
محادثات أميركية أوكرانية في جدة.. وترامب يرفع سقف مطالبه
الرأي الثالث - وكالات
يزور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الاثنين، السعودية، إذ وصل إلى مدينة جدة، وينتظر أن يلتقي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان،
كما وصل بعده بوقت قصير وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، عشية اجتماع يعقده وفدان من البلدين حول الحرب في أوكرانيا المستمرة منذ ثلاث سنوات.
وقال روبيو إثر وصوله إنه متفائل بشأن "حل" مسألة تعليق المساعدات الأميركية لأوكرانيا خلال محادثات جدة. ورأى أن الاقتراح الأوكراني بوقف إطلاق نار جزئي في الحرب مع روسيا هو أمر واعد.
وصرح للصحافيين: "لا أقول إن هذا الأمر وحده يكفي، لكنه نوع من تنازل ضروري بهدف وضع حد للنزاع".
ومن المتوقع أن تقترح كييف خلال الاجتماع الذي يعقد الثلاثاء هدنة مع روسيا في الجو والبحر، وفق ما أفاد مسؤول أوكراني "فرانس برس" الاثنين.
وقال المسؤول الذي طلب عدم كشف اسمه: "لدينا اقتراح لوقف إطلاق النار في الجو ووقف إطلاق النار في البحر، لأن هذان هما خياران لوقف إطلاق النار يسهل تطبيقهما ومراقبتهما، ومن الممكن البدء بهما".
وأكد زيلينسكي، الاثنين، أن "أوكرانيا تسعى إلى السلام منذ اللحظة الأولى لاندلاع الحرب"، مضيفاً "لقد قلنا دائماً إن روسيا هي السبب الوحيد لاستمرار الحرب".
وأوضح المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف أن المحادثات المقرر إجراؤها الثلاثاء في جدة ستساهم في "تحديد إطار لاتفاق سلام ووقف إطلاق نار أولي" بين روسيا وأوكرانيا.
من جانبه، اكتفى زيلينسكي بالقول: "نأمل أن نناقش ونتفق على القرارات والخطوات اللازمة" من دون مزيد من التفصيل.
زيلينسكي يلتقي بن سلمان اليوم
ومن المقرر أن يلتقي زيلينسكي بالأمير محمد بن سلمان، الذي قاد السعودية إلى الانخراط في أدوار وساطة منذ غزو روسيا أوكرانيا في 2022، شملت التوسط في تبادل أسرى، واستضافة محادثات بين موسكو وواشنطن الشهر الماضي.
وتحت ضغط هائل من ترامب الذي يريد إنهاء الحرب بسرعة، يبذل زيلينسكي جهداً هائلاً لإظهار التوافق، رغم عدم حصوله على ضمانات أمنية أميركية تعتبرها كييف أساسية لأي اتفاق سلام.
وقال زيلينسكي إنه لن يحضر المحادثات مع المسؤولين الأميركيين، وإن الوفد الأوكراني سيضم رئيس الأركان ووزيري الخارجية والدفاع ومسؤولاً عسكرياً كبيراً من مؤسسة الرئاسة.
وكتب زيلينسكي في منشور على منصة إكس للتواصل الاجتماعي: "نحن ملتزمون تماماً بالحوار البناء، ونأمل مناقشة القرارات والخطوات اللازمة والاتفاق عليها".
وأضاف: "هناك مقترحات واقعية مطروحة. والمهم هنا هو التحرك بسرعة وفعالية".
وذكر ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص لترامب الذي يعمل على الترتيب للمحادثات، إن الفكرة هي "التوصل إلى إطار عمل لاتفاقية سلام فضلاً عن وقف مبدئي لإطلاق النار".
ويقول الرئيس الأوكراني أيضاً إن كييف مستعدة لتوقيع اتفاقية المعادن مع الولايات المتحدة التي تتضمن إنشاء صندوق مشترك من عائدات بيع المعادن الأوكرانية، وهو أمر تقول واشنطن إنه ضروري لضمان استمرار الدعم الأميركي.
