
مساعٍ لفرض صفقة شاملة وسط مواصلة إسرائيل استعداداتها لاحتلال غزة
الرأي الثالث - وكالات
في الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل استعداداتها لإطلاق عملية احتلال مدينة غزة ومخيمات الوسط، زعمت صحيفة "يسرائيل هيوم"، اليوم الجمعة، أن الوسطاء "يُكثّفون جهودهم" لإبرام صفقة تحول "دون العملية العسكرية المُعدة لإخضاع حركة حماس بالمطلق"، مستدركة بأن "إسرائيل لا تعلّق آمالاً كبيرة على الجهودة الجديدة"،
غير أن مسؤولين كباراً في فريق التفاوض يقولون إنهم يتابعون عن كثب التطورات في القاهرة.
ما ذكرته الصحيفة يأتي غداة لقاء جمع رئيس "الموساد"، ديفيد برنيع، برئيس الوزراء القطري في الدوحة، أمس الخميس، وكذلك وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، المسؤول عن ملف التفاوض،
حيث نقلا رسالة موحّدة إلى الوسطاء وعلى رأسهم الولايات المتحدة، مفادها بأن باب الصفقة الجزئية قد أغلق، ومن الآن فصاعداً، يمكن مناقشة صفقة كاملة فقط تتضمن إعادة جميع الأسرى وإنهاء الحرب.
وكان مسؤول سياسي إسرائيلي رفيع قد قال أمس، إن "رئيس الموساد سافر إلى قطر في إطار شؤون تتعلق بالموساد، وليس بخصوص المفاوضات حول صفقة الأسرى"، موضحاً أن "رئيس الموساد أوضح خلال الاجتماع أن الصفقة الجزئية لم تعد مطروحة على الطاولة".
وهو ما تقاطع مع ما قاله مسؤولون آخرون في محيط رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، إن الأخير "يريد صفقة شاملة فقط في الوقت الحالي".
وهي رسالة تتقاطع أيضاً مع مطلب وزيري الكابينت، بتسلئيل سموتريتش، ورون ديرمر، خلافاً لوزير الخارجية جدعون ساعر، ورئيس مجلس الأمن القومي، تساحي هنغبي، ورئيس حزب "شاس" أريه درعي، الذين طالبوا بترك الباب مُشرعاً أمام صفقة جزئية، خلال جلسة الكابينت الأخيرة، الخميس ما قبل الماضي.
وفي الأثناء، عقد وزير الأمن، يسرائيل كاتس، جلسة لمناقشة احتلال مدينة غزة، بمشاركة رئيس الأركان، إيال زامير، وعدد من كبار قادة الجيش على خلفية التوتر القائم بين الجانبين.
وبحسب الصحيفة، فإن التوتر العلني بينهما يرافقه توتر خفي بين نتنياهو وزامير؛ حيث نقلت عن مصادر مقرّبة من نتنياهو قولها إن "الأخير محبط من عدم قدرته على توجيه رئيس الأركان الذي عيّنه بنفسه".
أمّا القلق الأساسي الذي طُرح في النقاشات الأخيرة بين نتنياهو والقادة العسكريين، فكان بحسب الصحيفة هو عدم إمكانية فرض تنفيذ الخطة العسكرية لاحتلال مدينة غزة بالشكل الأمثل، بسبب تخوّفات الجيش ومعارضته لها.
وأحد الاجتماعات المهمة التي عقدها نتنياهو هذا الأسبوع كان بحسب الصحيفة، مع ضباط كبار سابقين في الجيش الإسرائيلي، بينهم العميد في الاحتياط، إيريز وينر، والعقيد في الاحتياط، حيزي نحماه، من كبار "منتدى القادة"، وآخرون.
وهدفت هذه الجلسة إلى ممارسة ضغط على نتنياهو لإدخال تغييرات جوهرية في الخطة المقرر تنفيذها. القلق العميق الذي سيطر على المشاركين بهذا اللقاء،
ولقاءات أخرى مع نتنياهو انعقدت هذا الأسبوع، ينبع من أن القيود التي تفرضها المدعية العامة العسكرية، بدعم من رئيس الأركان، على خطة الحرب قد تجعل العملية بطيئة، ومعقدة، وتؤدي إلى سقوط جنود قتلى.
