2025.. هل سيكون عام الحرب في اليمن أم إرساء السلام؟
يقف اليمن على مفترق طرق حاسم في عام 2025، حيث تتزايد التكهنات حول مستقبله السياسي والعسكري وسط تصعيد إقليمي ودولي يشمل جماعة الحوثي التي أصبحت محط اهتمام عالمي بسبب تهديداتهم للملاحة الدولية و"إسرائيل"؛ إسناداً لقطاع غزة الذي يواجه حرب إبادة إسرائيلية منذ أكثر من 15 شهراً.
ولا يعلم أحد ما سيشهده العام الجاري 2025 مع بدايته التي رافقها تسارع الأحداث بالمنطقة، وسط حديثٍ عن خيارين سيكون البلد العربي أمام أحدهما، إما حرب مدمرة قد تدخل فيها قوى إقليمية ودولية للقضاء على الحوثي، أو الضغط نحو إرساء السلام في اليمن بالتزامن مع سلام متوقع بالمنطقة.
وتبقى "الجبهة اليمنية" بالنسبة لـ"إسرائيل" هي الحلقة الأخيرة الساخنة ضمن "حزام النار"، وهو ما قد يجعلها محور تركيز إسرائيلي وأمريكي أيضاً خلال عام 2025، في ضوء تهديدات إسرائيلية بتكثيف الهجمات، وربما التدخل المباشر بإسناد أمريكي، وهو ما يخشاه اليمنيون الذين عانوا من ويلات الحرب منذ نحو 10 أعوام.
ترقب كبير
يترقّب اليمنيون العام الجاري بمخاوف كبيرة، خصوصاً مع عودة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وما ستؤول إليه السياسات الأمريكية في ولايته المقبلة تجاه اليمن، وكيفية التعاطي مع أزمته وحربه المستمرتين منذ عقد من الزمن.
وواجهت إدارة جو بايدن الحالية انتقادات كبيرة داخل وخارج الولايات المتحدة الأمريكية؛ بسبب تعاطيها غير الحاسم مع الملف اليمني، خصوصاً بعد إقدام جماعة الحوثي على تحويل البحر الأحمر والممرات المائية المحيطة باليمن إلى ساحة صراع.
وأعلن بايدن في مشروعه الانتخابي، ولاحقاً بعد توليه الرئاسة، أن إنهاء الحرب في اليمن إحدى أهم أولويات السياسات الأمريكية في عهده، وعين مبعوثاً خاصاً إلى اليمن، هو السياسي تيموثي ليندركينغ، إلا أن ولايته الرئاسية انتهت دون تحقيق شيء يذكر.
وعلى نهج سلفه بايدن، يدعي ترامب أنه سينهي الحروب، وإن كانت أدواته تختلف كثيراً عن أدوات الرئيس الحالي الذي فشل في تنفيذ وعوده، غير أن ما سيواجه عهده الجديد ينذر بتعقيدات كثيرة،
وفي اليمن قد تكون هذه التعقيدات أكثر مما يتوقع هو أو غيره، خصوصاً مع تصعيد الحوثيين في البحر الأحمر وضد "إسرائيل"، وتصاعد القصف الأمريكي البريطاني والإسرائيلي مؤخراً على عدة مدن يمنية، وكان آخر قصف استهدف صنعاء في الـ31 من ديسمبر بنهاية عامٍ مثقل بالتطورات المختلفة.
تحركات سياسية نشطة
خلال الأشهر الماضية، تغير الخطاب الدبلوماسي الأمريكي والغربي عموماً تجاه الوضع في اليمن، وبدا كما لو أن واشنطن أدركت أخيراً أن سلطة الحوثي في صنعاء يتجاوز خطرها الأراضي اليمنية وأصبحت خطراً على مصالحها وحلفائها، وفي المقدمة "إسرائيل".
