
جولة خامسة من المفاوضات الأميركية الإيرانية في روما
الرأي الثالث - وكالات
تُعقد، اليوم الجمعة، في إيطاليا، الجولة الخامسة من المحادثات بين إيران والولايات المتحدة حول البرنامج النووي لطهران بوساطة عُمانية، وذلك في ظل بروز خلافات حول مسألة تخصيب اليورانيوم.
ويأتي هذا بعدما عقدت أميركا وإيران أربع جولات من المفاوضات بوساطة عُمانية.
ووصل وزير الخارجية الإيراني إلى روما صباح اليوم الجمعة، برفقة نائبه للشؤون السياسية المفاوض مجيد تخت روانجي ونائبه للشؤون القانونية والدولية كاظم غريب أبادي والمتحدث باسم وزارة الخارجية إسماعيل بقائي وعدد آخر من الدبلوماسيين والخبراء الإيرانيين.
ومن المقرر أن يجري عراقجي مباحثات مع نظيره العُماني بدر البوسعيدي قبيل بدء المفاوضات مع المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف.
وقد ذكرت وكالة إرنا الإيرانية الرسمية أن المفاوضات الإيرانية الأميركية الجديدة ستبدأ في الساعة الواحدة ظهراً بتوقيت طهران.
وعلى غرار جولات التفاوض السابقة، استبقت الإدارة الأميركية الجولة الخامسة بفرض عقوبات جديدة على إيران، أمس الخميس، استهدفت أفراداً وكيانات ممن تزود إيران بمواد معينة متعلقة بالبناء.
وتأتي هذه الجولة في ظل خلافات بين البلدين حول مسألة تخصيب اليورانيوم الشائكة.
ويوم الأحد، اعتبر الموفد الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، الذي يمثّل واشنطن في المحادثات، أن الولايات المتحدة "لا يمكنها السماح حتى بنسبة واحد في المئة من قدرة التخصيب".
إلا أن طهران التي تتمسّك بحقّها ببرنامج نووي لأغراض مدنية ترفض هذا الشرط مشددّة على أنه يخالف الاتفاق الدولي المبرم معها.
من جانبها، الإدارة الأميركية حرصت في الأيام الأخيرة على إبداء التفاؤل وإن بتحفظ. فهي "ما كانت لتنعقد لو لم يكن في اعتقادنا أنها تنطوي على احتمال تحقيق تقدم بشأنها"، كما قالت المتحدثة في وزارة الخارجية تامي بروس، الخميس.
ويبدو أن هذا الاحتمال المفترض مبني على أساس أن تراجع الإدارة عن مطلب "تفكيك" المشروع الإيراني من شأنه أن يساهم في توسيع دائرة الحلحلة في المفاوضات ولو أنها استبدلته بشرط "وقف التخصيب".
لكن الفرضية لا تستقيم، لأن الوقف التام للتخصيب هو عمليا تفكيك مؤجل.
في مقابلته الشاملة مع شبكة أن بي سي في برنامج "لقاء مع الصحافة" في الرابع من مايو/أيار الجاري، قال الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إنه لن يقبل بأقل من "التفكيك الكامل" للمشروع النووي الإيراني،
مؤكداً أكثر من مرة هذا الشرط. في يوم 11 مايو/أيار الجاري عقدت الجولة الرابعة في مسقط وكان واضحا من تقييمات المتفاوضين والمراقبين، أنها انتهت إلى طريق مسدود.
والأرجح أنها بلغت هذه النهاية بعد اصطدامها بهذا الشرط. على الأثر، نسب إلى مصادر المبعوث ستيف ويتكوف قولها إنه إذا لم تأت إيران بأفكار جديدة فإن الجولة اللاحقة "قد لا تعقد".
بعدها طرحت الإدارة على طهران عرضا وطلبت الرد عليه قبيل اللقاء القادم. بالترافق مع هذا الطرح، بدأ ويتكوف يتحدث عن شرط "الصفر تخصيب" في أي اتفاق جديد.
كرر ذلك في أكثر من مقابلة مع التشديد على تمسك الإدارة بهذا المطلب الذي صار بمثابة "الخط الأحمر" في هذا المجال. "حتى 1% تخصيباً لن نسمح به"، كما قال.
والثلاثاء الماضي، ردد الوزير ماركو روبيو، المعزوفة نفسها أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ. قال إن "الإدارة مصرة على وقف إيران التام للتخصيب".
