مقترح أميركي لـ"هدنة إنسانية" في السودان
الرأي الثالث - وكالات
يبحث مجلس الأمن والدفاع السوداني برئاسة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، اليوم الثلاثاء، مقترح الهدنة الذي تقدّمت به الولايات المتحدة لوضع حد للنزاع الدامي في السودان منذ أكثر من عامين، بحسب مصدر حكومي في بورت سودان.
وقال المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته نظراً إلى أنه غير مخوّل التحدّث إلى الإعلام، لـ"فرانس برس"، إنّ "مجلس الأمن والدفاع سيعقد اجتماعاً اليوم لبحث مقترح الهدنة الأميركي".
وكان مستشار الشؤون الأفريقية في الإدارة الأميركية، مسعد بولس، قد أكد أمس الاثنين أن الولايات المتحدة تعمل مع طرفي الصراع في السودان من أجل التوصل إلى هدنة إنسانية محتملة.
وقال بولس، في مقابلة مع وكالة أسوشييتد برس، إنّ الولايات المتحدة تعمل مع الجيش السوداني وقوات الدعم السريع للتوصل إلى هدنة إنسانية، مضيفاً أنّ إعلاناً بهذا الشأن قد يصدر "قريباً".
وأوضح بولس، قائلاً: "لقد عملنا على هذا الأمر طوال الأيام العشرة الماضية تقريباً مع كلا الطرفين، على أمل الانتهاء من التفاصيل".
وأضاف أنّ الخطة التي تقودها واشنطن ستبدأ بهدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر، تليها عملية سياسية تمتد لتسعة أشهر.
يأتي ذلك في وقت أعلن فيه مدعون من المحكمة الجنائية الدولية أنهم يسعون للحفاظ على الأدلة المتعلقة بالمجزرة التي وقعت الأسبوع الماضي في مدينة الفاشر المحاصرة بإقليم دارفور.
وجاء في بيان المحكمة أن أحدث الفظائع الواردة في التقارير، في الفاشر، التي تعاني من المجاعة، "جزء من نمط أوسع من العنف الذي اجتاح إقليم دارفور بأكمله"، وقد "يرقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية"،
مشيرة إلى أن الأدلة قد تُستخدَم في ملاحقات قضائية مستقبلية.
وبعد 18 شهراً من الحصار والقصف والتجويع، سيطرت قوات الدعم السريع على الفاشر يوم 26 أكتوبر/ تشرين الأول، ونجحت في إخراج الجيش من آخر معقل له في إقليم دارفور غربي السودان.
وتفيد الأمم المتحدة بأن أكثر من 65 ألف شخص فرّوا من الفاشر، بينهم حوالى 5 آلاف هربوا إلى مدينة الطويلة القريبة، لكن عشرات الآلاف ما زالوا عالقين.
وقبل الهجوم الأخير، كانت المدينة تعد حوالى 260 ألف نسمة.
ومنذ سيطرة قوات الدعم السريع عليها، وردت تقارير أفادت عن عمليات إعدام وعنف جنسي ونهب وهجمات على العاملين في مجال الإغاثة وحالات خطف داخل الفاشر وفي محيطها، حيث بقيت الاتصالات مقطوعة إلى حد كبير.
وقوات الدعم السريع منبثقة من مليشيات الجنجويد المتهمة بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور قبل أكثر من عقدين.
"الدعم السريع" تمنع دفن مئات الجثث في بارا جنوبي السودان
وعلى خطّ الفظائع التي ترتكبها مليشيا الدعم السريع في السودان، قالت شبكة أطباء السودان، اليوم الثلاثاء، إنّ هذه القوات تمنع دفن عشرات الجثث المكدسة داخل منازل في مدينة بارا، بولاية شمال كردفان جنوبي البلاد.
وأفادت الشبكة الطبية في بيان، أنها تتابع "بقلق ما يجري في مدينة بارا من جرائم مروّعة ترتكبها الدعم السريع بحق المدنيين العزّل، في مشهد يلخّص أبشع صور الانتهاك الإنساني والقتل الممنهج"،
وأضافت: "تفيد التقارير الميدانية الواردة إلى الشبكة، بأن عشرات الجثث مكدّسة داخل المنازل بعد أن منعت الدعم السريع ذوي الضحايا من دفنهم، ليظلّ الموتى محاصرين في بيوتهم وأحيائهم محاطين بالرعب والجوع والعطش".
وأشارت إلى أنّ "أعداد المفقودين تتزايد يومياً، مع انقطاع كامل للاتصالات وانعدام أي وجود طبي أو إنساني فاعل في المدينة"،
ولفتت الشبكة إلى "تواصل موجات النزوح الجماعي من بارا في ظروف بالغة القسوة، إذ يفرّ المدنيون سيراً على الأقدام نحو المجهول، دون غذاء أو دواء أو مأوى، بينما تنهار الخدمات الصحية تماماً وتنتشر الأمراض وسوء التغذية بين الأطفال والنساء وكبار السن"،
كما أكدت أن "ما يحدث في بارا جريمة ضد الإنسانية بكل المقاييس، مطالبةً الأمم المتحدة، والمنظمات الإنسانية والطبية، والمجتمع الدولي كافة، بالتحرك الفوري والجاد لوقف هذه الانتهاكات، وفتح ممرات آمنة للمدنيين، وتمكين الأسر من دفن موتاها بكرامة"،
وسيطرت قوات "الدعم السريع" أخيراً، على مدينة بارا في إطار حربها مع الجيش السوداني.
ويأتي هذا بعدما قالت الأمم المتحدة، الاثنين، إن عدداً كبيراً من المدنيين لا يزالون محاصرين في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، غربي السودان، داعية إلى إتاحة وصول "فوري وغير مقيد" إلى المحاصرين.
وقال نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق، وفق ما ذكره موقع "أخبار الأمم المتحدة"، إن "المدنيين غير قادرين على مغادرة الفاشر فيما قُتل المئات منهم، بمن فيهم عاملون في المجال الإنساني"،
وأضاف: "لا يزال عدد كبير من الأشخاص محاصرون داخل المدينة، مع انقطاع أو انعدام التواصل مع العالم الخارجي".
وأشار المسؤول الأممي إلى أن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة "أوتشا"، شدد على أن "استمرار قوات الدعم السريع في عرقلة إيصال المساعدات المنقذة للحياة إلى المدينة أمر غير مقبول"،
ودعا إلى "إتاحة وصول فوري وغير مقيد إلى الأشخاص المحاصرين في الفاشر"، وقال حق إنّ "الوقف الفوري للأعمال العدائية أمر بالغ الأهمية لضمان حماية المدنيين".
(فرانس برس، أسوشييتد برس)