الحياة في عدن.. أهالي ونازحون وسط الأزمات وانهيار الخدمات
بعد عشر سنوات من الحرب في اليمن، تعاني مدينة عدن الساحلية الجنوبية، حيث مقرّ الحكومة، من ضغط غير مسبوق على الخدمات، في وقت يغرق البلد كله في إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، وفي مقدمتها نزوح مئات الآلاف من السكان بحسب ما تفيد الأمم المتحدة.
في حي كريتر حاول الموظف الحكومي محمد بلا جدوى إجراء اتصال هاتفي أو عبر الإنترنت وسط ظلام دامس نتج من انقطاع التيار الكهربائي الذي يستمر ساعات طويلة يومياً.
وقال: "فاقم النزوح الوضع سوءاً. يتقاسم النازحون المياه ذات الكمية المحدودة، ويضغطون على خدمة الكهرباء وشبكة الاتصالات".
وتنتشر مولدات الكهرباء الخاصة أمام عدد كبير من منازل عدة، وأيضاً كشافات طوارئ تضاء حين تغرق المدينة بالظلام مساء، كما تجوب سيارات تنقل المياه لملء خزانات.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي شهدت عدن انقطاعاً تاماً في الكهرباء لمدة خمسة أيام، وذلك للمرة الثالثة هذا العام بسبب نفاد الوقود.
واعتبر محمد أن الهدنة القائمة منذ إبريل/ نيسان 2022 لم تنعكس على مستوى حياة اليمنيين، كما تدهور الوضع الاقتصادي أكثر العام الماضي بتأثير تراجع قيمة الريال اليمني، وتوقّف صادرات النفط، وفرض مزيد من القيود على التمويل الدولي.
إلى ذلك، قال ثلاثة أولياء أمور إنّ أطفالهم يتناولون بسكويت توزعها الأمم المتحدة في مدارسهم لوجبة الفطور. وبحسب الأمم المتحدة، يحتاج نحو 19.5 مليون يمني، أي أكثر من نصف السكان، إلى مساعدات إنسانية، من بينهم 4.8 ملايين نازح داخلي.
وقال وزير الشؤون الاجتماعية والعمل محمد سعيد الزعوري: "يتجاوز عدد النازحين 755 ألفاً في عدن، وهناك عدد كبير غير مسجّلين، وآلاف اللاجئين الأفارقة الذين يتّخذون من اليمن محطة لمحاولة العبور إلى دول الخليج،
وهذا رقم يفوق قدرات عدن التي يسكنها نحو 3.5 ملايين مقابل 1.5 مليون قبل نحو 20 عاماً".
وأضاف الزعوري: "تعاني المدينة من اكتظاظ سكاني غير عادي يضغط على الخدمات، ويشكو سكان من الارتفاع الكبير في إيجارات المنازل بسبب تزايد عدد النازحين".
أما محمد فقال: "أتقاضى 130 ألف ريال يمني (80 دولاراً) الذي لا يكفي لدفع إيجار منزل لا يقلّ عن 170 ألف ريال يمني (106 دولارات) شهرياً، لذا قررت تأجيل زواجي".
وفي وقت اضطر الآلاف للسكن في مخيمات على أطراف عدن، قال المدرّس الأربعيني عبد الرحمن محيي الدين الذي نزح مع أطفاله الثمانية من مدينة الحديدة الساحلية (غرب)، هرباً من المعارك عام 2018، وهو يعمل لقاء أجر يومي خمسة آلاف ريال يمني (3 دولارات)،
ويُقيم حالياً في خيمة قماش بمخيم السلام، حيث ترتجف ابنتاه من البرد: "تعب الأطفال جداً. لا ملابس ثقيلة ولا تعليم، وقلّة في المواد الغذائية".
وتوقع الباحث المتخصص في شؤون اليمن والخليج في "معهد تشاتام هاوس" بلندن، فارع المسلمي، أنّ يكون انهيار الأوضاع في عدن "مجرد مسألة وقت، فهي غارقة في المجاري وانقطاع الكهرباء، والأسوأ الإدارة السيئة".
(فرانس برس)