
البرلمان اللبناني يناقش سياسات الحكومة غداً والأنظار نحو سلاح حزب الله
الرأي الثالث - رويترز
تتجه الأنظار في لبنان، يوم غدٍ الثلاثاء، إلى الجلسة النيابية العامة المخصّصة لمناقشة سياسات الحكومة، والتي دعا إليها رئيس البرلمان نبيه بري، في ظلّ الأصوات التي خرجت تطالب بوضع سلاح حزب الله وورقة مقترحات الموفد الأميركي توماس برّاك على طاولة النقاش، من دون حصر هذه الملفات المصيرية بين الرئاسات الثلاث.
ومن المتوقع أن يتصدّر ملف سلاح حزب الله ومواقف برّاك النقاش غداً، وأن يكون محتدماً ومليئاً بالمزايدات، خصوصاً أن الجلسة ستكون علنية، وقد خرجت في الأيام الماضية مواقف حادة عالية النبرة من بعض الأحزاب والقوى السياسية،
على رأسها حزب القوات اللبنانية (برئاسة سمير جعجع) تجاه سياسة الحكومة، واعتراضه أولاً على طريقة تعاطي رئيسها نواف سلام مع هذا الاستحقاق، وقد لوّح باستقالة وزرائه في حال لم تُحلّ مسألة السلاح، وذلك إلى جانب انتقاده طريقة التعاطي مع ملف التعيينات،
علماً أن ملفات عدة من المرتقب أيضاً طرحها كملف اللاجئين السوريين والعلاقات مع سورية وقانون اقتراع المغتربين وإعادة الإعمار وغيرها.
وتعترض أحزاب لبنانية خصوصاً المعارضة لحزب الله، ضمنها "القوات اللبنانية"، على طريقة تعاطي العهد الجديد، من رئاستَي الجمهورية والحكومة، مع ملف السلاح والتأخير والمماطلة في حلّه، لا سيّما في ظلّ الضغوط الخارجية، وتطالب بضرورة التسريع في إنهاء هذه الأزمة، والاستفادة من الفرصة المتاحة أمام لبنان اليوم.
وسجّل هؤلاء اعتراضهم على طريقة تعاطي لبنان مع مقترحات برّاك واقتصار التفاوض بشأنها بين الرئاسات الثلاث حصراً من دون عقد جلسة وزارية حولها أو عرضها على مجلس النواب لمناقشتها، في حين أن مصير لبنان معلّق عليها.
وأشار جعجع في تصريحات له إلى أن "ما يحصل حالياً وكأنّ لا سلطة في لبنان ولا قرار ولا سيادة، ثمّة نافذة مفتوحة يجب عدم إضاعتها"، معتبراً أن "على الدولة اللبنانية أن تتصرف بصفتها دولة، وأن تفي بتعهداتها أمام المجتمع الدولي، وأمام اللبنانيين على وجه الخصوص"،
مشيراً إلى أن "عون يخاف أكثر من اللزوم من الحرب الأهلية، لكن أي حرب أهلية إذا كانت الدولة تريد تطبيق القوانين والدستور والاتفاقيات التي التزمت بها؟"
وتوقف جعجع عند تصريح الموفد الأميركي توماس برّاك لصحيفة "ذا ناشيونال" قائلاً إنّ "السياسة الدولية لا تتحمّل الفراغ، وأي دولة تعجز عن ترتيب أوضاعها وإعادة الانتظام لدستورها ومؤسساتها وأعمالها بوصفها دولة فعلية، ستكون خارج السباق وعلى هامش التاريخ"،
مضيفاً "إذا استمرت السلطة، ومن خلالها الحكومة اللبنانية، في ترددها وتباطؤ قراراتها وتثاقل خطواتها في ما يتعلق بقيام دولة فعلية في لبنان، فإنها ستتحمّل مسؤولية أن يعود لبنان الوطن والدولة في مهبّ الريح من جديد".
ولاقت مواقف برّاك الأخيرة حول عودة لبنان إلى بلاد الشام في حال لم يتحرّك، والتي عاد وأوضح مقصده منها، ردود فعل معترضة من بعض النواب، منهم النائب ياسين ياسين، الذي قال اليوم الاثنين إنه "رغم فداحة تصريح برّاك الذي يُشكّل إهانة صريحة للسيادة والكرامة الوطنية،
لم نسمع حتى الآن أي موقف أو ردّ رسمي من الحكومة اللبنانية ولا من وزارة الخارجية"، وسأل "هل أصبح الصمت هو اللغة الرسمية في مواجهة الإهانات؟ هل تحوّل التماهي مع الخارج إلى سياسة مُعتمدة؟ أين هو الحد الأدنى من الكرامة الوطنية؟"
وشدّد على أن "لبنان ليس كياناً فائضاً عن الحاجة، وليس ساحة مستباحة للمشاريع الأجنبية. ومن يظن أن وصايته على هذا البلد أمرٌ محسوم، فهو واهمٌ، كما نرفض تهديدات الخارج، نرفض أيضاً تواطؤ الداخل أو تخاذله. السيادة ليست شعاراً نرفعه في الخطابات، إنها معركة يومية، ولا مجال فيها للمجاملات أو الصفقات".
