الشرع يزور أنقرة قريباً ووزير الخارجية الإيطالي في دمشق غداً
الرأي الثالث - وكالات
بعد يوم واحد فقط من إعلان الولايات المتحدة الأميركية تخفيف العقوبات المفروضة على سوريا، والتي سمحت بموجبها بأنواع محددة من التعامل مع الإدارة السورية الجديدة، أعلنت ألمانيا عن مساعٍ لها لاتخاذ إجراء مماثل، بالتوازي مع اجتماع خماسي تحتضنه إيطاليا، اليوم، يضم إلى جانب ألمانيا والبلد المضيف، الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، لمناقشة الأوضاع المستجدّة في سوريا، قبل أن يسافر وزير الخارجية الإيطالي، أنطونيو تاجاني، إلى دمشق، غداً، لاستكمال خطة روما السابقة لوضع حد لتدفق اللاجئين.
وتهدف المساعي التي تقودها ألمانيا، والتي تتوافق مع التوجهات الأميركية المبدئية نحو منح تراخيص محددة مع الإبقاء على العقوبات باعتبارها سلاحاً يمكن استعماله في أي وقت، بمجملها، إلى تقديم دفعة للحكومة السورية المؤقتة المشكّلة من قبل أحمد الشرع، الذي وعد باتخاذ خطوات عديدة لاحقة لإجراء حوار وطني، وتشكيل لجنة مختصة لإعادة صياغة الدستور، وتكليف حكومة «تكنوقراط» خلال ثلاثة أشهر، قبل أن يكتسب مزيداً من الوقت لاتخاذ هذه الإجراءات التي قال إنها قد تستغرق 3 أو 4 سنوات.
وفي هذا الإطار، كشفت صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية، نقلاً عن شخصين مطّلعين، أن مسؤولين ألماناً وزّعوا وثيقتين مقترحتين بين عواصم الاتحاد الأوروبي قبل فترة وجيزة من عيد الميلاد، تحددان اقتراحات بشأن القطاعات الرئيسية التي يمكن فيها تخفيف العقوبات التي يفرضها الاتحاد على سوريا مقابل إحراز تقدّم في القضايا الاجتماعية، بما في ذلك حماية حقوق الأقليات والنساء والالتزام بالتعهدات بمنع انتشار الأسلحة.
وأوضحت أن الاتحاد، مثل واشنطن، قد يجعل أي تخفيف للعقوبات مؤقتاً لضمان إمكانية التراجع عنه إذا لزم الأمر.
وتأتي التحركات الألمانية الجديدة بعد أيام من زيارة أجراها وزيرا خارجية فرنسا، جان نويل بارو، وألمانيا أنالينا بيربوك، إلى سوريا، عقدا خلالها لقاءات مع زعماء دينيين مسيحيين، ومسؤولين سوريين، وعلى رأسهم الشرع.
وفي محاولة لتأكيد الدور الذي تحاول أوروبا لعبه في سوريا، بذريعة حماية الأقليات، أعلن بارو، في تصريح إلى إذاعة «فرانس أنتير»، أمس، أن العقوبات التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على سوريا، وتعيق حالياً تسليم المساعدات الإنسانية وتعافي البلاد، قد تُرفع «في وقت قريب»،
مؤكداً أن «المناقشات جارية مع الشركاء في الاتحاد، بشأن إمكانية رفع عقوبات أخرى في حالة إحراز تقدّم في مجالات، من بينها حقوق المرأة وتحقيق الأمن في سوريا».
وإلى جانب تخفيف القيود الأوروبية الذي من المفترض إقراره، والأميركي الذي تمّ بالفعل، من المنتظر أيضاً أن تقدم بريطانيا على خطوات مماثلة، ضمن سياسة موحّدة تقودها الولايات المتحدة، المنتشية وحلفاؤها بخسارة روسيا في سوريا.
وبالتوازي مع ما تقدّم، عادت إيطاليا إلى تنشيط حراكها السياسي حول سوريا، والذي بدأ مع النظام السوري السابق عبر مبادرة رئيسة وزرائها، جورجيا ميلوني، التي كانت قد أعلنت عودة علاقات بلادها مع دمشق، في تشرين الثاني الماضي، بهدف وضع آلية عمل محددة من شأنها وقف موجات اللجوء نحو أوروبا، وذلك تنفيذاً لاتفاق بين ثماني دول من الاتحاد الأوروبي لم يحظَ بقبول أوروبي شامل، في ظل الموقف الألماني المتشدد حينها.
وفيما تُعد المساعي الإيطالية بخصوص اللاجئين، جزءاً من خطة أوروبية أكبر تشمل دول شمال أفريقيا، وتتضمن تقديم معونات مالية لتحسين البنى التحتية والخدمات وتنشيط الاقتصاد، بالإضافة إلى رفع كفاءة حرس الحدود والقوات البحرية، من المفترض أن تشمل تلك الخطة سوريا أيضاً، وخصوصاً بعد الرفع الجزئي عن العقوبات، وهو ما يحمله تاجاني في زيارته المرتقبة إلى دمشق، حيث سيجري لقاءات مع مسؤولي «الإدارة الجديدة»، وعلى رأسهم الشرع.
في غضون ذلك، استقبل الشرع، وزير الخارجية البحريني، عبد اللطيف الزياني، الذي كانت بلاده من أول البلدان التي سارعت إلى تقديم التهنئة للشرع بسقوط سلطة بشار الأسد.
وعقب لقاء أجراه مع وزير الخارجية في الحكومة السورية المؤقتة، أسعد الشيباني، أعلن الزياني استعداد بلاده لتوسيع آفاق التعاون المشترك مع سوريا في جميع المجالات، داعياً إلى رفع العقوبات الاقتصادية.
ومن جهتها، أعلنت الإمارات وقف الرحلات الجوية مع سوريا، بشكل مؤقت، من دون ذكر سبب هذا القرار، الذي جاء بالتزامن مع الإعلان عن إدراج 19 شخصاً وكياناً، لا يوجد أي سوري بينهم، في قوائم الإرهاب المحلية لارتباطهم بجماعة «الإخوان المسلمين».
وجاءت الخطوة الإماراتية بعد يومين من جولة عربية أجراها وفد سوري برئاسة الشيباني، شملت الإمارات وقطر والأردن، وبعد أقل من أسبوع على إجراءات مشدّدة اتخذتها مصر بحق السوريين الذين منعت دخولهم إلى أراضيها، باستثناء من يملك إقامة.
بدورها، تنتظر تركيا ، زيارة الشرع لأنقرة، في أول زيارة يجريها الرجل الذي يقود سوريا حالياً إلى الخارج.
وذكرت صحيفة «يني شفق التركية»، المقرّبة من حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا، أن الشرع سيعرب عن شكره للرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، على «الدعم التركي للثورة السورية»، فيما سيكون الملف الأبرز على جدول أعمال اللقاء بين الرجلين هو وجود «قوات سوريا الديمقراطية» في سوريا.
وشدّدت الصحيفة على أنه يوجد توافق كبير بين سوريا وتركيا على ضرورة «تطهير المنطقة من الإرهاب»، على حد تعبيرها.