
الصيام في رمضان.. رحلة تطهير للجسم وتحسين الصحة والمزاج
يعد شهر رمضان من أكثر الشهور اختلافاً على جسم الإنسان، خاصة أنه يتوقف عن الطعام والشراب خلاله قرابة 15 ساعة يومياً، وهو ما ينعكس إيجابياً على الجسم، ويساهم في طرد السموم، وإحداث بعض التغييرات فيه.
ويمر جسم الإنسان خلال بداية الصيام في عملية منتظمة لتحطيم الجليكوجين، وتخزين الغلوكوز كوقود، وعادة ما يذهب 25% من هذا الوقود مباشرة إلى الدماغ، في حين يدعم الباقي خلايا الدم الحمراء والعضلات.
وبعد 5 - 6 ساعات من الاعتماد على مستويات السكر في الدم، سيصل الصائم إلى مرحلة "فرط كيتون الجسم"، وهي حالة من التمثيل الغذائي، يتم خلالها دعم مستويات الطاقة الخاصة لديه عن طريق أجسام الكيتون في الدم الناتجة عن حرق الدهون في الجسم، وهذه هي اللحظة التي يبدأ فيها الصيام الفعلي، ولذلك يلجأ الكثيرون للصيام من أجل فقدان الوزن.
وخلال الصيام، تحدث بعض التغيرات الطفيفة في نسبة بعض الأملاح بجسم الإنسان، وذلك يكون في الأيام الأولى من الشهر، ثم يعود إلى ما كان عليه قبل رمضان، وفقاً لخبراء التغذية.
ويرى خبراء تغذية أن الجسم يبدأ من اليوم الثالث إلى السابع بالتعود؛ لتتفكك الدهون وتتحول إلى سكر في الدم، ويدخل الصائم المرحلة الثالثة من الصيام والممتدة من اليوم الثامن لغاية اليوم الخامس عشر، حيث تبدأ الحالة الذهنية بالتحسن لأن الجسم تكيف بنسبة كبيرة مع الصيام.
وتبدأ المرحلة الأخيرة من الصيام من اليوم السادس عشر حتى اليوم الثلاثين، والتي يكون فيها الجسم متكيفاً مع الصيام بشكل كامل، ليقوم كل من الكبد والقولون والكلى والجلد بالتخلص من السموم، بحسب ما تقول الدراسات التي نقلت عنها مواقع إلكترونية بينها "بي بي سي".
انتظام السكر
وحول ما يحدث لجسم الإنسان في ساعات الصيام، تؤكد خبيرة التغذية ياسمين عثمان، أنه في الأيام الأولى من شهر الصيام يبدأ جسم الإنسان بطرد السموم بشكل كبير، خاصة في الكبد والكلى.
ويبدأ جسم الإنسان خلال الصيام، وفق حديث ياسمين ، بالتخلص أيضاً من الدهون، وانتظام سكر الدم، والتعود على الصيام ساعات طويلة، وتعمل الكلى بشكل طبيعي وسليم.
ولا يشكل الصيام، كما توضح ياسمين، أي خطر على جسم الإنسان، ولا يسبب أي نقص في الفيتامينات خلال نهار رمضان، ولكن مع ضرورة تناول الصائم لوجبة السحور، وشرب كمية كافية من المياه، لتجنب فقدان السوائل خلال النهار.
وتقول خبيرة التغذية: "عند تناول الإفطار يتوجه الدم إلى المعدة، وتبدأ الدورة الدموية تتفاعل مع الجهاز الهضمي، وفي حال كان هناك إفراط في تناول الطعام سيشعر جسم الإنسان بالتخمة، والحاجة إلى النوم".
ويمكن للصائمين تجنب التخمة والشعور بالنعاس من خلال تناول بعض الماء والتمر عند بداية الإفطار، وهذا يعطي جسم الإنسان إشارة للهضم، ويكون بعدها تناول الطعام ببطء، وفق الخبيرة.
تحسن نفسي
يساهم الصيام في تحسين الحياة النفسية للصائمين، حيث تقول مؤسسة حمد الطبية، في دولة قطر: إن "فريضة الصيام التي شرعها الله ذات فوائد نفسية على الفرد لا تحصى، أهمها أنه يحد من بعض الأمراض النفسية كالاكتئاب والقلق والأرق".
وحسب المؤسسة، يحفز الصيام ويولد القدرة على تحمل ضغوط الحياة ومواجهتها، مما يؤدي إلى الاستقرار النفسي.
وتؤكد المؤسسة أن 6% من سكان العالم يعانون الاكتئاب، أي ما يعادل 350 مليون شخص من جميع الفئات العمرية.
وأكدت بعض الدراسات العلمية، حسب المؤسسة، أن الصيام يخفف من حدة أعراض الغضب والقلق والأرق التي قد تظهر على بعض الأشخاص، كما يضبط الحالة الدينية لدى الأفراد، حيث إن أداء العبادات وقيام الليل خلال الشهر المبارك يشعر الصائمين براحة البال، وذلك لأنه يقوي المناعة ضد الضغوط النفسية نتيجة مشاق الحياة وصعوباتها.
وأظهرت دراسات عالمية، كما توضح المؤسسة، الأثر الإيجابي للصيام في علاج الإدمان؛ "لأن الصيام يهذب النفس ويرتقي بها مما يؤثر على طريقة التفكير والتدبر في الأمور، وينعكس ذلك إيجاباً على حياتنا النفسية، كما أن الصيام يعطي الفرد قوة إرادة للتغير نحو الأفضل".