان المشتعلة ليس خيانة كما يصور دعاة استمرار الحرب".
وأضاف: "تعليقاً على رحلة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان إلى سويسرا، فإن المهم حقاً هو توفر إرادة السلام الجادة لدى جميع الأطراف، والتقاء أوسع قاعدة سياسية واجتماعية على دعم أي خطوة نحو إيقاف الحرب".
ولفت الدقير إلى أن "الحل السياسي السلمي ليس ترفاً ولا شعاراً عابراً، بل هو المطلب العاجل لخلاص السودانيين من الكارثة الإنسانية، وهو صمّام الأمان لبقاء السودان موحَّداً والتوافق على إعادة بنائه على أسس جديدة وعادلة تضمن الحياة الكريمة لأهله كافة بلا تمييز".