
ماجدة الرومي توقظ العاصمة من كبوتها وتشعل الأجواء طرباً
«أصدقائي جميعاً، يسعدني ويُسعد الفرقة اللبنانية الموسيقية بقيادة المايسترو لبنان بعلبكي أن نحيّيكم بكل الحب والخير الذي في داخلنا. إنها ليلة بيروتية سعيدة نحتفل فيها بالحياة». بهذه الكلمات افتتحت الفنانة ماجدة الرومي حفلها في مهرجانات «أعياد بيروت».
وعلى الواجهة البحرية للعاصمة، احتشد الآلاف من محبّيها وشاركوها أول أمسية فنية تُقيمها في العاصمة بعد طول غياب، فكانت ليلة افتتاح المهرجانات التي ستتوالى على إحيائها أسماء فنية عدة.
وبدت ماجدة الرومي في زيٍّ بالأبيض والأسود، متحمسة وسعيدة بالوقوف على خشبة مهرجانات تُشكّل موعداً فنياً ينتظره اللبنانيون سنوياً. وقد حضر الحفل شخصيات سياسية وفنية وإعلامية، في مقدّمها السيدة اللبنانية الأولى نعمت عون، ورئيس الوزراء نواف سلام، وسلفه نجيب ميقاتي.
وقبل صعود ماجدة الرومي إلى المسرح، قدّمت الفرقة الموسيقية لحناً مؤثراً شكّل تحية تكريمية لوالديها الراحلين، ماري لطفي وحليم الرومي. وترافق ذلك مع عرض دعوة زفافهما على شاشة عملاقة في منتصف المسرح، وقد أُقيم في 17 يوليو (تموز) 1949، في إحدى كنائس مدينة بورسعيد المصرية.
ثم بدأت ماجدة الرومي أداء مجموعة من أغنياتها، وسط انسجام واضح بينها وبين المايسترو لبنان بعلبكي، حيث شكّلا ثنائياً متناغماً أضفى على الحفل طابعاً مميزاً. وتخلَّلت بعض اللحظات مشاهد تمثيلية بسيطة أضفت على العرض حيوية وعفوية، كسرت الصورة النمطية للمايسترو الجاد والفنانة الرسمية، وأدخلت أجواءً أقرب إلى المسرح التفاعلي.
وبادرت الرومي، في الدقائق الأولى من الحفل، إلى الاعتراف بأنها خائفة، فتوجّهت إلى الجمهور قائلة: «سأبقى واقفة هنا متكئة على آلة البيانو، لأني أرتجف من رهبة هذه الوقفة. سأتحسّن بعد قليل، من دون شك، أليس كذلك؟».
ولم تتوانَ، في كل مرة قدّم فيها أحد العازفين في الفرقة وصلة «سولو» على آلته، عن التقدّم منه وتهنئته على إبداعه.
وبدت ماجدة الرومي في بداية هذا اللقاء قلقة، وهو ما انعكس على أدائها، ثم انطلقت في أداء مجموعة أخرى من أغنياتها الرومانسية.
ومنذ بداية الحفل حتى نهايته، وزّعت ماجدة الرومي الأغنيات التي قدّمتها باقات ورد، فنثرتها على جمهور متعطش لسماع الفن الأصيل، وذكّرته بأعمال تعود ألحانها إلى الراحل إحسان المنذر، وبأخرى من كلمات جوزيف حرب ونزار قباني، وواحدة من كلماتها وألحان طارق أبو جودة بعنوان «على قلبي ملك».
تماهى الحضور مع أداء ماجدة الرومي طيلة السهرة، وبلغ ذروة حماسه خلال أدائها أغنية «ما حدا بعبّي مطرحك بقلبي»، فوقف يصفّق، وتركت له الرومي أكثر من مرة مساحة ليردّد كلماتها، فاشتعلت الأجواء طرباً وفرحاً، وأيقظت بيروت من كبوة طويلة شهدتها في أيام ماضية.
ولوّنت ماجدة الرومي سهرتها باسكتشات قصيرة حبكتها مباشرة على الخشبة، ما زوّد الحفل بنكهة مختلفة لم يسبق أن اعتمدتها في حفلات سابقة.وقبل أن تغني «بترحلك مشوار» للراحل وديع الصافي، تمتمت عبر الميكروفون قائلة: «أنا ما خصّني، هني علِقوا ببعضن»،
مشيرة إلى حالة القطيعة التي سادت علاقة أبطال أغنية الصافي، عندما كان يجيب حبيبته بكلمة «يا ريت» في كل مرة سألته «بترحلك مشوار؟».
وما إن عزفت الفرقة الموسيقية لحن أغنيتها الشهيرة «كلمات»، حتى هاج الحضور وماج حماساً. وأجرت بعدها وقفة توجهت فيها بالشكر إلى كل من كتب عنها كلمة حلوة منذ بداياتها حتى اليوم،
وعلّقت قائلة: «أنا ماجدة الرومي، أشكر كل من توجّه إليّ بنقدٍ بنّاء أو آخر لاذع. لأني من الحلو والمُرّ، ومن الدمعة والبسمة، تعلّمت كيف أكون إنسانة. لقد كان عليّ، خلال هذا المشوار الطويل في المهنة، أن أحقّق أمراً ما لأختصره برسالة.
فركعت وعاهدت ربّ العالمين أن أكون رسالة حبّ لسيادة لبنان، وشعبه، وجيشه، وعروبته».
وكانت هذه الكلمات مقدّمة لأداء أغنية «يا بيروت»، مسك ختام السهرة. وعلى خلفية صور لأماكن سياحية في لبنان، من بينها صخرة الروشة، أنشدتها، فكانت مشهدية غرافيكية احتل فيها العلم اللبناني مساحة كبيرة.
وفي النهاية، حملت علم لبنان، وانحنت أمام الحضور في تحيّة تكريمية للوطن.
وتُكمل «مهرجانات أعياد بيروت» روزنامتها الفنية للحفلات حتى 28 يوليو (تموز) الحالي، وتستضيف فرقة «God Save The Queen» في العاشر منه.وفي 15 و22 و24 و25 و28 يوليو، يتوالى على إحياء الحفلات كل من فرقة «أدونيس»، والشامي، وجوزيف عطية، وآدم، وغي مانوكيان،
ليكون مسك الختام مع الفنانة إليسا. والمهرجانات من تنظيم «ستار سيستم»، و«تويو توسي»، و«غات».