
ما أبعاد الهجوم العسكري الأمريكي على الحوثيين؟
الرأي الثالث
واصلت القوات الأمريكية شن ضرباتها على مليشيا الحوثي في اليمن، في حين أعلن الحوثيون استهدافهم لحاملة الطائرات الأمريكية "هاري ترومان"، وذلك للمرة الثانية خلال 24 ساعة.
وبثت القيادة الوسطى الأمريكية فيديو يظهر إقلاع مقاتلات أمريكية من إحدى حاملات الطائرات لشن هجمات ضد مواقع تابعة للحوثيين في اليمن.
بدورها أفادت وسائل إعلام تابعة للحوثيين بأن غارتين أمريكيتين استهدفتا، فجر اليوم الاثنين، محلجاً للقطن بمديرية زبيد بالحُديدة غربي اليمن، بالإضافة إلى غارة أخرى استهدفت المجمع الحكومي في مديرية الحزم بمحافظة الجوف، شمال شرقي اليمن.
من جانب آخر قال المتحدث باسم مليشيا الحوثي، يحيى سريع، إن قواتهم استهدفت حاملة الطائرات الأمريكية "هاري ترومان" للمرة الثانية خلال 24 ساعة، مجدداً التزام الحوثيين بمنع ملاحة السفن الإسرائيلية في منطقة العمليات حتى رفع الحصار عن غزة.
في شأن متصل ذكرت وكالة "أسوشييتد برس"، نقلاً عن مسؤول أمريكي، أن المقاتلات الأمريكية اعترضت مسيّرات الحوثيين في حين سقط صاروخ بعيداً عن حاملة الطائرات "هاري ترومان".
وأمس الأحد، أعلن الحوثيون استهداف حاملة طائرات أمريكية وقطع حربية تابعة لها بصواريخ باليستية وطائرات مسيّرة، غداة ضربات جوية أمريكية على اليمن.
وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي مايك والتز، الأحد، إن الضربات أسفرت عن مقتل عدد من قادة الحوثيين الرئيسيين، وحذر إيران قائلاً إن "الكيل قد طفح".
على إثر ذلك توعد زعيم الحوثيين، عبد الملك الحوثي، في كلمة متلفزة، باستهداف السفن الحربية الأمريكية في المنطقة، محذراً من أن استمرار العدوان الأمريكي على اليمن سيجعل القوات الأمريكية في مرمى نيران جماعته.
وقال الحوثي إن قرار حظر الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر يأتي في إطار دعم الشعب الفلسطيني، مشيراً إلى أن استهداف السفن الإسرائيلية يهدف إلى الضغط على تل أبيب لإنهاء حصار قطاع غزة، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية.
والسبت الماضي، هدد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الحوثيين بـ"جحيم"، حاثّاً إيران على "وقف دعم المتمردين" الذين نفذوا سلسلة من الهجمات على سفن تجارية قبالة سواحل اليمن في سياق الحرب بين "إسرائيل" و"حماس" في قطاع غزة.
وأعلنت وزارة الصحة التابعة للحوثيين، أمس الأحد، حصيلة نهائية للغارات الأمريكية، مبينة أنها بلغت 53 قتيلاً بينهم 5 أطفال وامرأتان، فيما بلغ عدد الجرحى 98 جريحاً بينهم 9 أطفال و9 نساء.
ما أبعاد الهجوم العسكري الأمريكي على الحوثيين؟
بعد إعادة تصنيف جماعة الحوثي منظمة إرهابية أجنبية، أمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشن هجوم عسكري على اليمن، بهدف تقويض قدرات الحوثيين ومنعهم من تنفيذ المزيد من الهجمات في البحر الأحمر.
ترامب، وفي أول تعليق له على الهجمات بدا حاسماً وحازماً، متوعداً الجماعة اليمنية بفتح أبواب الجحيم عليها في حال لم يوقفوا هجماتهم، كما لم يخل تعليقه من رسائل مباشرة لإيران.
القيادة المركزية الأمريكية تحدثت عن سلسلة من العمليات استهدفت الحوثيين، في الوقت الذي تحدثت الجماعة عن سقوط ضحايا من جراء القصف الذي استهدف صنعاء، فما هي السيناريوهات المتوقعة لهذا التصعيد؟
واسعة النطاق
وفقاً لبيان القيادة المركزية الأمريكية فإن الجيش بدأ سلسلة من العمليات التي شملت ضربات دقيقة ضد أهداف تابعة للحوثيين المدعومين من إيران في مختلف أنحاء اليمن، مشيرةً إلى أن العمليات تهدف للدفاع عن المصالح الأمريكية، وردع الأعداء، واستعادة حرية الملاحة.
كما شملت الغارات أهدافاً متفرقة لجماعة الحوثي شمال مدينة صعدة - معقل الجماعة - شمالي اليمن.
وبحسب مصادر إعلامية يمنية، فإن القصف الأمريكي استهدف معسكرات لجماعة الحوثي في صنعاء، مثل معسكر الداخلية والصيانة والتلفزيون ومدرسة الحرس الواقعة شمال صنعاء.
كما قالت وكالة "سبأ" التابعة لجماعة الحوثي إن القصف استهدف حياً سكنياً في منطقة شعوب، في حين قالت وزارة الصحة والبيئة بحكومة الجماعة (غير الشرعية)، إن "القصف أوقع 18 قتيلاً وجريحاً".
