
الصمت والسرية شرطا الحوثي لدفن ضحايا انفجار مخزن أسلحة
في حين انتظر الناس إجراءات لجبر الضرر الذي لحق بأهالي قرية خشم البكرة بمديرية صرف شرق العاصمة صنعاء، ومواساتهم جراء انفجار مخزن أسلحة حوثية سقط إثره نحو 100 شخص بين قتيل وجريح،
إذ أجبرت الجماعة المدعومة من إيران الأهالي على دفن أقاربهم سراً وبعيداً من وسائل الإعلام والتصوير الشخصي.
وشجبت "الشبكة اليمنية للحقوق والحريات" هذا الإجراء، ونقلت عن شهود عيان تأكيدهم إجبار أهالي الضحايا على دفن ذويهم بعيداً من الإعلام،
وسط تكتم شديد يشرف عليه عناصرهم ومشرفيهم، كما منعت تصوير الجنازات أو إصدار أية تصريحات لوسائل الإعلام ومواقع التواصل في شأن الحادثة.
وأوضح البلاغ أن السلطات الحوثية اشترطت عدم السماح للأهالي بإقامة مراسم عزاء، وسط وجود أمني مشدد حول مواقع الدفن وانتشار مسلحيها حول منازل الضحايا.
من جانبها نددت الحكومة اليمنية بالجريمة المروعة التي اتهمت ميليشيات الحوثي بالتورط فيها، إثر تخزينها أسلحة داخل أحد المنازل في حي سكني مكتظ بمنطقة صرف التابعة لمديرية بني حشيش في صنعاء،
وتسبب في حصيلة أولية بمقتل 40 مواطناً وإصابة المئات، وتدمير عشرات المنازل وسط تعتيم إعلامي ومنع شديد من تصوير مواقع الحادثة التي نتج منها دوي انفجارات هائلة استمرت حتى اليوم التالي،
إذ خلف انفجار المخزن نحو 100 قتيل وجريح، فضلاً عن تدمير عدد من المنازل والمحال التجارية وإتلاف عدد من السيارات وممتلكات الأهالي.
إرهاب وملاحقة
وصباح الجمعة الماضي استيقظ الأهالي في المنطقة على دوي انفجارات هائلة تبين لاحقاً أنها ناتجة من انفجار مخازن ضخمة للأسلحة جرى تخزينها بسرية في أقبية واسعة تحت الأرض، وسط الأحياء السكنية خشية تعرضها للقصف الأميركي،
ويومها ذكر مصدر محلي من منطقة صرف أنه انفجار بصورة مفاجئة لمخازن أسلحة من دون قصف إسرائيلي، عقب استئناف التصعيد المتبادل بين الميليشيات الحوثية والجيش الإسرائيلي الأسبوع الماضي.
وقال المصدر إن الانفجار وأسبابه أثارت موجة شكوك واتهامات حوثية متبادلة عن السبب الذي أدى إلى انفجار هذه الكميات الكبيرة، وهي مخزنة بصورة محكمة في أقبية خرسانية تحت الأرض كانت تحوي صواريخ وذخائر ومتفجرات متنوعة استمرت بالتطاير حتى صباح اليوم التالي، من دون أية إجراءات حوثية عدا منع الأهالي من التصوير وملاحقة الذين باشروا نشر مقاطع الانفجار على مواقع التواصل.
كما شددت الجماعة، وفق المصدر ذاته، قبضتها الأمنية على المستشفيات التي استقبلت الضحايا والمصابين، ومنها مستشفيات الشيخ زايد والثورة والمستشفى السعودي الألماني إضافة إلى المستشفى العسكري والشرطة والمؤيد.
من جهتها اعتبرت "الشبكة اليمنية للحقوق والحريات"، والتي تضم عدداً من المنظمات الحقوقية والإنسانية المحلية والدولية، هذا "السلوك الإجرامي جريمة جديدة تضاف إلى سلسلة جرائم ميليشيات الحوثي اليومية".
وتظهر مقاطع الفيديو المتداولة للحادثة أعمدة دخان كثيفة تغطي سماء المنطقة وهرولة أشخاص بينهم أطفال هرباً من الصواريخ المتطايرة قبيل لحظات من وقوع انفجار هائل هز أرجاء المنطقة،
كما أظهرت مقاطع أخرى لحظات هلع الأهالي وصراخ رجل يردد بتساؤل موجوع "أين نذهب؟" جراء توالي الانفجارات الشديدة.
جرائم حرب
وأثارت الحادثة استياء وغضباً يمنياً واسعاً جراء الاستهتار الذي تبديه الميليشيات الحوثية بأرواح وممتلكات ومقدرات اليمنيين، إذ لم تكن حادثة "خشم البكرة" الأولى من نوعها، فقد سبقتها حوادث متكررة في العاصمة صنعاء وباقي المناطق الخاضعة لسيطرتها،
أسفرت عن سقوط ضحايا مدنيين جراء إصرارها على تخزين الأسلحة والذخائر وسط الأحياء السكنية، في سلوك عدته بيانات حقوقية "انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني الذي يرقى إلى جرائم الحرب".
كما أصدرت المراكز الحقوقية والإنسانية والدولية بيانات تضامن ومواساة مع الضحايا معبرة عن إدانتها الشديدة لسلوك الميليشيات الحوثية ووصفته بـ "الإجرامي".
وبحسب "المركز الأميركي للعدالة" فإن المخزن يقع في منشأة تحت الأرض ويحوي صواريخ للدفاع الجوي وكميات كبيرة من المواد شديدة الانفجار، مثل نترات الصوديوم ونترات البوتاسيوم ومادة (C4) العسكرية.
وشدد المركز في بيان سابق أصدره يوم الواقعة على ضرورة محاسبة القيادات الحوثية المتورطة في تخزين الأسلحة داخل الأحياء السكنية كافة، مطالباً بإخلاء المناطق السكنية من جميع مخازن الأسلحة والمتفجرات، وتوفير ضمانات حقيقية لحماية أرواح المدنيين من هذه الممارسات غير المسؤولة.
ودانت الحكومة اليمنية الحادثة على لسان وزير الإعلام والثقافة والسياحة معمر الإرياني بأشد العبارات، منددة بالجريمة المروعة التي ارتكبتها ميليشيات الحوثي جراء تخزينها أسلحة داخل أحد المنازل في حي سكني مكتظ بمنطقة صرف في مديرية بني حشيش بمحافظة صنعاء"،
معتبرة أنها "المرة الثانية التي ترتكب الجماعة مثل هذا الفعل خلال أقل من 24 ساعة، بعد انفجار صاروخ فشلت في إطلاقه من محيط مطار صنعاء، في مؤشر واضح على إصرارها على عسكرة المدن وتحويل الأحياء المأهولة والمنشآت المدنية إلى مخازن للأسلحة ومنصات لإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة،
في سلوك مماثل لما يمارسه 'حزب الله' في لبنان، والذي يشكل تهديداً دائماً لحياة المدنيين ومقدرات الدولة".
ولم يصدر عن الحوثيين وسلطاتهم أي تعليق حول الواقعة كما جرت العادة، إزاء انفجار المواقع المتعلقة بمواقعها العسكرية داخل الأحياء السكنية أو الناجمة عن تجاربها وعملياتها الحربية، وسط تصاعد المخاوف الأهلية من تكرار هذه الحوادث.
توفيق الشنواح
صحافي يمني