
مظلوم عبدي في دمشق.. فرصة أخيرة لتجنّب الصدام العسكري
الرأي الثالث - وكالات
وصل إلى دمشق، مساء اليوم الثلاثاء، قائد "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) مظلوم عبدي، للتباحث مع الإدارة السورية الجديدة حول تنفيذ اتفاق المبادئ الذي وقعه في مارس/ آذار الفائت مع الرئيس السوري أحمد الشرع، والذي نص على دمج هذه القوات في المنظومة العسكرية السورية الجديدة.
وذكرت مصادر مطلعة في مدينة القامشلي ، أن عبدي يرأس وفدًا يضم شخصيات من "قسد" ومن مجلس سورية الديمقراطي (مسد)، الجناح السياسي لهذه القوات ذات الصبغة الكردية لجهتي القيادة والتوجيه.
وأوضحت المصادر أن الزيارة جاءت بدفع من التحالف الدولي ضد الإرهاب، الداعم الرئيسي لهذه القوات، مشيرة إلى أن العراقيل التي تقف حائلًا دون تنفيذ اتفاق مارس، الذي وُصف بـ"التاريخي" في حينه، تتصدر أجندة النقاش بين الجانبين.
ونص الاتفاق المذكور على "دمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سورية ضمن إدارة الدولة السورية، بما فيها المعابر الحدودية والمطارات وحقول النفط والغاز".
كما تضمن العديد من المبادئ التي كان الهدف منها تجنّب مواجهة بدت حتمية بعد سقوط نظام الأسد في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول من العام الفائت.
وتدفع الولايات المتحدة الأميركية، التي تقود التحالف الدولي، نحو تفاهم بين قوات "قسد" ودمشق، التي تبدو حريصة على حل ملف الشمال الشرقي من سورية، الواقع تحت سيطرة "قسد" منذ عدة سنوات، سلميًا.
وتعتقد المصادر أن مباحثات عبدي في دمشق مع الرئيس الشرع "ربما تشكل الفرصة الأخيرة لحل العديد من الملفات العالقة"، مشيرة إلى أن التطورات الإقليمية الأخيرة "قد تدفع هذه القوات إلى التخلي عن مطالب تراها دمشق غير واقعية وغير قابلة للتطبيق".
وربطت قيادة "قسد" مصير هذه القوات مع القضية الكردية في البلاد، في محاولة واضحة للحصول على مكاسب سياسية وعسكرية، بينما ترى دمشق أن ملف هذه القوات منفصل تمامًا عن الملف الكردي.
وكانت القوى السياسية الكردية قد اجتمعت في إبريل/ نيسان الفائت بحضور عبدي واعتمدت وثيقة سياسية، لم تلق أي قبول من الإدارة السورية الجديدة.
وتطالب هذه القوى بـ"اللامركزية السياسية" و"الاعتراف بالمناطق الكردية كوحدة سياسية وإدارية موحدة داخل سورية اتحادية"، فضلًا عن مطالب ثقافية ولغوية أخرى.
من جانبها، أعلنت الرئاسة السورية رفضها أي محاولات "لفرض واقع تقسيمي أو إنشاء كيانات منفصلة بمسميات الفيدرالية أو الإدارة الذاتية دون توافق وطني شامل"،
مؤكدة في بيان أن حقوق الأكراد محفوظة "في إطار الدولة السورية الواحدة، على قاعدة المواطنة الكاملة والمساواة أمام القانون، دون الحاجة لأي تدخل خارجي أو وصاية أجنبية".
وتأتي الزيارة في ظل تحولات كبيرة في السياسة الأميركية إزاء الملف السوري، إذ تدفع واشنطن باتجاه تسليم ملف محاربة الإرهاب إلى الحكومة السورية الجديدة، ما يعني تلاشي الدور الذي لعبته قوات "قسد" منذ إنشائها في عام 2015.
ومن المتوقع عقد اجتماع في أربيل، عاصمة إقليم كردستان، بين توم باراك المبعوث الأميركي الخاص إلى سورية، وعبدي، الذي ما يزال يرفض حل قواته ودمج عناصرها أفرادًا في الجيش السوري الجديد،
ويصر على بقائها الجهة المسيطرة على جانب من شمال شرق سورية، وهو ما ترفضه دمشق رفضًا كاملًا. ومن المتوقع أن يحث المسؤول الأميركي عبدي على إبداء مرونة والمضي قدمًا في تنفيذ مضامين الاتفاق المذكور.
وتسيطر قوات "قسد"، التي تشكل وحدات "حماية الشعب" الكردية ثقلها الرئيسي، على معظم مناطق الشمال الشرقي من سورية الغنية بالثروات.
وبحسب مصادر مطلعة في شمال شرق سورية، يريد الجانب الكردي الاحتفاظ بمحافظة الحسكة في أقصى الشمال الشرقي ومنطقة عين العرب/ كوباني في ريف حلب،
مقابل تسليم ما يسيطر عليه من محافظتي الرقة ودير الزور للإدارة السورية الجديدة، التي ما تزال عند موقفها الرافض لأي شروط قد تؤسس لتقسيم محتمل للبلاد على أسس عرقية أو طائفية.