قوة ساحقة
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اتهم الحوثيين بأنهم شنوا حملة لا هوادة فيها من القرصنة والعنف والإرهاب، ضد السفن والطائرات والطائرات المُسيّرة الأمريكية وغيرها، مشيراً إلى أن رد سلفه الرئيس جو بايدن سابقاً، كان ضعيفاً ومثيراً للشفقة.
وأضاف، في تدوينة على حسابه بمنصة "تروث سوشال"، أن "آخر سفينة حربية أمريكية مرت عبر البحر الأحمر، قبل أربعة أشهر، تعرضت لهجوم من الحوثيين أكثر من اثنتي عشرة مرة".
ترامب قال إن "هجمات الحوثيين الممولين من إيران كلفت الاقتصاد الأمريكي والعالمي مليارات الدولارات"، متعهداً بعدم السماح بالهجوم الحوثي على السفن الأمريكية، مؤكداً أن واشنطن ستستخدم "قوة قاتلة ساحقة" حتى تحقيق هدفها بالكامل.
وخاطب ترامب الحوثيين قائلاً: "إلى جميع الإرهابيين الحوثيين: وقتكم قد انتهى، ويجب أن تتوقف هجماتكم بدءاً من اليوم، وإذا لم تفعلوا، فسينهال عليكم الجحيم كما لم تروا من قبل!".
كما طالب الرئيس الأمريكي إيران بوقف دعم الحوثيين، معتبراً ذلك تهديداً للشعب الأمريكي، مؤكداً أنه حصل على واحد من أكبر التفويضات في تاريخ الرئاسة، متعهداً بمحاسبة إيران في حال استمرت الهجمات.
وتشير المعطيات المتداولة إلى أن العمليات ضد الحوثيين هذه المرة ستستمر، ولها أهداف واضحة تتجاوز حالة الدفاع عن النفس، كما كان يحدث طيلة العام المنصرم.
وقال وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، في هذا الصدد إن "ترامب وجه اليوم رسالة قوية وواضحة إلى الإرهابيين الحوثيين في اليمن المدعومين من إيران".
وأضاف: "يجب أن تتوقف الهجمات على السفن الأمريكية والشحن العالمي، وسنواصل حماية شعبنا وحرية الملاحة"·
ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن الضربات على اليمن نفذتها طائرات مقاتلة من حاملة الطائرات "هاري إس. ترومان" الموجودة في شمال البحر الأحمر، كما شارك فيها طائرات هجومية وطائرات بدون طيار مسلحة أطلقت من قواعد عسكرية في المنطقة.
وقال مسؤول دفاعي أمريكي لشبكة "سي إن إن" إنه من المتوقع اتخاذ المزيد من الإجراءات ضد الحوثيين خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
تحجيم نفوذ إيران
وبالنظر لتصريحات الرئيس ترامب والمسؤولين الأمريكيين، فإن الهدف من العمليات ضد الحوثيين توجيه رسائل حاسمة لإيران، إلى جانب هدف الحد من قدرات الجماعة اليمنية المتمردة.
ونقل موقع "أكسيوس" عن مسؤول أمريكي قوله إن الهجوم على اليمن ليس حدثاً عابراً بل بداية هجمات متواصلة ضد الحوثيين تستمر أياماً أو أسابيع.
وأشار إلى أن الضربات الأمريكية للحوثيين في اليمن هي بمنزلة انطلاقة ضد الحوثيين ورسالة قوية لإيران.
ويرى الخبير العسكري اليمني، الدكتور علي الذهب، أن العمليات الأمريكية ضد الحوثيين حالياً ربما ليست مقدمة لحرب قريبة، أو لعله من المبكر الجزم بذلك.
وأضاف الذهب ، أن "العمليات الجديدة هي شكل مختلف من العنف الرادع، رداً على تهديدات الحوثيين".
وأشار إلى أن "القصف الأمريكي يحمل إشارة للحوثيين بأن القادم سيكون أكبر مما يتوقعون، وأن هجماتهم وتهديداتهم لن تمر كما مرت خلال السنة الأخيرة من ولاية الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن".
كما استطرد الذهب قائلاً: "دائماً عندما تنشب حرب تكون لها مقدمات فاعلة ومؤثرة في قدرة الخصم، والحوثيون حتى اللحظة الراهنة لا يزالون يتمتعون بقوة، ولم تستطع الهجمات الأمريكية والبريطانية أن تنال من قدراتهم".
وأشار إلى أن "العقوبات الاقتصادية حتى اللحظة لم تؤت ثمارها أيضاً، ومن ثم فالجماعة لا تزال تملك القوة والقدرة على التحرك".
وأضاف: "كما أن أي عمل عسكري يحتاج لتمهيد ناري استراتيجي، وما حدث مؤخراً هو أقل مستوى في هذا التمهيد الناري".
ولفت الذهب إلى أن "الأمر مرتبط بمفاوضات غزة، لأن الهجوم على صنعاء وعلى صعدة ومناطق أخرى، يأتي بالتزامن مع هجمات إسرائيلية على غزة، وإلى جانب ذلك التلويح باستخدام القوة ضد إيران".
كما أضاف: "لكن لا نزال في إطار سياسة العصا والجزرة الأمريكية، يتم الاستعراض بها أمام إيران وأقوى أذرعها في المنطقة حالياً وهم الحوثيون".
وبينما أشار إلى أنه من الممكن أن يكون هناك عمل بري جزئي في الساحل الغربي، لفت إلى أنه من المبكر إطلاق توقع واضح بهذا الشأن، موضحاً أن الأمر سيتضح أكثر بعد زيارة ترامب إلى المنطقة.