من جهتها، قالت النائبة حليمة القعقور: "إننا نرفض قطعاً تصريح المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص بحق لبنان دولةً وشعباً. ونردّ عليه بأننا رفضنا وصاية "سورية - إيران وروسيا"، فكيف نقبل اليوم بوصاية "سورية - أميركا" تحت التهديد أو الابتزاز؟".
في هذا الإطار، قالت مصادر رسمية لبنانية إنّ "الحكومة تقوم بدورها لناحية الالتزام بتعهداتها لا سيّما على صعيد حصر السلاح بيد الدولة، ولكن هذا الملف لا يُحلّ بكبسة زرّ، أو بالقوة، وهذا موقف عبّر عنه لبنان الرسمي، ولكن هناك بعض القوى السياسية تريد حلّ موضوع السلاح في يوم واحد،
وكأنها لا تعرف طبيعة لبنان ولا ظروفه ولا الهواجس الموجودة التي عبّر عنها المسؤولون اللبنانيون خلال لقائهم الموفد الأميركي توماس برّاك".
وأشارت المصادر إلى أن "الحكومة ملتزمة بحصرية السلاح وبسط سلطة الدولة اللبنانية بقواها الذاتية على أراضيها واستعادة قرار الحرب والسلم، وهي ماضية بهذا الاتجاه،
وهو ما أكدته في الجواب على المقترح الأميركي إلى جانب ضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية، ووقف العمليات العدائية، والإفراج عن الأسرى اللبنانيين لدى إسرائيل، وبدء عملية إعادة الإعمار، وهذه مواقف علنية، ومسلّمات أساسية"،
مؤكدة الانفتاح على وضع كل الملفات على الطاولة ومناقشتها من خلال مجلس النواب.
على صعيدٍ ثانٍ، أكد رئيس الجمهورية جوزاف عون أن "وحدة الأراضي اللبنانية ثابتة وطنية كرَّسها الدستور ويحميها الجيش اللبناني وإرادة اللبنانيين الذين قدَّموا التضحيات على مر السنين للمحافظة عليها".
وقال: "لقد أقسمت اليمين بعد انتخابي رئيساً للجمهورية على المحافظة على استقلال الوطن وسلامة أراضيه، ويخطئ من يظن أن من أقسم مرتين على الدفاع عن لبنان الواحد الموحَّد يمكن أن ينكث بقسمه لأي سبب كان أو يقبل بأي طروحات مماثلة".
وأشار عون إلى أن "قرار حصرية السلاح بيد الدولة اتخذ، وذلك استناداً إلى اتفاق الطائف. وهذا الأمر إلى جانب قرار السلم والحرب بيد الدولة هما من المكونات الأساسية لأي دولة ومن المبادئ الأساسية".
وأضاف: "التحديات كبيرة حولنا، كما أن الفرص كبيرة، وعلينا، نحن اللبنانيين، من خلال قدرة الإبداع التي لدينا وإرادتنا الصلبة، أن نعرف كيف نستغل الفرص لمصلحة لبنان".
وكشف عون أن هدف زياراته إلى العديد من الدول هو إعادة مدّ الجسور بين لبنان والعالم. كلام رئيس الجمهورية جاء خلال لقاءين اقتصاديين، حيث التقى وفد مجلس نقابة المؤسسات السياحية البحرية في لبنان برئاسة جان البيروتي، ووفد مجلس إدارة مصرف الإسكان برئاسة أنطوان حبيب.
الكويت تؤكد دعمها للبنان وتدعو لتعزيز التعاون الأمني
أكد النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الكويتي، الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، اليوم الاثنين، دعم بلاده للبنان في مختلف المجالات، ولا سيما في المجال الأمني، مشدداً على حرص الكويت على استقرار لبنان وسلامته.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقده الصباح، عقب لقائه الرئيس اللبناني العماد جوزف عون، في قصر الرئاسة شرق بيروت، حيث شدد على أهمية تفعيل اللجنة العليا اللبنانية–الكويتية، لبحث سبل دعم لبنان في المرحلة الراهنة.
وفي معرض رده على سؤال حول حزب الله ودوره، بعد إدراجه على لوائح الإرهاب من قبل محكمة التمييز الكويتية، أكد الصباح أن بلاده "لن تسمح بأي تجاوز من أي فرد أو جهة تخل باستقرار الكويت"، مؤكداً أن "حزب الله خط أحمر".
وتأتي زيارة الوزير الكويتي إلى بيروت في إطار زيارته الرسمية التي بدأها أمس الأحد، والتي يلتقي خلالها كبار المسؤولين اللبنانيين، ومن بينهم رئيسا مجلس النواب نبيه بري، والحكومة نواف سلام.
من جهته، أعرب الرئيس اللبناني جوزف عون عن تقديره للدعم الكويتي المتواصل، مؤكداً أن العلاقات الأخوية بين البلدين "تزداد رسوخاً"، مشيراً إلى أهمية تعزيز التعاون الأمني، خاصة في مكافحة تهريب المخدرات والتحديات المشتركة.
وتأتي هذه الزيارة في سياق تطور إيجابي تشهده العلاقات الكويتية اللبنانية خلال العام الأخير، لا سيما بعد إعلان أمير الكويت، في مايو الماضي، رفع التمثيل الدبلوماسي مع لبنان، في خطوة تعكس رغبة متبادلة في تجاوز الفتور الذي شاب العلاقات مؤخراً.