البرلمان اللبناني يعقد الجلسة 13 لانتخاب رئيس وسط تفاؤل حذر
الرأي الثالث - وكالات
يستعدّ البرلمان اللبناني، اليوم الخميس، لانتخاب رئيس للجمهورية خلفاً للرئيس ميشال عون بعد شغور استمرّ منذ 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، وذلك على وقع حراك سعودي أميركي فرنسي مكثف لخروج الدخان الأبيض من قبّة البرلمان مع دعم بارز لقائد الجيش العماد جوزاف عون صاحب الحظ الأكبر، خاصة بعد إعلان قوى المعارضة دعم ترشيحه.
وفشل البرلمان اللبناني 12 مرة بانتخاب رئيس للجمهورية، وآخرها في الجلسة التي عقدت في يونيو/ حزيران 2023، في ظلّ الخلاف السياسي الحاد وغياب التوافق وعدم تحقيق أي من المرشحين النصاب المطلوب للفوز من الدورة الأولى، أي 86 صوتاً من أصل مجموع 128، وفقدان نصاب انعقاد الدورة الثانية الذي يبلغ أيضاً 86 صوتاً، علماً أن نصاب الفوز فيها وفي الدورات المتتالية يصبح 65.
وضمن عون حتى الساعة أكثر من 75 صوتاً من دون أن يتمكّن بعد من بلوغ عتبة نصاب الـ86 المطلوب لفوزه من الدورة الأولى، وتفادي الطعن بانتخابه أمام المجلس الدستوري، في ظلّ معارضة التيار الوطني الحر برئاسة النائب جبران باسيل له وعدد من النواب المستقلين والتغييريين، وضبابية موقف الثنائي حركة أمل وحزب الله الذي سرّبت أوساطه العديد من السيناريوهات لجلسة اليوم ضمنها اللجوء إلى الورقة البيضاء ودعم ترشيح قائد الجيش في ظل التوافق السياسي حوله.
وبحسب المادة 49 من الدستور اللبناني، فإنه "لا يجوز انتخاب القضاة وموظفي الفئة الأولى وما يعادلها في جميع الإدارات العامة والمؤسسات العامة وسائر الأشخاص المعنويين في القانون العام مدة قيامهم بوظيفتهم وخلال السنتين اللتين تليان تاريخ استقالتهم وانقطاعهم فعلياً عن وظيفتهم أو تاريخ إحالتهم على التقاعد".
ويعني ذلك وجود إشكاليات دستورية تحول دون انتخاب عون، بيد أنّ التجربة اللبنانية كرّست التصويت الضمني على تعديل الدستور، على غرار ما حصل إبان انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان عام 2008، وذلك في حال حيازة قائد الجيش على 86 صوتاً من أصل مجموع 128، ما يقفل الباب على الطعن أمام المجلس الدستوري.
احتمالات مفتوحة قبيل جلسة البرلمان اللبناني
وتبقى جميع الاحتمالات مفتوحة لجلسة البرلمان اللبناني اليوم التي يحضرها الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، بما في ذلك إمكان بروز عراقيل في الربع ساعة الأخير رغم "الفوز" المبدئي لعون،
وذلك باعتبار أن القوى المعارضة وإن التقت على دعمها ترشيح الأخير بيد أنّ بعض النواب في صفوفها ولا سيما من حزب القوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع، يتمسّكون بنيل عون أكثرية الثلثين لإسقاط الحاجة إلى تعديل دستوري، ويكثفون مشاوراتهم لضمان الوصول إلى هذا النصاب.
ويتصدّر الحذر المشهد الانتخابي اليوم خصوصاً أنّ المفاجآت تبقى في الحسبان، نظراً لتبدّل المواقف والآراء والمعادلات بشكل سريع، منها تخلّي باسيل عن المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري بعدما كان داعماً له ويتقاطع عليه مع الثنائي،
كما تراجع حزب القوات اللبنانية عن شروطه وضمنها قبول من سمّاه فريق الممانعة بترشيح عون "لإعادة النظر" بتسميته، قبل أن ينضم مساء أمس إلى النواب المعارضين بدعم قائد الجيش بمجموع 31 نائباً.
وبرزت أمس الأربعاء مشهدية جديدة تجعل من جلسة اليوم مختلفة عن سابقاتها الـ12، ولا سيما لناحية التوافق الواسع على انتخاب عون من جانب قوى المعارضة وعدد من التغييريين والمستقلين والنواب السّنة، وكذلك بعض من يدورون في فلك محور حزب الله – حركة أمل، يتقدّمهم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، مرشح الثنائي، الذي انسحب أمس من السباق الانتخابي معلناً دعم ترشيح عون.
ومن التطورات المهمة أيضاً التي برزت أمس خصوصاً في ساعات بعد الظهر وبدّلت الوقائع إعلان النائب أيوب حميد، بعد اجتماع كتلة بري البرلمانية (التنمية والتحرير) التلاقي مع حزب الله على موقف موحّد في الجلسة، مركزاً على أهمية التوافق من دون أن يتطرق إلى مسألة التعديل الدستوري، ما يترك الباب مفتوحاً أمام احتمال انتخاب عون وعدم عرقلة الانتخاب على أن يحسم المسار صباحاً أو داخل الجلسة،
علماً أنّ بري معروفٌ بـ"حنكته الدستورية" وقدرته على ترك الكرة في ملعبه، ما يبقي الباب مفتوحاً في أي لحظة على إثارته جدلاً دستورياً من شأنه أن يعطل الانتخاب.
وخرجت تسريبات إعلامية وسياسية أمس تفيد بأن ضغطاً كبيراً مورس على الكتل البرلمانية والقوى الفاعلة بالتزامن مع حراك الموفدين السعودي الأمير يزيد بن فرحان، والفرنسي جان إيف لودريان، وقبلهما الأميركي عاموس هوكشتاين في بيروت لإتمام الاستحقاق، لبدء "تدفق المساعدات"، والتلاقي حول مرشح قادر على الفوز، مع الحث على التصويت لقائد الجيش نظراً لدوره في المرحلة المقبلة التي تتطلب استقراراً أمنياً وإعادة الإعمار والحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار وتطبيق القرار 1701، شالأمر الذي لم ينفه العديد من النواب الذين التقوا الدبلوماسيين ولمّحوا إلى رسائل عدة تلقوها بضرورة إنجاح الجلسة.
في السياق، يقول مصدرٌ مقرّب من حزب الله ، إنّ "موقف الحزب وحركة أمل سيكون موحّداً في الجلسة، والثنائي منفتح على المشاورات وقد التقى الموفد الفرنسي، لكنه يرفض التدخلات الفاضحة بالاستحقاق الرئاسي، والضغط الدولي الذي يمارس على القوى السياسية ويصل إلى حد التحذير والتهديد"، مشيراً إلى أنّ "الكثير من الكلام يخرج حول موقف الثنائي، لكن الأكيد أنه لا يضع فيتو على قائد الجيش".