وشهدت العاصمة السعودية الرياض تحركات دبلوماسية مكثفة بإجراء سلسلة لقاءات مع رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، وعدد من القيادات السياسية والعسكرية اليمنية، من جهة، ومع الجانب السعودي من جهة أخرى، تطرقت جميعها إلى الوضع الأمني وتداعيات المشهد الإقليمي على اليمن.
وليس ثمة نقاش غير معلن حول إمكانية إطلاق عمل عسكري واسع ضد جماعة الحوثي، بدعم من الولايات المتحدة وحكومات غربية أخرى تضررت من هجماتها في البحر الأحمر وخليج عدن منذ نحو عام.
وبينما تحتضن الرياض النقاشات الدبلوماسية الدولية المكثفة حول اليمن، لا يزال موقف المملكة المعلن يجنح للسلام ويرفض التصعيد، لا سيما أنها نجحت في فتح مسار التفاوض حول السلام مع الحوثيين منذ أبريل 2022.
معركة مرتقبة
تكشف مصادر خاصة عن نقاشات مستمرة تجري حالياً في الرياض ومدن أخرى حول إرغام الحوثيين على الدخول في اتفاق سلامٍ كامل مع الحكومة اليمنية والسعودية، والمضي نحو تنفيذ خارطة الطريقة الأممية.
وأوضحت المصادر المقربة من الحكومة اليمنية أن النقاشات خلصت إلى أنه في حال لم تتوقف مليشيا الحوثي عن هجماتها في البحر وضد "إسرائيل"، فإن خياراً جديداً مطروحاً لشن عملية عسكرية من قبل قوات يمنية بدعمٍ أمريكي وغربي.
وأضافت: "العمل العسكري سيكون باتجاهين؛ الأول بهجوم يقوده العميد طارق صالح قائد المقاومة الوطنية (قوات موالية للإمارات)، وبمشاركة القوات التهامية وجزء من قوات العمالقة بهدف تحرير مدينة الحديدة".
وأكمل: "أما الاتجاه الثاني فهو مسار معركة تقودها قوات الجيش الوطني التابعة للحكومة من مدينة مأرب، هدفها تحرير العاصمة صنعاء من الحوثيين".
وحاولنا التأكد أكثر من صحة هذه المعلومات، لكن معظم المصادر اعتذرت عن التصريح، واكتفت بالقول إن نقاشات عسكرية وسياسية مستمرة في الرياض.
معقد للغاية
يرى الباحث نجيب السماوي، أن الوضع السياسي في اليمن معقد للغاية ويتأثر بعوامل داخلية وإقليمية ودولية متعددة، مشيراً إلى وجود مؤشرات على رغبة الأطراف الدولية، ومن ضمنها الأمم المتحدة، والدول الإقليمية مثل السعودية وعمان، في الدفع نحو حل سياسي شامل.
لكن حسب السماوي ، إذا تعثرت المفاوضات أو استمر الحوثيون في استخدام قوتهم العسكرية لتعزيز مواقفهم السياسية فقد يؤدي ذلك إلى تصعيد عسكري جديد.
ويضيف: "الغرب، وخاصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، يركز حالياً على دعم جهود السلام والحوار، لكن ذلك لا يعني غياب الخيار العسكري تماماً إذا اعتُبر الحوثيون تهديداً مباشراً للمصالح الإقليمية أو الدولية".
ويشير إلى أن أي تأخير في الحل سيزيد من معاناة المدنيين، وهو ما قد يؤدي إلى تدخلات دولية أكثر شدة لإجبار الأطراف على الجلوس إلى طاولة الحوار، مضيفاً: "كما أن القصف الأخير قد يساهم في زيادة المعاناة وتأثيرها على حياة الناس وتدمير ممتلكاتهم".
وأكمل: "هناك فرصة حقيقية للسلام، لكنها تتطلب تنازلات من جميع الأطراف، وإلا فإن البلد سيذهب إلى ما هو أسوأ خلال الأسابيع والأشهر القادمة".
يوسف حمود - الخليج أونلاين