لماذا نتركهم يديرون أحقادهم بنا؟
في اليمن، مأساة لا تتوقف عند حدود الحرب أو الجوع أو الفقر، بل تمتد إلى عمق النفوس التي تتصارع على السلطة منذ سنوات،
فأولئك الذين يتقاتلون على الكراسي والمناصب لم يعرفوا يومًا الحياة الطبيعية التي يحلم بها المواطن البسيط، حياة يسودها الأمان، والتعليم، والصحة، والاستقرار، لم يعيشوا مثلنا، ولم يسمحوا لنا أن نعيش..
جميعهم، مهما اختلفت شعاراتهم أو راياتهم، يحملون داخلهم حقدا دفينا وكراهية لا تهدأ، وكأنهم لا يكتفون بتدمير الحاضر،
بل يصرّون على أن يجعلوا من هذه الكراهية ميراثًا لأطفالنا، يزرعونها في مناهج التعليم، في الخطاب الإعلامي، وحتى في الذاكرة الشعبية، كأنهم يعاقبون الشعب على حلمه بالسلام..
إنهم لم يخوضوا صراعا من أجل مستقبل أفضل، بل معركة من أجل الانتقام، من بعضهم ومننا، ينهشون الوطن قطعةً قطعة، ويجعلون من معاناتنا وقودًا لحروبهم التي لا تنتهي، يتحدثون باسم الوطن وهم يدمرونه، باسم الدين وهم يشوهونه، وباسم الشعب وهم يقمعونه..
السؤال هنا ليس فقط لماذا يفعلون هذا، بل: لماذا نتركهم؟
لماذا نسلم رقابنا لأشخاص لم يعرفوا يومًا كيف تبنى الأوطان؟ لماذا نسمح لهم أن يحكمونا بأحقادهم، ويعيدوا تدوير المأساة جيلًا بعد جيل؟ لماذا نمنحهم الشرعية، بالصمت أحيانًا، أو بالخوف أحيانًا أخرى؟.
الشعب اليمني يستحق حياة طبيعية، يستحق أن يعيش كما يعيش الناس في سائر بقاع الأرض، لا نحتاج إلى أبطال يرفعون شعارات طائفية أو مناطقية، نحتاج فقط إلى قادة يعرفون معنى الحياة، ويحترمون حق الإنسان في العيش الكريم..
ربما آن الأوان أن نقول بصوت عالٍ: كفى، كفى استغلالًا لدمائنا، كفى عبثًا بمستقبل أطفالنا، كفى متاجرةً بوطننا، نحن لا نريد مزيدًا من الأحقاد، نريد وطنًا يسوده السلام، تحكمه العدالة، ويحكمه من يحترم الإنسان لا من يحتقره، أو يقتله!.