
جرائم الابتزاز الإلكتروني للفتيات خطر اجتماعي يتزايد مع استمرار الحرب
ما إن تنتهي التداولات والحديث عن فتاة سقطت ضحية جرائم الابتزاز الإلكتروني، حتى تظهر ضحية أخرى تقع في مستنقع هذا الخطر الأخلاقي المتنامي والمدمّر، الذي وسّعته ظروف الحرب المستمرة لأكثر من عقد، وساهم في انتشاره وسائل التواصل الاجتماعي.
آخر هذه الجرائم الأخلاقية شهدتها محافظة الحديدة مؤخراً، حيث أقدمت فتاة قاصرة تدعى (ف.إ.غ) وتبلغ من العمر 17 عاماً على الانتحار يوم الثلاثاء 23 سبتمبر بعد وقوعها فريسة للابتزاز، في واقعة ظلّت تفاصيلها غامضة حتى تسربت رسالة نُسبت إليها عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وبحسب ما تداوله ناشطون محليون، فقد وقعت الحادثة في منطقة "الهارونية" بمديرية المنيرة (شمال الحديدة)، حيث كانت الضحية – وهي عزباء ومتطوعة في التدريس بإحدى المدارس – قد كتبت وصيتها قبل أن تُقدم على شنق نفسها، إثر تعرضها لابتزاز من أحد الأشخاص،
يُشير البعض إلى أنه على ارتباط بميليشيا الحوثي ويحظى بحماية بعض النافذين، الأمر الذي مكّنه من استغلال النساء في المنطقة.
ووفق ما نُشر على وسائل التواصل من صورة لوصية الضحية فقد قالت:"أبي الغالي سامحني، رضاك هو لي كل الدنيا والآخرة. حبيبي يا أبي، أنا ما عندي طاقة تحمُّل. دخلتُ في طريق لا نهاية له إلا بالموت، هو الحل الوحيد الذي بقي لي. مش متحمّلة نظرات أخي ولا تنهيدات أمي. الدنيا ضاقت بي. الدنيا ورّطتني مع هذا الإنسان،
لكن أقسم بالله العظيم ما هانت كرامتي وشرفي. كان قصدي لما أخذت وأعطيت معه أني قلت مع الوقت أخليه يسجّل أحمد ويحصل متر (دراجة) وجلبى (قارب صيد)، بس محدّش شيصدّقني بعد اللي سواه هذا المجرم بسبب نشر كلامه الملعون. أخرجوا لي حقي منه. هذه وصيتي لكم، وخلو العباد ترتاح من ضرّه".
وأضافت في الصفحة الأخرى: "سامحوني وادعوا لي. أنا داري أنها ستكون كارثة عليكم، لكن بإذن الله مع الأيام والسنين تمرّ وتنسوني إن شاء الله. ربي يعصم قلوبكم. والآن عبد الجواد يسيبه مني ويفتح عُسره ويمشي ويعيش حياته مثلما نفسه تشتيه.
لو كان قدري السعادة كنتُ أعيشها من زمان، بس كنه ذا قدري. النهاية هنا. أنا حبيت عبده وأخلصت قلبي له وأحميت نفسي سنين، بس بعد ما عاد قلبي يحتمل. في أمان الله أمي وأبي وأخي. ادعوا لي بالمغفرة".
أثارت الحادثة غضباً واسعاً في مديرية المنيرة والأوساط الشعبية، حيث شهدت المديرية أمس السبت وقفة احتجاجية طالبت بفتح تحقيق عاجل ومحاسبة المتهم، الذي يُقال إنه محتجز في أحد المراكز الأمنية، وكل من يقف وراء هذه الممارسات غير الأخلاقية المنتشرة في مختلف محافظات البلاد.
وتتكرر حوادث الابتزاز الإلكتروني وتنتهي غالباً بشكل مأساوي إذ تلجأ الفتيات والنساء الضحايا إلى إنهاء حياتهن أو الدخول في موجة اكتئاب وأمراض نفسية والتعرض لعنف أسري، في ظل جهل المجتمع بطريقة التعامل مع مثل هذه القضايا الجديدة التي جاءت مع انتشار وسائل التواصل وغياب الدور التوعوي للفتيات والأهالي في تجنب مخاطر الإبتزاز، بالإضافة إلى غياب القوانين الرادعة لمعاقبة مرتكبي مثل هذه الأفعال وإحجام ا لمواطنين عن الإبلاغ تحت دواعي العار والتقاليد الاجتماعية.