الرئيس ترامب أكد هو الآخر هذا الحظر، مع أنه ترك موضوع "التفكيك" معلقاً حينما قال خلال زيارته الخليجية إن إدارته "لم تتخذ مثل هذا القرار بعد".
لكن في الواقع كان قد جرى تجاوزه على أساس أن التمسك به يقطع الطريق على الصفقة التي يسعى إليها الرئيس ترامب والتي يبدو أنها "تمضي في المسار الصحيح لأن الرئيس يريد التوصل إلى اتفاق" كما قالت المتحدثة في البيت الأبيض.
ويأتي تأكيدها هذا في أعقاب ما نقلته معلومات إسرائيلية قبل يومين بأن حكومة نتنياهو "تعدّ لضربة عسكرية تستهدف مواقع نووية إيرانية".
واضح من التوقيت أن إسرائيل، لو صح الخبر، تنوي التخريب على اتفاق بات قريب المنال. الرئيس ترامب تحدث عن الاتفاق المحتمل، خلال مكالمة هاتفية أجراها، الخميس، مع نتنياهو لتقديم التعازي بمقتل اثنين من طاقم السفارة الإسرائيلية في واشنطن.
وتردد أن الرئيس ترامب وافق على طلب نتنياهو بضرورة توفير "الضمان" لعدم حصول إيران على السلاح النووي. مع ذلك "احتفظ نتنياهو بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد من يريد إزالتها".
احتفاظه بهذه الورقة يحظى بتفهم ترامب الذي وضع معادلة جديدة في العلاقة مع إسرائيل تقوم على "الفصل بين المصالح الحصرية للجانبين وترك التصرف بها لصاحب الشأن مع الالتزام بالشراكة في القضايا الاستراتيجية" وفق إحدى القراءات للتباينات التي ظهرت بين الرئيس وإسرائيل في أكثر من مسألة مثل الاتفاق مع الحوثيين والتفاوض مع إيران ومع حماس.
الآن السؤال يدور حول ما إذا كان بإمكان الفريق الأميركي المفاوض حل مشكلة التخصيب مع الجانب الإيراني. تصريحات الرئيس الإيراني أمس، لا ترجح هذا الاحتمال.
صفر تخصيب يعني إحالة أجهزة الطرد المركزي على التقاعد وبالتالي على تفكيك محتوم في نهاية المطاف. احتمال يستبعده أكثر من مراقب ولو أن ضغوط الجمهوريين والمحافظين خاصة في الكونغرس لا تكف عن المطالبة بمثل هذه النهاية للنووي الإيراني.
وربما من هنا كلام الإدارة عن "اتفاق أقوى" من صفقة 2015، أي اتفاق يحدد مقدار التخصيب، من باب أنه ليس في الإمكان أفضل مما كان.
والمعروف عن الرئيس ترامب أنه في بداية المساومة يرفع السقف، ثم يهرع إلى خفضه في اللحظة المناسبة مع الإسراع في ذات الوقت إلى إعلان النجاح في عقد الصفقة.
يأتي ذلك بعدما نقلت شبكة "سي أن أن" الأميركية، الثلاثاء، عن عدد من المسؤولين الأميركيين المطلعين على أحدث المعلومات الاستخبارية قولهم إن الولايات المتحدة حصلت على معلومات جديدة تشير إلى أنّ إسرائيل تستعد لضرب المنشآت النووية الإيرانية، في الوقت الذي تسعى فيه إدارة دونالد ترامب للتوصل إلى اتفاق دبلوماسي مع طهران.
من جانبه، حذر عراقجي، الخميس، من أنّ إيران ستحمّل الولايات المتحدة مسؤولية أي هجوم إسرائيلي على منشآتها النووية، في حين هدّد الحرس الثوري الإيراني بأنّ إسرائيل ستتعرّض "لردّ مدمّر وحاسم" إذا هاجمت إيران.
وأكدت الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، اليوم الجمعة، أنها سترد بـ"حزم واقتدار" على أي اعتداء على إيران، مضيفة أن "أي عمل شيطاني أميركي في المنطقة سيؤدي إلى مصير مماثل لما حصل في فيتنام وأفغانستان"، وفق التلفزيون الإيراني.
وخاطبت الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، الرئيس الأميركي، واصفة إياه بـ"الوقح"، ودعته إلى النظر إلى ما سمته "تاريخ الشعب الإيراني الباسل المملوء بالبطولات والملاحم العظيمة".