في قلب العاصفة هائل سعيد أنعم نموذجًا لصمود الاقتصاد اليمني
في ظل الأزمة اليمنية المستمرة منذ أكثر من عقد من الزمن لم تعد المؤسسات الاقتصادية مجرد كيانات تجارية بل أصبحت أحد خطوط الدفاع الأخيرة عن حياة ملايين اليمنيين الذين يعيشون تحت حصار الانقسام السياسي والانهيار الاقتصادي ..
ومن بين هذه المؤسسات تقف مجموعة هائل سعيد أنعم باعتبارها واحدة من أبرز النماذج التي اختارت البقاء والعمل في الداخل رغم قدرتها على المغادرة والاستثمار في بيئات أكثر استقرارا ..
تعد مجموعة هائل سعيد أنعم ثاني أكبر شركة في العالم في إنتاج الزيوت النباتية وتمتلك استثمارات وشركات في أكثر من أربعين دولة حول العالم تشمل مجالات التصنيع الغذائي والمواد الإنشائية والمصرفية والخدمات اللوجستية ..
ويعمل لديها أكثر من سبعين ألف موظف في مختلف البلدان ومع هذا الحضور العالمي حافظت المجموعة على وجودها في اليمن واستمرت في تشغيل مصانعها ومخازنها ومراكز توزيعها في معظم المحافظات اليمنية ..
من السهل توجيه الاتهامات إلى أي مؤسسة تعمل في مناطق سيطرة الحوثيين لكن من الصعب تجاهل واقع الانقسام المالي والإداري الذي فرض على الشركات الوطنية التكيف مع سلطة أمر واقع في الشمال وسلطة شرعية في الجنوب ..
وبالتالي فإن استمرار المجموعة في توفير السلع الأساسية في جميع مناطق اليمن ليس خضوعا لطرف بل هو التزام أخلاقي تجاه المواطنين الذين يحتاجون إلى الغذاء والدواء والسكر والدقيق والزيت ..
منذ بداية الحرب ساهمت المجموعة في دعم الأمن الغذائي من خلال تقديم سلال غذائية ومساعدات إنسانية عبر برامج محلية ومنظمات دولية ..
كما لم توقف أنشطتها التجارية رغم التحديات الجمركية وتعدد أسعار العملة وتدهور البنية التحتية وقد استمرت في دفع مرتبات آلاف الموظفين داخل اليمن مما وفر مصدر دخل ثابت لآلاف الأسر اليمنية ..
في وقت توقفت فيه أغلب مصادر الرزق وهذا ماسمعته شخصيا من الوالد علي محمد سعيد حفظه الله ..
من السهل إدانة أي بيان يصدر عن مؤسسة بحجم مجموعة هائل سعيد لكنه من الصعب تجاهل السياق الذي يعمل فيه القطاع الخاص اليمني في ظل غياب سياسات مالية موحدة وغياب دور البنك المركزي على مستوى البلاد ..
وبينما تتعرض شركات أخرى لاتهامات بنقل أموالها إلى الخارج أو تحويلها إلى استثمارات في تركيا أو ماليزيا ظلت المجموعة تضخ استثمارات جديدة وتفتتح خطوط إنتاج محلية ..
إن المؤسسات الوطنية الكبرى كبيت هائل وغيرهم لا يجب أن تعامل كخصوم أو أطراف في الصراع بل ينبغي النظر إليهم كرافعة أساسية لبقاء ما تبقى من كيان اقتصادي لليمن فكل مصنع مغلق وكل مستودع متوقف هو خسارة للبلاد بأكملها وليس فقط للقطاع الخاص ..
اختارت مجموعة هائل سعيد أنعم أن تبقى في قلب العاصفة وأن تتحمل التبعات وأن تواصل العمل في بيئة شديدة التعقيد بينما غادرت شركات أخرى ولم تعد ..
وبدلًا من جلد هذه المؤسسة الوطنية ربما ينبغي دعمها وتشجيعها لأنها لم تختر الطريق الأسهل بل اختارت أن تكون مع الناس لا فوقهم ..
* سفير بوزارة الخارجية