وتسيطر روسيا على حوالي خمس أراضي أوكرانيا، بما في ذلك شبه جزيرة القرم التي ضمتها في عام 2014، كما تواصل قواتها التقدم بمنطقة دونيتسك في الشرق، بعد تكثيف الضربات بالطائرات المسيرة والصواريخ على المدن والبلدات البعيدة عن الجبهة.
في غضون ذلك، أعلنت متحدثة باسم داونينغ ستريت، الاثنين، أن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر تشاور هاتفياً مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قبل بدء المحادثات في السعودية، وأبدى أمله بـ"نتيجة إيجابية" تتيح استئناف المساعدة العسكرية الأميركية.
وقالت المتحدثة في بيان: "أعلن رئيس الوزراء أنه يأمل أن تؤدي المفاوضات إلى نتيجة ايجابية تتيح استئناف المساعدة الأميركية، وكذلك تبادل المعلومات الاستخباراتية".
وبينما يستعد المسؤولون الأميركيون والأوكرانيون للاجتماع، أوضح الرئيس دونالد ترامب بشكل خاص لمساعديه أن صفقة المعادن التي تعتزم واشنطن وكييف توقيعها لن تكون كافية لاستئناف المساعدات وتبادل المعلومات الاستخبارية مع الدولة التي مزقتها الحرب، وفقاً لمسؤول في الإدارة ومسؤول أميركي آخر تحدث لشبكة "أن بي سي".
ومن المتوقع أن تركز المحادثات بين أوكرانيا والولايات المتحدة، غداً الثلاثاء، على اتفاقية المعادن بين البلدين، وسبل إنهاء الحرب، وذلك في أول اجتماع رسمي منذ لقاء في البيت الأبيض شهد مناوشات كلامية بين زيلينسكي وترامب.
ويريد الرئيس الأميركي توقيع الاتفاق الذي من شأنه أن يمنح الولايات المتحدة حصة في الموارد المعدنية في أوكرانيا، لكنه يريد أيضاً أن يرى تغييراً في موقف الرئيس الأوكراني تجاه محادثات السلام، وفقاً للمسؤولين الذين تحدثوا للشبكة الأميركية، بما في ذلك الاستعداد لتقديم تنازلات، مثل التنازل عن الأراضي لروسيا.
وقال المسؤولون إن ترامب يريد أيضاً من زيلينسكي أن يتخذ بعض الخطوات نحو إجراء انتخابات في أوكرانيا وربما نحو التنحي عن منصبه زعيماً لبلاده.
وأوضح المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، براين هيوز، عندما سئل عن متطلبات ترامب: "كما أظهر الرئيس ترامب من خلال قراءة رسالة الرئيس زيلينسكي في الجلسة المشتركة، فإن الأوكرانيين أحرزوا تقدماً إيجابياً.
ومع الاجتماعات في السعودية الأسبوع المقبل، نتطلع إلى سماع المزيد من التحركات الإيجابية التي نأمل أن تنهي في نهاية المطاف هذه الحرب الوحشية وإراقة الدماء".
وصعّدت روسيا هجماتها على أوكرانيا، في أعقاب توقّف الولايات المتحدة عن تبادل المعدات والمعلومات الاستخبارية هذا الأسبوع، ما جعل يوم الجمعة واحداً من أكثر الأيام دموية بالنسبة للمدنيين هذا العام، وفقاً لبعثة الأمم المتحدة لمراقبة حقوق الإنسان في أوكرانيا.
وقعت معظم الخسائر في منطقة دونيتسك في الأراضي التي تسيطر عليها أوكرانيا. وقالت وكالة المراقبة إن أعداد الضحايا كانت أعلى حتى الآن في عام 2025 مقارنة بعام 2024.