تهجير السكان ثم قطع المياه والغذاء فاحتلال غزة
في الواقع، ومنذ مناقشة الخطة في الكابينت، تبين وفقاً للصحيفة أن المدعية العسكرية "تعارض تنفيذ خطوة محورية قد تُفضي إلى استسلام آلاف المقاتلين من حماس: قطع المياه عن مناطق القتال بعد إخلاء السكان المدنيين لها".
وبحسب الرأي القانوني الذي عرضته المدعية العسكرية، فإنه "حتى بعد السماح للمدنيين بالمغادرة (دفعهم إلى النزوح تحت القوة العسكرية) -كما يقتضي القانون الدولي- إذا بقي بعض السكان في المنطقة، فلا يجوز قطع المياه عنهم".
في المقابل، استعرضت، بحسب الصحيفة، آراء قانونية أخرى أمام نتنياهو خلال اللقاءات، تسمح باتباع هذا النهج، وقد طلب أن تُعرض هذه الآراء بشكل موسع في جلسة الكابينت المقبلة.
وطبقاً لما رشح عن خطة احتلال غزة، فإن الهدف من إدخال التعديلات عليها هو أن "يُجفِّف" مقاتلي المقاومة (عبر قطع الطعام والإمدادات والمياه عنهم)، بغية دفعهم للاستسلام، قبل أن يدخل جنود جيش الاحتلال إلى المناورة البرية لاحتلال المدينة.
وطبقاً لهذه التعديلات، سيكون ذلك متاحاً فقط بعد تهجير السكان المدنيين قسريا إلى مناطق يزعم الاحتلال أنها "آمنة".
وفي اللقاء مع نحماه ووينر، عبّر الاثنان عن مخاوفهما أمام نتنياهو بأن الخطة الحالية هي "مزيد من الشيء نفسه"؛ إذ قال هؤلاء لنتنياهو إن "عملية مركبات جدعون لم تحقق أياً من أهداف الحرب- لا القضاء على حماس ولا إعادة الأسرى. حماس لا تزال تسيطر على أغلب السكان في المناطق الواقعة تحت سيطرتها".
في غضون ذلك، ناقش اللقاء بين نتنياهو والقادة العسكريين "الهجوم السياسي والدبلوماسي" الدولي على إسرائيل، وأوضح هؤلاء أمام نتنياهو أن "الثمن السياسي قد دُفع بالكامل بالفعل، ولن تُمنح إسرائيل فرصة أخرى لحسم المعركة ضد حماس"،
مشددين على أن "المماطلة تضر بدولة إسرائيل ولا تحقق أهداف الحرب"، بحسب رؤيتهم.
وعلى الرغم من أن من التقوا نتنياهو لم يقولوا له ذلك بصراحة، إلا أن "الشعور السائد في الجيش والمنظومة السياسية هو أن نتنياهو ومنذ نجاحاته الكبيرة أمام إيران، يخسر الدعم الشعبي له داخل إسرائيل نفسها".
وعلى الرغم من محاولاته المكرورة في خطاباته لتأكيد "الإنجازات المتراكمة" على مدى عامين من الحرب على مختلف الجبهات التي شنّت إسرائيل حروباً وعدواناً عليها،
إلا أن "الواقع في الجبهة التي خاض الحرب فيها بعد 7 أكتوبر، يظهر أن أهداف الحرب لم تتحقق بالكامل، فحماس لا تزال قائمة، و50 أسيراً لا يزالون محتجزين لديها".
وبحسب ما تخلص إليه الصحيفة، فإن "نهاية الحرب في غزة ستكون المحكّ الذي يُقاس به نتنياهو في صناديق الاقتراع، والرسالة التي تُبعث له واضحة: الانتخابات أقرب من أي وقت مضى".