حرب قاسية في الضاحية الشرقية من أوروبا
حرب قاسية في الضاحية الشرقية من أوروبا، ولا قتلى.
سألتُ Chatgpt عن عدد القتلى الأوكرانيين في اليوم، قال بين ٦ و٧ قتلى. ومن يخسر أكثر؟ أجاب: الروس، بفارق كبير.
كبريات الصحف الغربية أوفدت مراسليها إلى الجبهة منذ عامين، ولا شك أنهم يرون ما يحدث، ويكتبون عنه لصحفهم، يكتبون ما لن ينشر أبدا.
الحرب الاوكرانية ليست منسية، هي فقط بلا أرقام. ومن الجيد القول إن الروس يخسرون حتى تفهم شعوبنا أننا نبلي بلاء حسنا.
قال تشات جي بي تي إن الروس خسروا ما يداني ٨٠٠ ألف بين قتيل وجريح، وسقط من جيش أوكرانيا ثمانون ألف قتيل. ما مصادرك؟ قال عدد من الصحف الغربية.
تمتاز الديموقراطية الغربية بخاصية مثيرة: الإهمال Cancel culture. لا بد من التأكيد على أن الحرب لا تزال قائمة، ولكن الصور والبيانات قد تقلب المواجع.
لم يخرج الناس ضد الحرب في فيتنام إلا بعد أن نقل لهم سيمور هيرش أحداث قرية فيتنامية أبيدت عن بكرة أبيها. جازف هيرش، ولم يكن الصحفي الوحيد الذي رأى وسمع.
تمتاز "حرية الصحافة" الغربية بقدرتها على الإخفاء، إخفاء أشياء عظيمة بحجم حرب في أوكرانيا. في لقاء مفتوح، قبل أيام، قال جيفري ساكس، المفكر السياسي المرموق، إن أوكرانيا تقدم بين ألف إلى ألفين قتيل في اليوم.
تشات جي بي تي لم يصل إلى هذه المعلومة، فالحُجُب مضروبة في كل مكان.
هناك حرب، وهذه الحرب لا بد وأن تستمر لأسباب عديدة. إذا أراد ترامب أن يوقفها فهو يسيء التقدير، إذ سمح بايدن الآن، وهو يترك البيت الأبيض، للأوكرانيين بمهاجمة العمق الروسي بصواريخ بعيدة المدى.
يضع بايدن أوروبا على حافة هاوية، ويورط خلَفه في حرب لا يعرف أحد كيف ستنتهي.
ثمة حرب ضروس على الضفة الشرقية لأوروبا، ويعتقد أنها أحد أسباب الإطاحة بالديموقراطيين في أميركا. ينادي الراديكاليون الأوروبيون بإيقافها، ليس لأنهم دعاة سلام.
بل لأن البيانات اليومية تشير إلى سأم الناس من تلك الحرب، وتخوفهم من مآلاتها. لا تسمح أحزاب الوسط الحاكمة (الوسط الراديكالي، ويا للمفارقة) بنشر الأخبار التفصيلية عن الحرب، لا الصور ولا الأرقام.
من شأن ذلك أن يكهرب الأجواء وقد تخرج مظاهرات كبرى، قد تحدث أشياء ليست في الحسبان. قد يتكشف المشهد عن ترامب أوروبا!.
من الجيد القول إنها حرب قاسية، وهذا يكفي لتفهموا دوافعنا.
وإذا تصادم متظاهرون إسرائيليون وغاضبون عرب في هولندا فإن ذلك سيحدث لأن العرب يبغضون اليهود. هل ثمّة احتمال، ولو بسيط، عن علاقة ما جرى بالإبادة الجارية في غزة؟
غزة؟ ماذا تقصدون بغزة؟ نجحت الصحافة الغربية، على نحو يثير الإعجاب، في إخفاء غزة. لا غرابة، فقد أخفت حرباً مدمرة تجري منذ عامين .. داخل أوروبا نفسها.
ما كان لنا أن نرى الأشياء على حقيقتها لو لم نخضعها لاختبارات جهد، حرب أو إبادة، أو حتى مونديال!