ولا يوجد لدى الولايات المتحدة أي مؤشر على أن توقّف تبادل المعلومات الاستخبارية كان له تأثير مباشر في الهجمات الروسية، وفقاً للمسؤول الأميركي والمسؤول الإداري،
وقالا إن هذه الهجمات الكبيرة خُطِّط لها على الأرجح قبل توقف المعلومات الاستخبارية والمساعدات.
ويمارس الجمهوريون في الكونغرس ضغوطاً على البيت الأبيض لاستئناف المساعدات والاستخبارات.
وقال المسؤولان إنهما متفائلان بإمكانية استئناف تدفق الأسلحة والمعدات وتبادل المعلومات الاستخبارية في وقت مبكر من الأسبوع المقبل، خاصة بعدما أعلن زيلينسكي أن أوكرانيا "مستعدة للجلوس إلى طاولة المفاوضات في أقرب وقت ممكن".
كما قال الرئيس الأوكراني إنه وفريقه "مستعدون للعمل تحت القيادة القوية للرئيس ترامب لتحقيق سلام دائم".
وأعلن المسؤولون أن الولايات المتحدة لا تزال تتقاسم المعلومات الاستخبارية الدفاعية مع أوكرانيا -أي المعلومات التي تساعد أوكرانيا في الدفاع عن نفسها ضد الهجمات- موضحين أن الولايات المتحدة لا تزال ملزمة بتحذير أوكرانيا.
ولكنهم لا يقدمون معلومات الاستهداف ضد الأهداف الروسية. وهذا يعني أن الولايات المتحدة تستطيع تحذير أوكرانيا عندما تظهر المعلومات الاستخبارية أن الروس يستعدون لشنّ هجوم، ولكنها لم تعد قادرة على تزويد أوكرانيا بإحداثيات الاستهداف لضربها أولاً.
وزودت الولايات المتحدة أوكرانيا بمعلومات الاستهداف والصور الملتقطة عبر الأقمار الاصطناعية والإشارات الاستخبارية على مدى أغلب السنوات الثلاث الماضية.
والآن يعمل الحلفاء الأوروبيون على سد بعض الفجوات، ولكن الافتقار إلى المعلومات الاستخبارية الأميركية يؤثر بالفعل على أوكرانيا كل يوم، وفقاً لمسؤول غربي. وأضاف المسؤول "كل يوم يضر بأوكرانيا، وكل يوم يمنح روسيا موقفاً أكثر ملاءمة".
لا محادثات روسية أميركية في الرياض
وفي السياق، نفى الناطق الرسمي باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، ما ذكرته شبكة "سي أن أن" الأميركية حول انعقاد محادثات روسية أميركية رفيعة المستوى في السعودية هذا الأسبوع، بعد مباحثات الوفدين الأميركي والأوكراني المقرر عقدها في المملكة يوم غد الثلاثاء.
وفي وقت سابق من اليوم، نفت المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، هي الأخرى انعقاد جولة جديدة من المحادثات الروسية الأميركية في السعودية، قائلة في تصريح لصحيفة "إر بي كا" الروسية: "لم نتلق أي معلومات من الجانب الأميركي".
يذكر أن الاتصالات الروسية الأميركية شهدت كثافة كبيرة في الأسابيع الأخيرة، إذ احتضنت مدينة إسطنبول التركية، يوم الخميس قبل الماضي، مشاورات رفيعة شارك فيها السفير الروسي المكلف لدى الولايات المتحدة ألكسندر دارتشييف، ونائبة مساعد وزير الخارجية لشؤون روسيا ووسط أوروبا سوناتا كولتر.
وقبل ذلك بنحو أسبوع فقط انعقدت جولة أخرى من المحادثات رفيعة المستوى في الرياض، بمشاركة وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ونظيره الأميركي ماركو روبيو، وهو ما يعد أول لقاء على هذا المستوى منذ أكثر من ثلاث سنوات.